تدخل المعارك في منطقة كورسك الروسية يومها السادس، في محاولة صد أكبر هجوم أوكراني على أراض واقعة تحت السيادة الروسية، وسط محاولات موسكو لإجلاء المدنيين من المناطق المعرضة للخطر، فيما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن كييف تسعى إلى "نقل الحرب" داخل روسيا، من أجل "استعادة العدالة".
وفي آخر التطورات الميدانية، قالت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، إن وحدات الدفاع الجوي دمرت 14 طائرة مسيّرة و4 صواريخ باليستية تكتيكية من طراز "توشكا-يو" أطلقتها أوكرانيا فوق كورسك.
وقبل ساعات، أفاد أليكسي سميرنوف، القائم بأعمال حاكم كورسك، بأن 13 شخصاً على الأقل أصيبوا بجروح في المدينة، بعد سقوط حطام صاروخ أطلقته أوكرانيا على مبنى سكني من 9 طوابق، بينهم 2 في حالة خطرة.
بدوره، ذكر إيجور كوتساك رئيس بلدية كورسك، أنه سيتم نقل سكان المبنى إلى مراكز إيواء مؤقتة. وأضاف أن التحذيرات من الهجمات الجوية تشمل المدينة بأكملها.
وبالدخول إلى العمق الروسي، ذكر حاكم منطقة فورونيج (جنوب غرب)، إن حطام طائرة مسيرة أطلقتها أوكرانيا ألحق أضراراً بمبنى إداري ومنشأة خدمات في مدينة فورونيج.
وكتب الحاكم، ألكسندر جوسيف، عبر تطبيق تليجرام، أنه لم تقع إصابات جراء ذلك.
وتوغلت القوات الأوكرانية عبر الحدود الروسية في ساعة مبكرة من الثلاثاء الماضي، واقتحمت بعض الأجزاء الغربية من منطقة كورسك الروسية، في هجوم مفاجئ.
ودفع الهجوم الأوكراني البعض في موسكو إلى التساؤل عن سبب تمكن القوات الأوكرانية من اختراق منطقة كورسك بسهولة، بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحرب.
"استعادة العدالة"
في المقابل، أقر زيلينسكي للمرة الأولى، السبت، بأن القوات الأوكرانية تقاتل في كورسك، معتبراً أن هجوم كييف جزء من الحملة التي تهدف إلى"استعادة العدالة" بعد الغزو الروسي في 2022.
وأشار زيلينسكي، إلى أنه ناقش مع قائد الجيش أوليكساندر سيرسكي "العملية"، بالإضافة إلى المعارك التي تواجهها قواته على الجبهة الشرقية.
ورجحت CNN أن هذا الهجوم، ربما لديه أهداف استراتيجية أكبر، خصوصاً وأن مدينة سودجا الروسية (في كورسك) التي تخضع للسيطرة الأوكرانية، تقع بالقرب من محطة غاز روسية على الحدود مباشرة، إذ تعتبر آخر نقطة شحن تعمل حالياً لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
وتشير تقارير إلى أن هذه الترتيبات المتعلقة بنقل الغاز ستنتهي في يناير المقبل، وربما تكون هذه محاولة لوقف مصدر تمويل مربح لموسكو، طالما أثار غضب كييف منذ اندلاع الغزو الروسي ضدها في أوائل عام 2022.
وكان زيلينسكي قد ألمح سابقاً إلى التوغل داخل الأراضي الروسية، مشيداً بقدرة الجيش على "المفاجأة" كما شكرهم على أسر جنود روس حتى يتمكن من استخدامهم كورقة ضغط في المفاوضات المستقبلية.
وتنفي كل من كييف وموسكو استهداف المدنيين في هجماتهما في الحرب التي حصدت حتى الآن أرواح آلاف الأشخاص من الطرفين ولا تلوح في الأفق نهاية لها.
ردع الهجوم الأوكراني
بدورها، ذكرت وكالة "تاس" الروسية، نقلاً عن وزارة الطوارئ المحلية، أن أكثر من 76 ألف شخص، جرى إجلاؤهم من مناطق متاخمة لأوكرانيا في منطقة كورسك.
وذكرت وكالة "رويترز"، نقلاً عن مدونين عسكريين روس، بأن وحدات عسكرية أوكرانية تحركت سريعاً بدعم من أسراب الطائرات المسيرة، ونيران المدفعية الثقيلة، للسيطرة على جزء صغير من الأراضي الروسية الغربية بجانب الحدود، بينما توغلت وحدات أخرى على نحو أعمق في الأراضي الروسية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن "القوات المسلحة تواصل التصدي لمحاولة غزو القوات المسلحة الأوكرانية"، مضيفةً أن معارك ضارية تركزت حول مالايا لوكنيا وأولجوفكا وإيفاشكوفسكوي، وهي تجمعات سكنية تقع على بعد يتراوح بين 10 كيلومترات و20 كيلومتراً داخل روسيا.
وفي إشارة إلى خطورة الوضع، فرضت روسيا نظاماً أمنياً شاملاً في 3 مناطق حدودية السبت، بينما قالت بيلاروس، إنها "صدت هجوماً كبيراً بالطائرات المسيرة من أوكرانيا".
ووصف الرئيس فلاديمير بوتين الهجوم الأوكراني بأنه "استفزاز كبير".
أرسلت روسيا تعزيزات عسكرية لمواجهة القوات الأوكرانية في معركة مستمرة بمنطقة كورسك الغربية، وهي أول توغل أجنبي على أراضيها منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، السبت الماضي، إن الدبابات وصلت و"اتخذت مواقع إطلاق النار" ضد القوات الأوكرانية، التي تعد عمليتها عبر الحدود المفاجئة أكبر هجوم على روسيا منذ أمر الرئيس فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا عام 2022.
وأعلنت أجهزة الأمن الروسية فرض نظام "مكافحة الإرهاب" في كورسك ومنطقتي بيلجورود وبريانسك الحدوديتين المجاورتين، السبت، والذي يسمح بفرض قيود على الحركة. وقالت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب إن ذلك كان رداً على "المحاولة غير المسبوقة لأوكرانيا لزعزعة استقرار الوضع" في البلاد.