كشفت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، الجمعة، عن "أجندة اقتصادية شعبوية"، إذ اقترحت خطة جديدة لخفض الضرائب لصالح ما يزيد عن 100 مليون أميركي ينتمون للطبقة الوسطى، وذوي الدخول المنخفضة، في الوقت الذي تصيغ فيه التفاصيل النهائية لخطتها، بعد إعلانها رسمياً مرشحة عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وعرضت المرشحة الديمقراطية ملامح برنامجها الاقتصادي، الذي يتضمن "تدابير تهدف إلى جعل تكاليف السكن، ومواد البقالة، والرعاية الصحية وتربية الأطفال، في متناول الجميع"، وذلك خلال الخطاب الذي ألقته في ولاية نورث كارولاينا المتأرجحة، وفق ما أوردته شبكة CNN.
يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه المرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى إلقاء اللوم على هاريس في أزمة التضخم التي اندلعت منذ توليها والرئيس جو بايدن منصبيهما.
وتعتمد مقترحات هاريس، بدرجة كبيرة على برنامج جو بايدن من حيث "تنشيط أو توسيع الإجراءات المؤقتة التي سنها الديمقراطيون في الكونجرس في حزم رئيسية" عندما كان الحزب يفرض سيطرته على الكونجرس خلال أول عامين من ولاية بايدن، وقالت كامالا إنها ستعتمد على "أسس التقدم الاقتصادي الذي حققته إدارة بايدن".
وأضافت: "رغم ذلك، فإننا نعلم أن العديد من الأميركيين لا يزالون لا يشعرون بهذا التقدم في حياتهم اليومية، فالتكاليف لا تزال مرتفعة للغاية، وعلى مستوى أعمق، بالنسبة للعديد من الناس، بغض النظر عن مقدار عملهم، يبدو من الصعب للغاية أن يكونوا قادرين على المضي قدماً".
وقالت إن الهدف المحدِد لرئاستها" يتمثل في بناء ما سمته "اقتصاد الفرصة" للطبقة الوسطى، كما تعهدت بـ"كبح جماح ارتفاع أسعار السلع" من قبيل مواد البقالة، و"مواجهة التلاعب بالأسعار".
وتابعت: "كرئيسة، سأتصدى لارتفاع التكاليف الذي يهم أكثر الأميركيين.. أعرف أن معظم الشركات توفر فرص عمل، وتساهم في اقتصادنا، وتلتزم بالقواعد، ولكن بعضها ليس كذلك، وهذا ليس صحيحاً، ومن ثم فإننا بحاجة إلى اتخاذ إجراء ما عندما يكون ذلك هو الحال".
حماية ودعم الطبقة الوسطى
ووفق CNN، فإن هاريس تسعى إلى الترويج لـ"سلسلة شاملة، ومكثفة من المقترحات التقدمية التي تنطوي على رسالة أكثر تطلعاً" من حيث تعهدها بـ"دعم الطبقة الوسطى، والتصدي للشركات الكبيرة" التي تقول إنها "تتحمل مسؤولية ارتفاع التكاليف".
ويأتي إعلان المرشحة الديمقراطية عن أجندتها الاقتصادية قبل أيام من اجتماع الديمقراطيين في شيكاغو لعقد مؤتمر الحزب، حيث سيسعون إلى "إبراز الفوارق والتناقضات" بين رؤية هاريس، وسجل ترمب الاقتصادي.
واستهدفت هاريس، الجمعة، مقترحات ترمب الاقتصادية، وبخاصة دعواته إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 10% إلى 20% على السلع المستوردة، وهي التكاليف التي قال الخبراء إن الشركات ستمررها إلى المستهلكين عن طريق رفع الأسعار.
وقالت نائبة الرئيس إن مقترحات ترمب من شأنها أن "تدمر الطبقة الوسطى، وتعاقب العمال، وترفع تكاليف المعيشة على ملايين الأميركيين"، حسبما أوردت CNN.
ولفتت الشبكة الإخبارية الأميركية إلى أن مقترحات هاريس الجديدة "ستتطلب موافقة الكونجرس دون أن تحدد كيف ستدفع مقابل قائمة رغباتها المكلفة، في وقت يرتفع فيه الدين الفيدرالي بوتيرة متسارعة".
وقال أشخاص مطلعون لـ CNN، إن هذه التفاصيل ستتضح لاحقاً، إذ يخطط فريق هاريس، لتدشين سلسلة من عمليات نشر السياسات الاقتصادية المرتكزة على موضوعات محددة.
وستعيد خطة هاريس التوسع الشعبي للائتمان الضريبي للأطفال، القائم على خطة الإنقاذ الأميركية، بما يصل إلى 3600 دولار بدلا من 2000 دولار، وستدعو إلى تحويله إلى منحة دائمة.
كما سيضيف هذا المقترح ائتماناً ضريبياً جديداً للأطفال، يصل إلى 6000 دولار لأسر الطبقة الوسطى، ومنخفضة الدخل التي لديها أطفال في العام الأول من أعمارهم.
وأشارت حملة هاريس إلى أن هذا البند سيتم تطبيقه عندما تصل نفقات الأسرة، على أَسِرًة الأطفال والحفاضات ومقاعد السيارة وغيرها من المستلزمات من هذا النوع، إلى أعلى مستوياتها، وعندما يضطر العديد من الآباء والأمهات إلى الحصول على إجازات من وظائفهم.
كما ستعمل سياسة هاريس الاقتصادية على توسيع الائتمان الضريبي على الدخل المكتسب، المعروف باسم "EITC"، لتزويد العاملين في الخطوط الأمامية الذين ليس لديهم أطفال معالين بتخفيض ضريبي يصل إلى 1500 دولار.
وعززت خطة الإنقاذ الأميركية الحد الأقصى للائتمان، المتاح للعمال في الوظائف ذات الدخل المنخفض، إلى هذا المبلغ تقريباً، ولكن تعزيز الائتمان الضريبي على الدخل المكتسب "EITC" لم يدخل حيز التنفيذ إلا في عام 2021.
هاريس ومقترح تخفيض الضرائب
وتدعو حزمة نائبة الرئيس إلى "تمديد الإعانات المميزة لقانون الرعاية الميسرة الأكثر سخاء"، والتي من المقرر أن تنتهي في نهاية عام 2025، وقد ساعد هذا التعزيز، الذي أصبح متاحاً من خلال خطة الإنقاذ الأميركية، وتم تمديده بموجب قانون الحد من التضخم، ولم تحدد خطة هاريس المقترحة "المدة التي ستظل خلالها هذه البنود المكلفة سارية المفعول".
ويأتي مقترح هاريس لتخفيض الضرائب في الوقت الذي تواجه فيه هجمات مستمرة من حملة ترمب، وبخاصة من قبل المرشح الجمهوري على منصب نائب الرئيس، جي دي فانس، لكونها "مناهضة للأسرة"، على حد زعمه.
وأخبر فانس شبكة CBS News، خلال نهاية الأسبوع، أنه يريد زيادة الائتمان الضريبي للطفل إلى "5000 دولار للطفل الواحد"، فيما أدى قانون التخفيضات الضريبية والوظائف، الذي أقره دونالد ترمب في عام 2017، إلى مضاعفة الائتمان الضريبي للطفل إلى 2000 دولار المعمول بها حالياً، برغم أن هذا التعزيز سينتهي بنهاية العام المقبل، إلى جانب الأحكام الأخرى لضريبة الدخل الفردي التي ينص عليها القانون.
وانتقدت حملة هاريس بشدة أجندة ترمب الاقتصادية خلال مساعيها لإبراز التناقضات الصارخة، مؤكدة أنه "يسعى من أجل تنفيذ وعد يمنح من خلاله إعفاءً ضريبياً لملياردير آخر من أصدقائه فاحشي الثراء"، إذ ستمنح خطة الرئيس السابق، وفق حملة هاريس، "المليارديرات إعانة ضريبية بقيمة 3.5 مليون دولار على أساس سنوي، وتمنح الشركات الكبرى استثناءات بقيمة 1.5 تريليون دولار، وتجعل من السهل على المتهربين من الضرائب الأغنياء، تجنب دفع الضرائب المستحقة عليهم".