"حبل سياسي مشدود".. هاريس تنأى بنفسها عن إرث بايدن بشأن حرب غزة

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بعد إعلان قبولها ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة. 22 أغسطس 2024 - Reuters
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بعد إعلان قبولها ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة. 22 أغسطس 2024 - Reuters
دبي -الشرق

في خضم انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي بشيكاجو، وجدت المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس نفسها في "موقف دقيق"، سعت فيه للحفاظ على تماسك الحزب في مواجهة انقسامات عميقة بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفق مجلة "بوليتيكو".

وأشارت المجلة الأميركية، إلى أن حملة هاريس تمكنت خلال المؤتمر، من توجيه دفة النقاش بعيداً عن هذه القضية، وبالكاد تحدث الديمقراطيون عن الحرب ضد غزة على المنصة خلال الفعاليات، كما أعلن أبرز منتقدي إسرائيل، دعمهم لنائبة الرئيس، حتى أن الاحتجاجات المعارضة للحرب التي كان يخشى البعض في الحزب، أن تعكر صفو احتفالهم الصيفي، تلاشت وظهرت بشكل أصغر من المتوقع.

وتجنبت هاريس، خلال الأيام الثلاث الأولى من المؤتمر، الحديث بشأن قطاع غزة، وهي القضية التي كانت تكشف "انقسامات عميقة" داخل الحزب، بحسب "بوليتيكو"، لكنها أشارت إلى القضية في خطابها الختامي الذي أعلنت فيه قبلوها ترشيح الحزب، لافتة إلى أنها تعمل مع الرئيس جو بايدن على إبرام اتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس" ينهي الحرب الدائرة من 10 أشهر.

وقالت هاريس في خطابها، إنه "حان الوقت لإبرام اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار"، وأضافت: "سأدافع دوماً عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأضمن أن لها القدرة على الدفاع عن نفسها، لأن إسرائيل لا يمكن أن تواجه مجدداً الإرهاب الذي ارتكبته حماس والعنف الجنسي"، على حد وصفها.

واعتبرت "بوليتيكو"، أنه أصبح من الواضح خلال المؤتمر، أن هاريس "لن تدفع نفس الثمن الانتخابي" بسبب الحرب في الشرق الأوسط، الذي دفعه الرئيس الأميركي بايدن، عندما كان مرشحاً، لافتة إلى أن الديمقراطيين "باتوا يبذلون قصارى جهدهم لتجنب واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام"، التي تواجه حزبهم بعد أن تخلصوا من هذا العبء بعد انسحاب الرئيس من السباق الرئاسي.

وذكرت المجلة، أن هاريس عملت كعضوة مخلصة في إدارة بايدن في الوقت الذي وافقت فيه على مبيعات أسلحة بمليارات الدولارات لإسرائيل، كما يؤكد مساعدوها أنها، مثل بايدن، تؤمن بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ولا تدعم حظر إرسال الأسلحة إليها، ولكن كبار التقدميين وغيرهم من القادة المؤيدين للفلسطينيين الذين تواجدوا في المؤتمر الوطني بشيكاجو، أكدوا في العديد من المقابلات التي أجرتها "بوليتيكو" معهم أنهم يتوقعون أن تسلك نائبة الرئيس مساراً مختلفاً في السياسة الخارجية عن بايدن، حال انتخابها رئيسة للبلاد.

"حبل سياسي مشدود"

وفي الوقت الراهن، يبدو أن هاريس تسير على "حبل سياسي مشدود"، وتحافظ إلى حد كبير على وحدة وتماسك حزبها، وهي مهمة بالغة الأهمية قبل الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل، بحسب المجلة.

ونقلت "بوليتيكو" عن النائبة الديمقراطية براميلا جايابال، وهي رئيسة الكتلة التقدمية في الكونجرس، قولها: "لقد حرصت (هاريس) على الدعوة بعبارات قوية إلى الحاجة إلى وقف إطلاق النار والاعتراف بالوضع البائس واللاإنساني لما يحدث للشعب الفلسطيني في قطاع غزة".

وأضافت: "ثمة إحساس بوجود فرصة معها ربما لم تكن متاحة مع الرئيس بايدن، لأنها لا تتمتع بعلاقة طويلة الأمد مع لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ أو مع (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو".

وفي خطاب ألقاه خلال المؤتمر، الأربعاء، أشار المدعي العام التقدمي في ولاية مينيسوتا والزعيم السابق للكتلة التقدمية بالكونجرس، كيث إليسون، إلى أن أعضاء الجناح اليساري في الحزب، يشعرون بأن مخاوفهم بشأن غزة "مسموعة من قبل هاريس"، والمرشح لمنصب نائب الرئيس، حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز

ومضى إليسون قائلاً: "عندما نقول إننا بحاجة إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء خسارة الأرواح البريئة في غزة وإعادة الرهائن فإنهم يستمعون إلينا، ويتفقون معنا".

وجاءت تعليقات إليسون بعد يوم واحد فقط من صعود النائبة التقدمية ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، إلى منصة المؤتمر، للتأكيد على كلامه بشأن كيفية تعامل هاريس مع حرب غزة.

كما أشاد نشطاء مؤيدون للفلسطينيين، بتوفير اللجنة الوطنية الديمقراطية مساحة لعقد جلسة نقاشية رسمية، الاثنين، بشأن حقوق الإنسان الفلسطينية.

انقسامات داخلية ومناورات

واعتبرت "بوليتيكو" أن الحرب على غزة، كشفت بعضاً من "أسوأ الانقسامات" داخل الحزب الديمقراطي في هذا السباق الانتخابي، إذ أنفقت جماعات مؤيدة لإسرائيل مبالغ ضخمة من المال، لهزيمة أبرز الأعضاء الليبراليين في مجلس النواب.

وأشارت إلى أن بايدن كان يتعرّض لمضايقات متكررة من قبل المحتجين المناهضين للحرب على غزة في فعاليات الحملة قبل أن ينسحب من السباق، كما واجهت هاريس احتجاجات أيضاً، وتلقت ردود فعل سلبية من التقدميين عندما قالت مازحة "أنا أتحدث" حينما قاطعها بعض النشطاء في تجمع حاشد في ميشيجان، لكنها اجتمعت بهدوء، في نفس الفعالية، مع قادة أميركيين من أصول عربية من حركة "غير ملتزم"، التي أعربت عن إحباطها من تعامل إدارة بايدن مع الحرب، قبل خطابها مباشرة.

ووفقاً لمجلة "بوليتيكو"، فإن "مناورات هادئة جرت خلف الكواليس في مؤتمر الحزب الديمقراطي"، إذ طالب التقدميون وغيرهم، حملة هاريس، بأن يكون هناك متحدث أميركي من أصل فلسطيني على المنصة ضمن الفعاليات، بما في ذلك مندوب ميشيجان عباس علوية، المؤسس المشارك لحركة "غير ملتزم"، الذي قال، الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي، إنه أُبلغ برفض الطلب.

وبينما كان يختتم علوية كلمته، تلقى اتصالاً من شخص يبدو أنه مساعد لهاريس، وقال علوية له: "أخبر نائبة الرئيس أنني أجلس بالخارج، ولن أذهب إلى أي مكان"، ثم جلس خارج ساحة "يونايتد سنتر"، حيث يُعقد المؤتمر، في ما بدا أنه اعتصام مع مجموعة داعمين آخرين للفلسطينيين، وأكد علوية ومحتجون آخرون أن هدفهم لم يكن تعطيل المؤتمر، وأنهم ما زالوا ديمقراطيين ويعارضون المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

"تغيير المسار"

وعلى الرغم من عدم حركة "غير ملتزم" أي فرصة للحديث، خلال المؤتمر، حصل أعضاء الحركة على دعم من ألكسندريا كورتيز، التي كتبت على حسابها على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "يجب على اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي تغيير المسار والتأكيد على إنسانيتنا المشتركة".

كما انتقدت النائبة الديمقراطية إلهان عمر، التي توقفت عند الاعتصام بالقرب من ساحة "يونايتد سنتر"، إدارة بايدن، لـ"رفضها الاعتراف بالحرب التي أدت إلى إبادة جماعية في غزة".

وبسؤالها عن هاريس بشكل محدد، خففت عمر خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، من حدة هجومها، وقالت: "إنها متعاطفة بشكل لا يُصدق، لكن التعاطف له حدود، فنحن بحاجة إلى تغيير في السياسة".

وفي الوقت الذي تمكنت فيه نائبة الرئيس من منع حدوث تداعيات في الجناح اليساري في المؤتمر، فإن الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل أعربوا أيضاً عن رضاهم عن الطريقة التي ناقش بها المتحدثون الحرب على المنصة.

وقالت النائبة لويس فرانكل، وهي مشرعة يهودية غادرت الكتلة التقدمية بسبب الحرب على قطاع غزة: "أعتقد أن الطريقة التي تم التعامل بها مع القضية كانت جيدة، لأن ما يهم بالنسبة لي هو السياسة، وقد كان بايدن وهاريس استثنائيين في دعمهما لإسرائيل".

احتجاجات مناهضة لحرب غزة

وظهرت الاحتجاجات المناهضة للحرب على غزة في كل أيام المؤتمر الديمقراطي في جميع أنحاء شيكاجو، التي ضمت أكبرها أقل من 10 آلاف متظاهر، وفقاً لشرطة المدينة، كما عرض النشطاء علماً كُتب عليه "أوقفوا تسليح إسرائيل" خلال خطاب بايدن، الاثنين الماضي، قبل أن يقوم منظمو المؤتمر بإزالته.

وظهرت احتجاجات أخرى أصغر حجماً في جميع أنحاء المدينة، بما في ذلك أمام المبنى الذي تقع القنصلية الإسرائيلية في أحد طوابقه، مما أدى إلى اعتقال العشرات على بُعد ميلين تقريباً من مكان انعقاد المؤتمر الوطني للحزب.

وأشار بعض النشطاء المؤيدين للفلسطينيين في شيكاجو، إلى أنهم ينتظرون سماع المزيد من هاريس نفسها بشأن الحرب على غزة.

وقالت مارجريت دي رويس، وهي المديرة التنفيذية لمعهد Middle East Understanding: "أنا متفائلة بأننا سنرى تحولاً من قبل نائبة الرئيس هاريس.. وأعتقد أن لديها فرصة حقيقية لتغيير الوضع، لكنني أرى أنها بحاجة إلى التحرك بسرعة".

وقال ديفيد سيتون، وهو مندوب من ماساتشوستس، إنه يريد من حملة هاريس أن "تميل نحو تبني الرسائل التي مفادها أننا بحاجة إلى دعم وقف إطلاق النار في هذه اللحظة".

تصنيفات

قصص قد تهمك