ميشيجان المتأرجحة.. صوت عربي صاعد في انتخابات الرئاسة الأميركية

احتجاجات في وسط مدينة ديترويت بولاية ميشيجان الأميركية تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. 28 أكتوبر 2023 - AFP
احتجاجات في وسط مدينة ديترويت بولاية ميشيجان الأميركية تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. 28 أكتوبر 2023 - AFP
واشنطن -رشا جدة

حتى وقت قريب، كانت ولاية ميشيجان الأميركية، تشكل رهاناً آمناً نسبياً للحزب الديمقراطي، على الأقل في سباق الانتخابات الرئاسية، لتبني مايُعرف بـ"الجدار الأزرق"، إلى أن اخترق المرشح الجمهوري آنذاك دونالد ترمب ذلك في عام 2016، ولكن سرعان ما عادت إلى الديمقراطيين مع جو بايدن في انتخابات 2020، ولكن بفارق ضئيل لم يتجاوز 3 نقاط مئوية، ما يسلط الضوء على أهمية الولاية "المتأرجحة" في توجيه مسار السباق نحو البيت الأبيض.

تُعرف ميشيجان إلى جانب بنسلفانيا وويسكونسن، باسم ولايات "الجدار الأزرق"، إذ أنها التزمت بالتصويت للديمقراطيين منذ عام 1992 وحتى 2012، حتى في عامي 2000 و2004، فاز الجمهوري جورج دابليو بوش بالرئاسة، بينما صوتت ميشيجان لصالح مرشح الديمقراطيين حينها ألبرت أرنولد آل جور عام 2000 وجون كيري في عام 2004.

وتحتل ولاية ميشيجان المرتبة الثانية من حيث إجمالي إنفاق المرشحين للرئاسة، بقيمة 98.6 مليون دولار، منها 80.9 مليون دولار لحملة المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس، و17.7 مليون دولار للجمهوري دونالد ترمب.

لماذا ميشيجان مهمة؟

الباحث السياسي في مركز الدراسات السياسية التابع لجامعة فيرجينيا، جون مايلز كولمان، أرجع فوز ترمب بولاية ميشيجان في انتخابات 2016، متغلباً على منافسته الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون بنحو 11 ألف صوت وبنسبة لم تتخط 0.2%، إلى قوة المرشح الجمهوري بين ناخبي الطبقة العاملة. وأضاف أن "بايدن نجح في تحسين هامش كلينتون بما يكفي للفوز بميشيجان بـ 150 ألف صوت".

وأوضح كولمان، أن بايدن حصل على ولايات "الجدار الأزرق" الثلاثية بفارق ضئيل عام 2020، "لذا، يمكن أن تعني التحولات الصغيرة الكثير في الولايات المتأرجحة".

ومع 15 صوتاً في المجمع الانتخابي، يكافح كل من ترمب وهاريس للفوز بها، خاصة وأن المرشح الفائز في ميشيجان، فاز بالبيت الأبيض في 9 من آخر 12 انتخابات رئاسية.

إلى جانب السباق الرئاسي، تشهد الولاية أيضاً سباقاً محورياً لمجلس الشيوخ، حيث يحاول الجمهوريون قلب السيطرة الديمقراطية "بأغلبية صوت واحد"، من خلال الفوز بالمقعد الذي تشغله، ديبي ستابينو، التي أعلنت تقاعدها في وقت سابق، بينما يعد مايك روجرز، المدعوم من ترمب، المنافس الأقوى للمرشحة الديمقراطية النائبة إليسا سلوتكين.

عرب ميشيجان وحرب إسرائيل على غزة

وفي السباق الرئاسي 2024، أصبحت الكتلة العربية في ميشيجان، بعددها الذي يتجاوز 211 ألف شخص، محط اهتمام، في ظل دعم بايدن لإسرائيل في الحرب على غزة.

وبينما شهدت ولايات عدة احتجاجات تندد بدعم إدارة بايدن لتل أبيب، أطلق الأميركيون من أصول عربية والناخبون الديمقراطيون الأصغر سناً، في أماكن مثل ديربورن، إحدى ضواحي ديترويت، التي تعتبر أكبر مراكز الأميركيين من أصول عربية بـ40 ألف شخص، حملة تصويت بـ"غير ملتزم" في الانتخابات التمهيدية في الولاية.

وعلى الرغم من فوز بايدن في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في ميشيجان في فبراير الماضي، إلا أن 13% من الناخبين صوتوا بـ"غير ملتزم".

أستاذ العلوم السياسية بجامعة وسط أوكلاهوما حسام محمد، توقع في حديث مع "الشرق"، أن تحصل هاريس على دعم الديمقراطيين الشباب والعرب، الذين وقفوا أمام بايدن، واصفاً سياستها تجاه القضية بأنها "أكثر مرونة"، لكنها لا تزال مؤيدة رئيسية لإسرائيل.

وقال أستاذ العلوم السياسية، إن "تصويت الشباب مهم وفعال للغاية في الولايات المتأرجحة، ومن بينها ميشيجان"، متوقعاً قدرة هاريس على الفوز، إلى حد كبير، بسبب الشباب.

وأضاف محمد: "الناخبون الشباب، يفكرون في الحرب جنباً إلى جنب مع قضايا أخرى مثل الإجهاض، ويساعد هذا في التصويت لهاريس وليس ترمب".

وتابع: "هذه الفئة العمرية تدرك أن هاريس يجب عليها، لأسباب انتخابية وسياسية، وربما ثقافية، أن تستمر في دعم إسرائيل، إلا أنها ستعمل على الأرجح مع المستشارين وصناع السياسات الأقل ميلاً للصهيونية على أقل تقدير"، وفق تعبيره.

ويدعم رأي أستاذ العلوم السياسية، استطلاعات الرأي الحديثة التي أظهرت تراجع ترمب في ميشيجان أمام هاريس بأكثر من 3 نقاط مئوية، بعدما كان متقدماً على بايدن، قبل انسحابه من السباق الرئاسي على خلفية المناظرة الكارثية في يونيو الماضي، في الولاية بـ4 نقاط مئوية.

قضايا ميشيجان الانتخابية

ويأتي على سلم الأولويات في ميشيجان، ملف الاقتصاد، والذي يحتل حيز 31% من الناخبين لدى الولاية، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة "إيمرسون كوليدج بولينج"، وصحيفة "ذا هيل" في فبراير الماضي.

وبينما يبلغ عدد سكان ميشيجان من أصحاب البشرة البيضاء، حوالي ثلاثة أرباع السكان 74%، فإن الناخبين من الطبقة العاملة البيضاء، يشكلون مجموعة أساسية لكلا المرشحين في الولاية.

ونظراً لأهمية صناعة السيارات في الولاية، فإن تأييد النقابات العمالية سيكون حاسماً للمرشح الرئاسي، إذ يشكل أعضاء النقابات 12.8% من العاملين بأجر ورواتب في الولاية، وهي أعلى من النسبة البالغة 10% في الولايات الأخرى، بحسب مكتب إحصاءات العمل.

وبسبب تلك الأهمية، انضم بايدن الذي وصف نفسه بأنه "الرئيس الأكثر تأييداً للنقابات في تاريخ أميركا" لاعتصام عمال السيارات خارج ديترويت الذين كانوا يضربون من أجل زيادة الأجور، وحصل على تأييدهم.

ومع دخول هاريس السباق الرئاسي، حصلت، في أواخر يوليو الماضي، على تأييد نقابة عمال صناعة السيارات، التي يبلغ تعدادها 380 ألف عامل.

ومع ذلك، يأمل ترمب في استقطاب أصوات أعضاء النقابة وتقليص الدعم الديمقراطي، خاصة أن عدداً كبيراً من أعضاء نقابة عمال السيارات المتحدة، والمتقاعدين يدعمون الحزب الجمهوري، وهو ما يتفق مع استطلاع AP VoteCastk، الذي وجد أن 56% من أعضاء النقابة والأسر دعموا بايدن في عام 2020، بينما دعم 42% ترمب. 

وفي إطار تنافسه على دعم النقابات العمالية، فشل ترمب، في إقناع أعضاء نقابة سائقي الشاحنات التي يبلغ عدد أعضائها 1.3 مليون بتأييده، في يناير الماضي، بعد خسارته دعم نقابة عمال السيارات المتحدة، رغم أن ترمب سبق وتمكن في 2016 من كسب المزيد من الدعم بين العمال ذوي الياقات الزرقاء.  

في المقابل، حصلت هاريس على تأييد معظم النقابات الكبرى، بما في ذلك اتحاد العمل الأميركي ومؤتمر المنظمات الصناعية واتحاد عمال السيارات، لكنها مازالت تكافح من أجل الحصول على دعم نقابة سائقي الشاحنات. 

تصنيفات

قصص قد تهمك