انضمت مصر إلى مجموعة الدول التي بدأت تجارب سريرية لمكافحة "كورونا" ببلازما المتعافين من الفيروس، عبر إطلاق حملة تبرّع تناشد مصابي الفيروس التاجي المتعافين مساعدة غيرهم في الإفلات من المضاعفات، والتعجيل بشفائهم.
ويستقبل المركز القومي لنقل الدم في القاهرة المتطوعين للتبرع بما يصفونه "بصيص أمل للعلاج"، آملين تجنيب المرضى الحاليين المرور بمعاناتهم المريرة مع الفيروس.
ويتم هذا العلاج عن طريق حقن بلازما المتعافين في أجسام المصابين لمنحهم دفعة مناعية تساعدهم على محاربة الفيروس، كون بلازما المتعافين تحتوي على الأجسام المضادة المكوّنة خلال محاربة أجسامهم للفيروس لدى إصابتهم.
لا يُتاح التبرع عشوائياً، إذ يجب أن يتمتع المتعافون المؤهلون بخصائص عدة أهمها أن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و60 عاماً، وألا تقل أوزانهم عن 50 كيلوغراماً، وأن تتوفر لديهم فصيلة معينة من الأجسام المضادة؛ وفق ما قال مدير مركز نقل الدم في مصر إيهاب سراج الدين، في تصريحات لوكالة "فرانس برس".
بصيص أمل
رغم اعترافه بعدم وجود إحصاءات حتى الآن عن معدل نجاح هذه التجربة في مصر، إلا أن سراج الدين يعتقد أن بلازما المتعافين علاج واعد مع استمرار السباق نحو تطوير لقاح فعال.
وتابع مدير مركز نقل الدم "كورونا أحد الفيروسات التي لا كتيّب إرشادياً لها.. نحارب عدواً مجهولاً، لذا نحتاج إلى التمسك بأي علاج يقدّم بصيص أمل".
ومنذ أبريل، قاد سراج الدين حملة لحضّ أكثر من 78 ألف متعافٍ من "كورونا" في مصر على التبرع بالبلازما، لكن حتى الآن تجاوب فقط أكثر من 200 متعافٍ، يقدّم كل منهم 800 ميليغرام من البلازما، مقسمة إلى 4 أكياس تُحقن في مريضَين بوقت واحد.
وأشار سراج الدين إلى الحاجة للمزيد من التبرعات، قائلاً إن "التبرع بالدم بشكل عام قليل في مصر، لذا نعمل على زيادة الوعي بين الناس".
تطبيق إلكتروني
ودفعت أعداد المتبرعين الضئيلة الشاب المصري أحمد مصطفى (37 عاماً) إلى إطلاق تطبيق سُمّي "مساندة" للتواصل بين المتعافين والمصابين.
وقال مصطفى، الذي يعمل في مجال الإعلان، لـ"فرانس برس": "نريد أن نكون همزة وصل بين المرضى ولكن الاستجابة بطيئة للغاية".
وفي ظل الإقبال الضعيف على التبرع بالدم بشكل عام، يخطط مصطفى لجعل تطبيقه خدمة عامة للتبرع بالدم، لتلبية أي حاجة ملحّة أخرى في قطاع الرعاية الصحية المتأزم في مصر.
ولدى مصطفى دافع قوي لإنجاح تجربة العلاج؛ إذ إنه كان من المصابين بالفيروس في أواخر مايو. وعن إصابته وعلاقتها بتفكيره في إطلاق التطبيق، يقول: "بعد شهر من الإرهاق من الفيروس، أردتُ المساهمة في جعل حياة المرضى الآخرين أفضل".
سوق سوداء
ويرى مصطفى أن التطبيق قد يعمل كبديل آمن للسوق السوداء لبيع بلازما المتعافين بداية من يونيو الماضي، مشيراً إلى ما نقلته وسائل الإعلام المصرية حول تداول أكياس البلازما بشكل غير رسمي بسعر يتجاوز 20 ألف جنيه (1200 دولار) للكيس الواحد.
ودعا أحد أعضاء البرلمان المصري إلى تجريم هذه الممارسة، كما حرّمت مشيخة الأزهر المتاجرة بالبلازما، قائلة إنها لا تجوز بموجب الشريعة الإسلامية.
وأُطلقت تجارب سريرية لمكافحة "كورونا" بالبلازما في كل من الولايات المتحدة وبوليفيا وبريطانيا وكولومبيا والهند والمكسيك وباكستان وكوريا الجنوبية.
وأصدرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي إذناً طارئاً يسمح باستخدام بلازما المتعافين لعلاج مرضى "كورونا"، ووصفته بأنه حل مؤقت.
وينقسم المجتمع العلمي حيال هذا العلاج، لكن مؤيديه يشيرون إلى أنه أثبتت فاعليته في دراسات صغيرة لعلاج فيروسات أخرى معدية، من بينها "سارس" (من سلالة كورونا) و"إيبولا"، فيما لم تؤكد دراسات علمية موسعة فائدة استخدام البلازما في علاج مرضى "كورونا" حتى اليوم.