طموحات اللقاح الروسي تتعثر بسبب نقص الإمدادات

شحنة من جرعات لقاح "سبوتنيك في" المضاد لفيروس كورونا (كوفيد-19) لدى وصولها إلى مطار الوزير بيستاريني الدولي في العاصمة الأرجينتينية بيونيس آيرس، 28 يناير 2021 - REUTERS
شحنة من جرعات لقاح "سبوتنيك في" المضاد لفيروس كورونا (كوفيد-19) لدى وصولها إلى مطار الوزير بيستاريني الدولي في العاصمة الأرجينتينية بيونيس آيرس، 28 يناير 2021 - REUTERS
دبي -بلومبرغ

تواجه روسيا عقبات عدة بشأن طموحها في حصد أرباح لقاحها المضاد لفيروس كورونا (كوفيد-19)، جراء تأخر تسليم لقاح "سبوتنيك-في" إلى المشترين الأجانب الذين يطالبون بالإمدادات، وفق ما ذكرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية في تقرير.

وخلال هذا الأسبوع، قال الرئيس الغواتيمالي، أليخاندرو جياماتي، إن بلاده ستسعى إلى استبدال 8 ملايين جرعة من اللقاح الروسي، التي كان مخططاً استيرادها، من منتجين آخرين بحلول نهاية هذا العام، بعد التأخير في تسليم طلبها الأولي.

وتفيد الدول التي اتجهت إلى لقاح "سبوتنيك-في"، وسط حالة الاندفاع العالمي المتزايدة لتأمين اللقاحات، عن مشكلات في إمدادات اللقاح الذي يشمل جرعتين.

ففي الأرجنتين، نقلت "بلومبرغ" عن أحد مستشاري الرئيس قوله إن نقص اللقاح يعرض الحكومة للخطر، لأن الناس لم يتمكنوا من تلقي الجرعة الثانية في غضون 3 أِشهر من الجرعة الأولى، وهي الفترة الموصى بها.

وروج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاح "سبوتنيك" لدى القادة في جميع أنحاء العالم، كجزء من حملة الكرملين الطموحة لوضع روسيا على الخريطة "كلاعب محوري في تجارة اللقاحات العالمية"، وفق "بلومبرغ"، ولكن صعوبات إنتاج الجرعات الموعودة، يمكن أن تشكل انتكاسة للقاح، إذ تسد لقاحات منافسة من الولايات المتحدة وأوروبا والصين، هذه الفجوة.

"منافس خاسر"

ونقلت "بلومبرغ" عن صامويل راماني، أستاذ السياسة والعلاقات الدولية في جامعة أكسفورد، قوله إن "المطورين صمموا خططهم للتصدير حول الإنتاج المحلي، لكنهم بالغوا في تقدير القدرة المحلية بدرجة كبيرة".

وأضاف: "لقد فقدت روسيا بدايتها القوية، بعد أن أصبحت الإمدادات من الدول الأخرى أكثر توفراً، وتبدو الآن كأنها منافس خاسر"، على حد تعبيره.  

وعلى الجانب الآخر، نقلت الوكالة الأميركية عن متحدث رسمي باسم "صندوق الاستثمار المباشر الروسي"، وهو صندوق الثروة السيادي المسؤول عن التسويق العالمي لشركة "سبوتنيك-في"، قوله إن العقد الحالي مع غواتيمالا "تم تعديله وفقاً لجدول تسليم جديد، ولم يتم إلغاؤه".  

وأوضح ممثل الصندوق الروسي، أنه "في ضوء الطلب العالمي غير المسبوق، تعاني جميع الشركات المنتجة للقاحات من بعض مشكلات الإمدادات قصيرة المدى".  

ورفض الصندوق طلب الوكالة الأميركية للتعليق على ما إذا كان لا يزال يهدف إلى توفير اللقاح لـ700 مليون شخص خارج روسيا، في غضون هذا العام، كما تعهد رئيسه في مارس.  

وبحسب "بلومبرغ"، تقدر شركة "إيرفينيتي"، وهي شركة تحليلات علمية مقرها لندن، أنه تم حتى الآن "تسليم 99 مليون جرعة"، أكثر من نصفها للاستخدام المحلي.  

ضغوط الطلب المحلي

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الأسبوع الماضي، إن التأخير في إمدادات "سبوتنيك" الدولية جاء نتيجة حاجة بلاده إلى "تكثيف التطعيم المحلي،  بسبب ارتفاع عدد الحالات، وفقاً لما أوردته "بلومبرغ".

وكان بوتين أشاد بلقاح "سبوتنيك" كأول لقاح مضاد لـ"كوفيد-19"، تتم الموافقة على استخدامه، وهو ما واجه انتقادات حادة في ذلك الوقت باعتباره إجراء سابقاً لأوانه. ورغم ذلك، فقد تجاوز "سبوتنيك" الشكوك الأولية حول فعاليته، والتي ظهرت بسبب نقص البيانات، ووضع نفسه على نطاق واسع على قدم المساواة مع اللقاحات التي طورتها الشركات الغربية.

وعلى عكس لقاحات (كوفيد- 19) الأخرى، فإن جرعتي "سبوتنيك-في" مختلفتان، حيث ثبتت صعوبة تكثيف إنتاج الجرعة الثانية، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ" عن مشترين.  

مشكلة الإمدادات

وأدى تأخير إمدادات الجرعة الثانية من "سبوتنيك" إلى إبطاء وتيرة ظهوره في الهند، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ" عن إريز إسرائيلي، الرئيس التنفيذي لشركة "مختبرات د. ريدي"، التي تحمل ترخيص توزيع اللقاح في الهند.

وأشارت الوكالة إلى أن المنتجين الهنود لديهم "اتفاقيات بتصنيع ما يصل إلى 850 مليون جرعة سنوياً"، رغم أن موعد وصول الإنتاج إلى هذا المستوى لا يزال غير واضح.  

وفي الأرجنتين، كشف خطاب تم تسريبه الأسبوع الماضي عن "شعور الحكومة بالإحباط" نتيجة بطء إمدادات "سبوتنيك-في". وأعلنت الحكومة، الأربعاء عن توقيع اتفاقية جديدة مع شركة "فايزر" تقضي بتسلمها 20 مليون جرعة بحلول نهاية هذا العام.

وأفادت المكسيك أيضاً بتأخير وصول إمدادات جرعات "سبوتنيك-في". وفي البرازيل، قال حكام الولايات الشمالية الشرقية الذين يحاولون جلب اللقاح إن روسيا أجلت تسليم "1.1 مليون جرعة" كان يُتوقع وصولها الأربعاء، وفقاً لما أوردته صحيفة "أو جلوب". وتابعت الصحيفة أن الطرفين يناقشان حالياً "وضع جدول جديد للتسليم".  

ووصلت شحنة تحمل 50 ألف جرعة من المكون الثاني من جرعة "سبوتنيك" إلى الفلبين هذا الشهر، بعد عدة أسابيع من صدور تقارير أفادت "بتأخر جرعة المتابعة" عن  الأشخاص الذين كان مقرراً تلقيهم هذه الجرعة.  

انتصار دعائي

وفي خضم هذه العثرات، قال "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" في وقت مبكر من هذا الشهر إنه بالإمكان تمديد الفاصل الزمني بين الجرعتين على نحو آمن إلى "180 يوماً"، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ".

وبينما تحاول روسيا جاهدة الوفاء بوعودها، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة سلمت 1.5 مليون جرعة من لقاح "مودرنا" إلى طاجيكستان، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة التي تعتبرها روسيا حديقتها الخلفية الاستراتيجية.  

جاء هذا الإعلان في الوقت الذي وصل فيه وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، إلى العاصمة دوشنبه لإجراء محادثات. رغم ذلك، يتم تقديم لقاح "سبوتنيك-في" في روسيا باعتباره "قصة نجاح" ساعدت في تمديد القوة الناعمة للبلاد، ووفرت بديلاً عالي الجودة وفعَّالاً من حيث التكلفة مقارنة بلقاحات أخرى تم إنتاجها في الغرب.  

كان "سبوتنيك-في" حصل على موافقات لاستخدامه في 69 دولة، وقال "صندوق الاستثمار المباشر الروسي"، الشهر الماضي، إن لديه صفقات لإنتاج 1.6 مليار جرعة خلال هذا العام.  

ونقلت "بلومبرغ" عن فاسيلي فلاسوف، عالم الأوبئة في "المدرسة العليا للاقتصاد" في موسكو، قوله إن "’سبوتنيك-في يمثل انتصاراً دعائياً محلياً".  

وأضاف: "في الحكومة ووسائل الإعلام يركزون على نجاحه للحصول على موافقات في دول كثيرة بدلاً من تشتيت الانتباه في تفاصيل مزعجة".