فوبيا الصينيين.. من "الخطر الأصفر" إلى "وصم كورونا"

طلاب ينتظرون برفقة أولياء أمورهم في الطابور لتسجيل معلوماتهم الخاصة بالتطعيم ضد كورونا في مقاطعة جيانغسو الصينية، 27 أغسطس 2021 - REUTERS
طلاب ينتظرون برفقة أولياء أمورهم في الطابور لتسجيل معلوماتهم الخاصة بالتطعيم ضد كورونا في مقاطعة جيانغسو الصينية، 27 أغسطس 2021 - REUTERS
القاهرة- آلاء عثمان

بعد تفشي فيروس كورونا، بات الصينيون حول العالم عرضة لعبارات التقريع الغاضبة في الطرقات، فضلاً عن وصفهم وثقافتهم بالمسؤول الرئيس عن الجائحة، ما يعزز من وطأة مصطلح "Sinophobia" أو "فوبيا الصينيين"، والذي يعد نمط مُحدداً من رهاب الأجانب والغرباء، الذي لا يتوقف لدى تجنبهم فقط، بل يتطور أحياناً إلى حد ارتكاب جرائم العنف ضدهم على أساس عرقي.

إلا أن تعرض الصينيين للتمييز في النصف الغربي من الكرة الأرضية يعود لعدة قرون ماضية، إذ لطالما اتُهم المهاجرون الصينيون بالتسبب في نشر الأمراض وفرضت عليهم أنماط من الرقابة، بل وسُنت قوانين خصيصاً لمنعهم من الهجرة للولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر.

"سينوفوبيا"

ويمكننا تعريف مصطلح سينوفوبيا بوصفه الخوف من الصين أو ثقافتها ومواطنيها، وذلك حسبما يُحدد الموقع الرسمي لقاموس كامبريدج الأميركي، وهو التعريف الذي يتقاطع مع رهاب الأجانب أو Xenophobia وتعني الخوف من الغرباء أو هؤلاء المنتمين إلى جماعات أو مجتمعات أخرى. وعادة ما يتقاطع المصطلح مع مفاهيم أخرى كالتمييز أو العنصرية خاصة وأن رهاب الأجانب لا يُصنف كاضطراب نفسي.

وقد يترتب على "رهاب الأجانب"، وقوع جرائم كراهية أو حوادث تمييز فضلاً عن الآثار الاقتصادية والسياسية السلبية على الفئات المرفوضة، وفي بعض الأحيان قد تتطور التداعيات وتصل إلى حد جرائم الإبادة.

ويصنف موقع Very Well Mind الرهاب إلى، شق ثقافي يشمل رفض الرموز الثقافية لمجموعة عرقية محدد أو مجتمع بعينه كالملابس والموسيقى والعادات والتقاليد، وشق متعلق بالهجرة يرفض خلاله الأشخاص وجود آخرين من ثقافات محددة في مجتمعاتهم وذلك على أساس عقائدهم أو جنسياتهم أو أصولهم العرقية.

ما بعد الجائحة

على مدار العامين الماضيين، وبعد تفاقم أزمة كورونا بات من الشائع رصد حالات اعتداء على أميركيين من أصول آسيوية في الولايات المتحدة على وجه الخصوص.

ووفقاً لبيانات شرطية جمعها مركز دراسة الكراهية والتطرف في جامعة ولاية كاليفورنيا، سان برناردينو ونقلها موقع Voice of America شهدت 16 مدينة أميركية كُبرى ازدياد في حالات الاعتداء على الآسيويين بنسبة وصلت إلى 164% خلال الربع الأول من العام الجاري.

وصم ترمب

أما الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب فقد جعل اتهاماته أكثر تحديداً على المجتمع الصيني بالذات، إذ أنه لطالما استخدم تعبير "الفيروس الصيني" في الإشارة لفيروس كورونا، وهو الأمر الذي جلب عليه العديد من الانتقادات خلال العام الأخير من ولايته،.

على الرغم من ذلك، استمر الرئيس السابق في هذا النهج، مدافعاً عن موقفه بالتأكيد على أن الفيروس "أتى من الصين"، ومشيراً إلى أنه ليس تعبيراً عنصرياً على الإطلاق، بل محاولة لـ"تحري الدقة" في الإشارة إلى الفيروس، استناداً إلى مصدره.

وفي مارس من العام الجاري نُشرت دراسة من جامعة كاليفورنيا-سان فرانسيسكو كان باحثيها قد وجدوا أن أعداد التغريدات التي تتضمن وسوم مُعادية للآسيويين ارتفعت بعدما وصف ترمب الفيروس بـ"الفيروس الصيني" في إحدى تغريداته بشهر مارس من العام 2020.

كما وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين تبنوا وسم "الفيروس الصيني" ارتفعت احتمالية استخدامهم لوسوم أخرى عنصرية تجاه الآسيويين، مقابل هؤلاء الذي فضلوا استخدام الوسم "كوفيد -19".

ماض قاتم

ويبدو الخطاب الحالي المعادي للآسيويين انعكاساً نسبياً للماضي القريب، وبالتحديد أواخر القرن الـ19 في القارة الأميركية الشمالية، حيث اتخذت الولايات المتحدة إجراءات حازمة لوقف تدفق المهاجرين الصينيين إلى البلاد، وذلك عبر ما عُرف بقانون استبعاد الصينيين لعام 1882.

ووفقاً لموقع مكتب المؤرخ التابع لوزارة الخارجية الأميركية، كانت الهجرة الصينية إلى أميركا قد بدأت في خمسينيات القرن الـ19، حيث عمل هؤلاء المهاجرين في الصناعة والزراعة وبالطبع التعدين بحثاً عن الذهب، ومع تزايد قوة الجالية الصينية زادت حدة المشاعر المعادية لهم بين منافسيهم وأقطاب المشهد الاقتصادي الآخرين، ما أسفر في النهاية عن صدور قانون الاستبعاد.

وبموجب القانون عُلقت هجرة العمال الصينيين إلى الولايات المتحدة سواء كانوا عمال مهرة أو غير مهرة لمدة 10 سنوات، كما حتمت بنوده على الصينيين المسافرين من أو إلى الولايات المتحدة، حمل شهادات لإثبات أوضاعهم المهنية سواء كانوا تجاراً، أو دبلوماسيين، أو عمالاً، أو باحثين، وتم تجديد الاستبعاد غير مرة إلى أن اُلغي خلال الحرب العالمية الثانية.

ووفقاً لموقع مجلة The conversation التابعة لجامعة كوينز الكندية، لم تختلف الأمور كثيراً في الشمال، بل واجه المهاجريين الصينيين صعوبات أيضاً، إذ كان يطلق على الأحياء الصينية في كندا لقب "الخطر الأصفر"، كما اعتادت الصحافة تنميطها بمفاهيم القذارة والمرض، كما فرضت على بعض تلك الأحياء في فانكوفر إجراءات تفتيش كتلك التي تُفرض على المجازر ومزارع الخنازير.