فتحت حركة طالبان موقعاً، يضم أنقاض تماثيل بوذا القديمة التي دمرتها قبل عقدين، أمام السائحين، في محاولة لتقديم وجه "أكثر اعتدالاً" للعالم بعد سيطرتها على السلطة مجدداً في أفغانستان
وذكرت شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية في تقرير، الأربعاء، أن إقدام حركة طالبان على تدمير تماثيل بوذا في مدينة باميان وسط البلاد، أوائل عام 2001، صدم العالم، وسلط الضوء على نظامها الذي أطاح به بعد فترة وجيزة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.
وقالت إن طالبان بعد عودتها إلى السلطة، منتصف أغسطس الماضي، وبدافع من حرصها على تقديم صورة "أكثر مرونة"، تدير الموقع كمنطقة جذب سياحي.
ومقابل نحو 5 دولارات، يمكن للزوار التجول، والتقاط صور للفتحات العملاقة في واجهة الجرف، حيث كانت تماثيل بوذا القديمة قائمة في يوم من الأيام، بحسب الشبكة الأميركية.
وأضافت الشبكة أنه "تحت راية طالبان البيضاء، يقف عناصرها في كشك ويكتبون تذاكر الدخول"، لافتة إلى وصول عدد قليل من الزوار، عندما كان مراسلها في الموقع، على الرغم من رغبة طالبان المعلنة في الترحيب بالسياح.
ونقلت عن صديق الله، أحد أنصار الحركة، قوله إنه في الوقت الراهن بعد أن سيطرت طالبان على البلاد، يشعر بالحرية للقيام بجولة في البلاد.
وأضاف: "كنت صغيراً عندما دمرت (التماثيل)، وكان عمري نحو 7 سنوات، ومنذ ذلك الحين كان حلمي أن آتي وأرى ما حدث هنا، أنا سعيد لأنها دُمرت، أنا هنا لأرى الأنقاض في الواقع".
ولفتت الشبكة إلى أن تمثالين لبوذا منحوتين على واجهة منحدر، يعود تاريخهما إلى القرن السادس، ويبلغ ارتفاع أحدهما 180 قدماً (55 متراً) والآخر 124 قدماً (44 متراً) كانا شامخين فوق الوادي، في منطقة كانت موقعاً مقدساً للبوذيين على طريق التجارة القديم بين الصين وأوروبا المعروف باسم "طريق الحرير".
وعندما أعلنت حركة طالبان خطتها لتدمير التمثالين عام 2001، تعرضت لضغوط دولية شديدة لإبقائهما قائمين، لكن الحركة أسقطت التماثيل باستخدام متفجرات.
وجه "أكثر اعتدالاً"
ومنذ سيطرتها على الحكم في البلاد مجدداً قبل بضعة أشهر، سعت طالبان إلى تقديم وجه "أكثر اعتدالاً" للعالم على الرغم من التدابير الصارمة، والحملات في بعض المناطق.
وفي غضون ذلك، تواجه الحركة تحديات اقتصادية وأمنية لحكم البلاد بعد سنوات من التمرد، كما تتعرض لضغوط من المنظمات الدولية لحماية التراث الثقافي لأفغانستان.
وقال ليوين مورجان، مؤلف كتاب "تماثيل بوذا في باميان"، وأستاذ الأدب الكلاسيكي بجامعة أكسفورد: "لطالما كانت باميان جزءاً من أفغانستان ركز عليها العالم الخارجي".
وأضاف: "طالبان تعرف ذلك، وهذا هو السبب في أنهم ما زالوا يحاولون بطريقة غير ملائمة قليلاً تصوير أنفسهم على أنهم حكومة بناءة".
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، أعلنت عام 2003، وادي باميان كموقع تراث عالمي، وعملت مع الحكومة الأفغانية السابقة المدعومة من الولايات المتحدة للحفاظ على ما تبقى من تماثيل بوذا بعد تدمير طالبان للموقع.
ودعمت المنظمة أيضاً مركزاً ثقافياً ومتحفاً في باميان "لدمج المجتمعات المحلية وكذلك لتحديد الخلفيات الثقافية الغنية في باميان"، وفقاً لموقعها على الإنترنت.
وفي الأيام التي أعقبت عودة الحركة إلى السلطة في الصيف الماضي، أصدرت "يونسكو" بياناً حضت فيه على الحفاظ على مواقع مثلها، وقالت: "إن حماية هذه المعالم والمحافظة عليها، أمر بالغ الأهمية بالنسبة لمستقبل أفغانستان".
وفي تصريحات للشبكة الأميركية، قال عبد الله سرهادي، حاكم المنطقة الذي قضى ما يقرب من 4 سنوات كسجين في معتقل جوانتانامو، إن "طالبان تغيرت وأنهم سيحافظون على المعالم التاريخية".
وأشار إلى أنه في الوقت الراهن، ينتظر سماع المزيد من المستويات العليا في حكومة طالبان قبل إجراء أي تغييرات على الموقع. وأضاف: "نريد أن نظهر للعالم أن هناك سلاماً وأمناً في أفغانستان الآن".
اقرأ أيضاً: