تبدأ 200 دولة، الاثنين، الجولة الرابعة من مناقشات خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "IPCC"، لإصدار الجزء الأخير من 3 تقارير ترسم صورة كاملة عن تداعيات الاحتباس الحراري وسبل الحد منه، على وقع الحرب في أوكرانيا.
وأبرز الغزو الروسي لأوكرانيا مجدداً استمرار الاعتماد الكبير على مصادر الطاقة الأحفورية وانبعاثاتها، أكبر مسببات الاحتباس الحراري.
وقال المحلل في مركز الأبحاث "E3G" ألدن ميير، إن "رسالة الهيئة بمجملها تفيد بأن التداعيات ستكون مكلفة ومتزايدة"، لافتاً إلى أن التقرير سيحدد ما نحتاجه إذا ما كنا جديين في معالجة هذه المسألة، ورأى أنه "لا يزال بإمكاننا أن نتجنب الأسوأ إذا تحركنا الآن".
وأوضح ميير أن التقرير الحالي "سيوفر معلومات مهمة تغذي النقاش الحاصل في أوروبا والولايات المتحدة بشأن التخلي عن الغاز والنفط الروسيين"، معرباً عن أمله في أن تعطي الحرب الدائرة في أوكرانيا "على المدى الطويل دفعاً أكبر للحاجة إلى التخلص من الغاز والنفط عموماً".
ويختتم خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الجولة الرابعة من المناقشات، في الرابع من أبريل، بإصدار الجزء الأخير من ثلاثة تقارير خاصة بالمعارف العلمية المتعلقة بالتغير المناخي.
وشدد ألدن ميير "على أن الوضع قابل للاشتعال بعد أكثر (..) يجب أن ندرك ذلك على الدوام".
موسوعة للمعاناة البشرية
وفرض الغزو الروسي لأوكرانيا نفسه على نقاشات التقرير الثاني، خلال فبراير، بشأن تداعيات الاحترار.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، حينها، التقرير بأنه "موسوعة للمعاناة البشرية"، وأوضح أنه رسم صورة قاتمة جداً للتداعيات الماضية والحاضرة والمستقبلية على سكان العالم والأنظمة البيئية، وشدد على أن التأخر في التحرك يخفض من فرص توافر "مستقبل قابل للعيش".
وشهدت الجلسة العامة تصريحاً لرئيسة الوفد الأوكراني، قالت فيه سفيتلانا كراكوفسكا وفقاً لمصادر مشاركة في الاجتماع "التغير المناخي الذي يتسبب به الإنسان والحرب في أوكرانيا لديهما الجذور نفسها: مصادر الطاقة الأحفورية واعتمادنا المطلق عليها".
وسلط التقرير الأول الذي نشر في أغسطس 2021 الضوء على تسارع الاحترار المناخي (الاحتباس الحراري) متوقعاً أن ارتفاع الحرارة بـ 1.5 درجة مئوية مقارنة بمرحلة ما قبل الثورة الصناعية قد يحصل بحدود عام 2030 أي قبل 10 سنوات مما كان متوقعاً، وذلك مع أن اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015 نص على السعي إلى حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية كحد أمثل.
السيناريوهات الممكنة
ويتناول التقرير الثالث في 17 فصلاً وآلاف الصفحات، السيناريوهات الممكنة للجم الاحترار المناخي مع عرض الاحتمالات في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة والنقل والزراعة وغيرها والتطرق إلى مسائل القبول الاجتماعي للتدابير المتخذة ودور التكنولوجيا مثل امتصاص الكربون وتخزينه.
وقالت تارين فرانسن من "World Resources Institute" لوكالة فرانس برس، إن "أموراً كثيرة تغيرت" منذ دورة التقييم السابقة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2014.
وأوضحت أنه "تم التوقيع على اتفاق باريس للمناخ في العام التالي، بينما يشهد العالم التداعيات الكارثية للجفاف والحرائق والفيضانات"، معتبراً أن "إدراك المشكلة لم يكن يوماً بالحجم الذي هو عليه الآن، في حين تراجعت أسعار مصادر الطاقة المتجددة الضرورية للعملية الانتقالية".
احترار "كارثي"
ولفتت تارين فرانسن إلى أن الخطوات المفترض اتخاذها لتقليل الاحترار "معروفة منذ زمن"، وتشمل التخلي أولا عن مصادر الطاقة الأحفورية، ولكن تحقيق الأهداف المنصوص عليها في اتفاق باريس "لا يمر عبر سبيل واحد".
وأضافت أن "التقرير سيعرض سبلاً مختلفة، وعلى قادتنا بعد ذلك أن يعتمدوها" وفقاً للظروف الوطنية المختلفة.
وتفيد الأمم المتحدة بأن الالتزامات الراهنة للدول ستؤدي إلى احترار "كارثي" قدره 2.7 درجة مئوية، لذا ينبغي على البلدان الموقعة على اتفاق باريس، أن تعزز أهدافها في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول مؤتمر الأطراف الـ27 بشأن المناخ، المقرر انعقاده بمصر في نوفمبر المقبل.
وكتب نائب رئيس المجموعة المكلفة بالإشراف على التقرير الثالث في تغريدة، أن الجلسة العامة لإقرار التقرير "أشبه بالركض مسافة 10 آلاف متر بعد ماراثون طويل من 100 كيلومتر".