"تحرش واكتئاب وطموح".. نجل الوزيرة المصرية المتهم بالقتل يتحدث عن نفسه

 رامي هاني فهيم نجل وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم المتهم بالقتل في كاليفورنيا - Twitter/@OceanBorne3
رامي هاني فهيم نجل وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم المتهم بالقتل في كاليفورنيا - Twitter/@OceanBorne3
القاهرة- الشرق

لا يزال الغموض يحيط بجريمة القتل التي اتُهم رامي هاني فهيم، نجل وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم، بارتكابها في كاليفورنيا، إذ لم توفر السلطات الأميركية حتى الآن إفادة بشأن دوافع أو ملابسات الجريمة التي راح ضحيتها شخصان.

وترسم المدونة الخاصة بنجل الوزيرة، وحسابه على تويتر، وقناته على يوتيوب، صورة لشخصيته، وتكشف منشوراته معاناة مع "أعراض اكتئاب وانطوائية"، فضلاً عن تعرضه للتنمر والتحرش الجنسي في طفولته حسب قوله، في حين تكشف أيضاً جانباً آخر عن طموحه وحبّه للتعلم والموسيقى والكتابة.

"فيلسوف التشاؤم"

في كتاباته، لم  يأتِ فهيم على ذكر أي عنف، بخلاف الذي تعرض له كطفل، وانخرط في قراءة كتب فلسفية بعضها لفيلسوف التشاؤم آرثر شوبنهاور، وهو الكتاب الذي وجده سهلاً ورأى من خلاله كيف وصل شوبنهاور إلى رؤيته المتشائمة للعالم، مبدياً إعجابه ببعض الأفكار "المثيرة" التي طرحها الكاتب.

كما قرأ للفيلسوف الألماني، فريدريك نيتشه أحد كتبه الأولى، "ميلاد التراجيديا"، ورواية الإخوة كارمازوف للروسي فيودور دوستويفسكي، وأظهر اهتماماً بالسحر والخدع السحرية، إضافة إلى اهتمامه الرئيسي بعلوم البيانات، وهو الفرع الذي درسه في "جامعة كولومبيا" بنيويورك والتي تخرج فيها عام 2018.

تنمر

وتعبر تغريدات رامي على "تويتر" عن إحساس بالوحدة ونزعة نحو الانطوائية، إضافة إلى معاناته لفترة في الحصول على عمل، قبل أن يحصل على وظيفة "باحث" التي كان يشغلها وقت القبض عليه، في شركة "بنس لإدارة الثروات" والتي تديرها الأميركية من أصل مصري ليلى بنس.

فهيم قال إنه تعرض للتنمر في أوقات مختلفة من حياته وهو ما ترك أثراً سلبياً على نفسه وأثر على صورته أمام ذاته، وفقاً لكلامه.

أول تلك الحوادث كانت عند عودته إلى القاهرة في الصف السادس، إذ تعرض للتنمر بسبب عدم إجادته للغة العربية، وعدم تكيفه، إضافة إلى أنه لم يكن لديه أي أصدقاء.

فيقول: "في الصف السادس حين انتقلت إلى القاهرة، بعد قضاء 4 سنوات في الولايات المتحدة، لم أتكيف مع الوضع. لم أتحدث العربية، وسخروا مني لعدم قدرتي على نطق اسمي باللهجة المصرية. لم يكن لدي أي أصدقاء، بدلاً من ذلك قضيت وقتي داخل رأسي".

وتابع: "كتبت قصة خيال علمي قصيرة من 10 صفحات بعنوان (المستويات النهائية) والتي تتحدث عن نمور ذات أنياب (حيوانات منقرضة) عادت للحياة مرة أخرى تقتل السميلودون (نفس الحيوان المنقرض) وأبواب طافية على سطح الماء تأخذك للمستوى التالي".

قرأ رامي خلال تلك الفترة كتباً عدّة في الأدب والفانتازيا والخيال العلمي، وسلسلة هاري بوتر، وانضم لمسابقة مدرسية حول حفظ رموز رياضية، قال إنه حفظ فيها 160 رمزاً فيما حفظ زميله الذي حل تالياً 30 فقط. وقال "سخروا مني بسبب طول المدة التي استغرقتها لقراءة الـ160 رمزاً".

تحرش جنسي

وفي تغريدة لم يفصح فيها عن كثير من التفاصيل، قال رامي إنه "تعرض للتحرش من أحد أفراد عائلته". وكتب على تويتر: "تعرضت إلى التحرش الجنسي من فرد في عائلتي. لن أتحدث عن تفاصيل ولكن هذه الحادثة أصابتني بالصدمة بكل طريقة ممكنة".

بعدها انتقل فهيم إلى إيطاليا، حيث شغلت والدته منصب السكرتير الأول بسفارة مصر في روما، ويقول: "اعتقدت أنني كنت رائعاً بطريقتي الخاصة، وتصرفت بطريقة مختلفة وكنت فخوراً، ولكنني تعرضت للإساءة أيضاً من عدد من الأطفال، وكان تنمراً. نعم".

ويؤكد رامي في أكثر من موضع أنه لا يستخدم كلمة تنمر عادة لوصف تجاربه، لكن ما تعرّض له كان تنمراً بحسبه، إذ "تعرضت للضرب على الرأس والعنق، وتم دفعي بواسطة رقبتي وقذفني أحدهم بكرة بيسبول في معدتي، وأطفأ آخر سيجارة في جسمي أثناء جلوسي في أحد البارات".

ويضيف: "كل هذه الأمور حدثت في فترة قصيرة وأثرت علي سلباً، أعراض الاكتئاب واضطرابات القلق أثرت على صورتي أمام نفسي، والصدمة التي نتجت عنها أصبحت كاللعنة، وجعلت من الصعب علي أن أكسر القوالب التي لم أرغب بها أو التي لم تكن في مصلحتي".

مخدرات

وتساءل رامي: "هل ما حدث كان خاطئاً وغير مقبول؟ نعم. ولكن ردّي كان أن أغفر. لا أغفر من أجلهم ولكن من أجلي، لأن الغفران هو مفتاح المضي قدماً لأن (الفيلسوفة) حنا آرنت قالت: (الغفران هو مفتاح العمل والحرية)".

لكنه اعتبر أن هذه السنوات لم تكن سيئة بالكامل، مضيفاً: "كنت حراً واستمتعت بفعل الكثير من الأشياء في صغري: كان لديّ أصدقاء، كنت أتعاطى المخدرات والكحول معهم، ونذهب إلى حفلات، وكانت لديّ رفيقة".

"يا طير يا طاير في السما"

ورغم حديث رامي فهيم عن تعرضه للسخرية بسبب عدم إجادته للعربية وعدم قدرته على نطق اسمه بشكل صحيح باللهجة المصرية في صغره، إلّا أنه واصل محاولة الحديث بها، ويظهر في مقطع فيديو نشره على قناته على "يوتيوب" في نوفمبر 2020، وهو يعزف على الجيتار ويغني بالعربية من كلمات نسبها إلى الشاعر المصري الراحل صلاح جاهين، لكنها على الأرجح ليست من كلماته:

"يا طير يا طاير فـي السما.. يا بختك
لا فارق معاك حاجة وعايش براحتك
لـو عـرفـت إيه اللي فـيـنا
عـمـرك ما هـتـبص تـحـتك"


ويبدو أن احتراف لعب الجيتار كان أحد أهداف رامي حيث ذكره في مقال منشور على مدونته الخاصة تحت عنوان التطلعات.

علاج نفسي باهظ

وخضع فهيم للعلاج النفسي، وشكا من كونه باهظ الثمن في ولاية كاليفورنيا واضطراره للجوء لطبيب نفسي من خارج الولاية، ليجد طبيباً في ولاية أوريجون على الساحل الغربي للولايات المتحدة. وقال إنه لجأ لطبيب لعقد الجلسات عبر الإنترنت.

"سأسامحك.."

ردة فعل فهيم حيال التنمر كانت متفاوتة، ففي تغريدة في 11 ديسمبر 2021، قال "إذا كان بيننا خلاف، فسأسامحك، سأكون في سلام معك، ولن أسعى للنيل منك".

لكن قبلها بأيام قال: "غيرت رأيي بشأن ما إذا كان مقبولاً أو يمكن التسامح مع شخص يتنمر عليّ، ولكن على الرغم من ذلك، لاحظت أنني أتصرف بشكل اجتماعي أكثر حين أتعامل مع السلوك الأقل قبولاً لدي. ووجدت أن هذا مفيد حالياً".

وأضاف: "أعتقد أن التنمر شيء خاطئ. أحاول ألّا أشعر بالإساءة، وأعتقد أن أفضل شيء ممكن للرد على الإساءة هو أن أقول توقف. ولكني أعتقد أن النقد السلبي تجاهي أكثر قبولاً إذا لم يتعد الحدود. لقد غيرت رأيي بشأنه".

"انطوائية"

انطوائية رامي فهيم ظهرت أيضاً في تغريداته التي قال فيها: "أود أن أكون برفقة فتاة توافق على كوني انطوائياً"، و"أنا لا أريد حياة جيدة فحسب، أنا أريد حياة جيدة مختلفة".

وفي تغريدة أخرى قال: "تحدٍ لنفسي قد أفشل فيه. أن أستضيف حفلاً في شقتي".

كان فهيم عضواً في صالون افتراضي على الإنترنت “Interintellect” يحاول أن يحاكي الصالونات الثقافية الفرنسية ولكن في عصر الإنترنت، وقاد فهيم مناقشة في الصالون حول "كيف تعتنق كونك غريباً".

"تريليونير"

وفي مقال على مدونته الخاصة بعنوان "التطلعات"، قال فهيم: "أريد منزلاً كبيراً. أريد أن تنجح إحدى الأعمال التي بدأتها، أريد صنع الموسيقى وأن أصبح محترفاً في لعب الجيتار وكتابة الأغاني. أريد أن أصبح كاتباً جيداً، وأريد أن أحدد موضوعاً لكتاب وأن أكتب كتاباً".

وأضاف أنه يرغب في أن يكون تريليونيراً (شخص لديه أكثر من تريليون دولار)، فقال: "لدي أحلام أعمق وأسرع من هذا، أردت أن أكون أغنى من أي شخص. سمعت مارك كيوبان (ملياردير أميركي) يقول إن أول 3 تريليونيرات سيكونون أشخاصاً يحترفون تطبيقات تعلم الآلات، وأريد أن يكون هذا هو أنا، على الأقل أريد أن أكون مليارديراً".

وفي 29 يناير الماضي، عبر رامي عن لحظة تفاؤل قال فيها: "ممتن لمن هم حولي. المستقبل سيحمل الكثير من التعلم. المستقبل سيكون جيداً لأن الناس في فريقي سينجحون".

"لتكن إرادة الله"

وكانت وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم عبد الشهيد، كشفت السبت عن توجيه الاتهام لابنها رامي بجريمة قتل شابين أميركيين.

وأضافت في رسالة بدأتها بالقول "لتكن إرادة الله":  "كأم، أطلب منكم الدعاء لى ولأسرتى فى هذه المحنة، وأدعو معكم لابنى رامى وللضحايا اللذين لقيا ربهما".

وأثارت الواقعة جدلاً في الشارع المصري بشأن ما إذا كان عليها أن تتخلى عن منصبها المعني أساساً برعاية المصريين في الخارج، في حين أن واحداً منهم هو ابنها الذي يواجه اتهاماً بالقتل، لكنها اعتبرت أن قيامها بواجباتها كوزيرة "لا يتعارض إطلاقاً مع كوني أماً مؤمنة تواجه بشجاعة محنة ابنها".

الاتهام والمحاكمة

ووجّه مكتب النائب العام لمقاطعة أورانج بولاية كاليفورنيا، تهمة القتل المزدوج مع الترصد لفهيم (26 عاماً)، واتهمه بقتل زميله في العمل، جريفين كومو (23 عاماً)، وزميله في السكن جوناثان بام (23 عاماً) في 18 أبريل بشقته في أناهيم، باستخدام سلاح مميت.

ووصفت وسائل إعلام أميركية مسرح الجريمة بأنه كان "دموياً للغاية وعنيفاً جداً"، والتقطت كاميرات المراقبة فهيم في إحدى ردهات المبنى وهو يحاول العثور على الشقة التي يقطنها الضحايا، حسب ما تعتقد الشرطة التي وجدته داخل الغرفة معهما جريحاً ومغطى بالدماء.

ومن المنتظر أن تعقد أولى جلسات المحاكمة في 17 يونيو المقبل، لتبدأ رحلة الفصل في الاتهام وتحديد مصير "رامي" الذي وصفته الوزيرة نبيلة مكرم في حوارها مع قناة المحور المصرية عام 2020، بأنه "حبيب أمه"، والابن الأكبر الذي يدرس في الولايات المتحدة وأحد الشخصيات الملتزمة والمميز في دراسته.

تصنيفات