أظهر بحث جديد أن إنفاق الصين المالي والاستثماري في دول مبادرة الحزام والطريق انخفض بشكل طفيف في النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي، بسبب عدم وجود مشروعات فحم واستثمارات جديدة في روسيا ومصر وسريلانكا.
وقال مركز التمويل والتنمية الأخضر بجامعة "فودان" في شنغهاي، في بحث نُشر، الأحد، إنّ إجمالي التمويل والاستثمار بلغ 28.4 مليار دولار لمشاريع المبادرة خلال الـ6 أشهر الأولى من العام الجاري، انخفاضاً من 29.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ليصل إجمالي الإنفاق التراكمي على الحزام والطريق إلى 932 مليار دولار منذ 2013، وفق ما أوردت وكالة "بلومبرغ" الأميركية.
وأوضح المركز أنّ نحو 11.8 مليار دولار من مشاركة الصين في مبادرة "الحزام والطريق" في النصف الأول من 2022 ذهبت إلى الاستثمارات، فيما خصصت 16.5 مليار دولار لعقود البناء الممولة جزئياً من خلال القروض الصينية، وبذلك يرتفع إجمالي المشاركة المالية لبكين منذ إطلاق المبادرة عام 2013 إلى 931 مليار دولار.
وقالت "بلومبرغ" إنّ مبادرة "الحزام والطريق" بدأت تفقد قوتها في عام 2017، بعد أن عززت الصين ضوابط رأس المال لوقف تراجع عُملتها، كما أدت جائحة كورونا إلى تفاقم المشكلات التي كانت تواجه مشاريع المبادرة بالفعل، لافتة إلى أنّ العديد من دول آسيا وإفريقيا بشكل خاص تعاني لسداد القروض أو حتى تتخلّف عن السداد، وهو ما ينعكس في البيانات الجديدة التي تظهر انخفاضاً بنسبة 40% عن النصف الأول من عام 2019.
الإنفاق على قطاع الطاقة
وظل قطاع الطاقة والنقل محور تركيز مبادرة "الحزام والطريق" في البنية التحتية، باستحواذه على 73% من إجمالي النفقات في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، ارتفاعاً من 63% العام الماضي، فيما ذهب النصيب الأكبر من التمويل إلى منطقة الشرق الأوسط التي حصلت على ثلث الرقم الإجمالي.
ووفقاً للمركز، فإن السعودية كانت أكبر متلق للاستثمارات الصينية، إذ تلقت نحو 5.5 مليار دولار في شكل تمويلات جديدة، بينما تلقى العراق نحو 1.5 مليار دولار للبناء، كما حصلت الفلبين وصربيا أيضاً على مشاريع بناء جديدة كبيرة، وظلت روسيا ثاني أهم شريك، بعد باكستان، يحصل على تمويلات في قطاع الطاقة في الفترة بين عامي 2013 و2022، على الرغم من عدم حصولها على أي تمويل جديد لمشاريع مبادرة "الحزام والطريق" في الفترة من يناير إلى يونيو 2022.
ولم تتلق مشروعات الفحم أي تمويل في النصف الأول من العام الجاري، وهو ما يمثل استمراراً للاتجاه الذي كان سائداً في عام 2021 عندما لم يتم إنفاق أي أموال من مبادرة "الحزام والطريق" على مشاريع الفحم في النصف الأول من العام.
وفي سبتمبر الماضي، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج، أنّ بلاده تخطط لوقف بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم في دول أخرى، وذلك بعد عام من تعهده بجعل بكين خالية من الكربون بحلول عام 2060، وهي الخطوة التي ستنهي أحد أخر مصادر التمويل الدولي لأكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثاً للبيئة، إذ يعتمد أكثر من 70% من جميع محطات الفحم الموجودة اليوم على التمويل الصيني.
وارتفع إنفاق بكين على قطاع التكنولوجيا بنسبة 300%، كما قفز بنسبة 209% في قطاع الصحة في النصف الأول من عام 2022، بينما تراجعت الاستثمارات الصينية في الخدمات اللوجستية والمنتجات الاستهلاكية والزراعة، حسب الدراسة.
انتقادات غربية
وكان الرئيس الصيني طرح مبادرة "الحزام والطريق" عام 2013 بهدف استخدام قوة الصين في التمويل وبناء البنية التحتية من أجل "بناء مجتمع واسع من المصالح المشتركة" في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية.
وواجهت المبادرة انتقادات دول غربية في السنوات الأخيرة بسبب عبء الديون الذي تفرضه على الدول وقضايا أخرى مثل التدهور البيئي، كما أعادت بعض الدول التفاوض بشأن مشاريعها الاستثمارية مع الصين ما يسلط الضوء على مخاطر الديون.
و اتهمت الولايات المتحدة ودول أخرى بكين باستخدام "دبلوماسية الديون"، لجعل الدول النامية أكثر اعتماداً على الصين، وهي الاتهامات التي نفتها بكين.
والشهر الماضي، أعلنت واشنطن عن مبادرة باسم "الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار" في قمة مجموعة الدول السبع، طرحت كبديل مباشر للمبادرة الصينية. وتهدف المبادرة الجديدة إلى تمويل المشاريع في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض بتمويلات تصل قيمتها إلى 600 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، سيكون معظمها من خلال استثمارات القطاع الخاص مع بعض التمويل من قبل الحكومات.
اقرأ أيضاً: