تُعتبر إسرائيل الأكثر سرعة في تطعيم سكانها، بلقاحات مضادة لكورونا، لكنها تُظهر للعالم أيضاً أن رحلة استعادة الحياة الطبيعية ستكون طويلة وشاقة.
وتلقى نحو نصف سكان إسرائيل، وعددهم 9.3 مليون، جرعة واحدة على الأقلّ. واستندت السلطات إلى ذلك، لبدء إعادة فتح الاقتصاد. وسمحت الأحد، للمسارح والمراكز الرياضية والفنادق وصالات الألعاب الرياضية، بفتح أبوابها للذين يمكنهم إظهار أنهم تلقوا اللقاح، أو تعافوا من الفيروس، مستخدمين تطبيق "الممرّ الأخضر" للهواتف الخلوية.
ويمكن لـ30% من السكان، المؤهلين للحصول على هذا التصريح، دخول الصالات الرياضية والمسابح ومرافق أخرى.
ولكن على الرغم من أن ذلك يثير أملاً لدى شركات مغلقة منذ شهور، وللاقتصادات في كل أنحاء العالم، التي أنفقت تريليونات الدولارات لدعم السكان، أثناء عمليات الإغلاق، فإن إسرائيل تُظهر حالة طبيعية جديدة ناشئة، قد لا تشبه إلى حد كبير عالم ما قبل الجائحة، في الوقت الحالي، وفق وكالة "بلومبرغ".
ويستعدّ "مسرح حيفا" لأول عرض منذ الصيف الماضي. وقالت المديرة التنفيذية للمسرح نيزا بن زفي: "رأيت كل الأضواء في الردهة وقلبي مفعم. آمل بأن يكون الأمر كذلك. انتهينا، سنعود ولن يكون هناك مزيد من القيود".
مع ذلك، ورغم بيع كل البطاقات لعرض يبدأ في أواخر الشهر الجاري، فإنها لا تملأ سوى نصف مقاعد المسرح، إذ على الحضور الجلوس متباعدين. وذلك لا يضمن عائدات كافية، لتغطية تكاليف أعمال تتطلّب موازنة أكبر، مثل المسرحيات الموسيقية.
بداية حذرة
وأفادت "بلومبرغ" بأن هناك قصصاً مشابهة في كل أنحاء إسرائيل، إذ تكثف شركات عملياتها بحذر شديد، ولا يزال التباعد الاجتماعي قائماً، كما أن المستهلكين حذرون. ومع انتهاء صلاحية شهادات اللقاح بعد 6 أشهر، يحتاج الناس لوقت قبل استعادة حياتهم الطبيعية.
وأشار أميت باهات، مدير العمليات في مجموعة Isrotel Ltd، وهي إحدى أضخم سلاسل الفنادق في البلاد، إلى إعادة فتح غالبية فروعها، مستدركاً أن نسبة شغل الغرف تبلغ نحو 50% هذا الأسبوع، وهذا أقلّ من المعتاد في هذا الوقت من العام.
ويعتقد نادي "بيتار القدس" لكرة القدم بأن إدخال مشجعين إلى ملعبه، في إطار برنامج "الممرّ الأخضر"، ليس مجدياً، رغم أنه خالٍ منذ نحو سنة. وبرّر موني بروش، المدير التنفيذي للنادي، الأمر بالسماح بملء 500 فقط من أكثر من 30 ألف مقعد في الملعب، وهذا لا يكفي لتبرير تكلفة فتحه مجدداً. وأضاف: "ما زلت لا أعلم كيف سيبدو الافتتاح".
سياحة شبه معدومة
ولا تزال المحرّكات الاقتصادية الأساسية الأخرى متوقفة. فالسياحة شبه معدومة، إذ أُغلق المطار الرئيس أمام كل الرحلات الجوية تقريباً، حتى مطلع مارس المقبل.
وبعد تسجيل انكماش اقتصادي بنسبة 2.4% العام الماضي، يتوقع المصرف المركزي الإسرائيلي نمواً بنسبة 6% هذا العام، إذا استمرّت حملات التطعيم السريعة. وتبقى الأخطار قائمة، خصوصاً إذا تفشّى نوع متحوّر لكورونا، مقاوم للقاح. والخطر الآخر يكمن في أن الحكومة فشلت في تأمين دعم مالي كافٍ للمساعدة في التحوّل الاقتصادي، علماً أنها تواجه انتخابات نيابية في 23 مارس.
وقال أدي بريندر، رئيس قسم الاقتصاد الكلّي والسياسات في قسم الأبحاث بالمصرف المركزي: "السؤال الآن هو كيف نسحب الحوافز بعناية، لئلا نهدر المال ونصبح مدمنين على الدعم الحكومي من جهة. ومن جهة أخرى، الامتناع عن كبح الزخم، وترك الناس عاجزين في وقت سابق لأوانه بكثير".
وأسهم التطعيم السريع في إسرائيل في تعزيز عملتها، ما جعلها من بين الأفضل أداءً في العالم، في مطلع العام. ولكن بعد بداية سريعة، تباطأت وتيرة التطعيم مقارنة بالأسابيع الأولى، وأثار مسؤولون إمكان إعداد قواعد لتسمية غير الملقحين، مطالبين العاملين في مهن معيّنة، مثل التدريس، بتلقي اللقاح أو الخضوع لاختبارات متكرّرة.
مطاعم مغلقة
إذا سارت المرحلة الحالية من إعادة فتح البلاد بشكل جيد، فستتيح إسرائيل للمطاعم والمقاهي فتح خدمتها بشكل كامل، في مطلع مارس، علماً أنها تعمل الآن لتوصيل وجبات جاهزة.
ومثل أي مكان آخر في العالم، مسّ كورونا قطاع المطاعم. وأشار تومر مور، الذي يدير جمعية تجارية، إلى إغلاق أكثر من 4000 من 14 ألف مطعم. وخلال الجائحة، تراجع عدد العاملين في القطاع بنسبة 80%، ليبلغ 50 ألفاً. ولفت مور إلى أن تكاليف إعادة الافتتاح قد تكون باهظة بالنسبة إلى 2000 مطعم إضافي، وفق "بلومبرغ".
ويخطط جوناثان بورويتز، وهو مالك لمطعم شواء شهير في تل أبيب، لإعادة افتتاح بطيئة. وبدل نحو 20 طبقاً في القائمة، سيُعاد فتحه بخمسة أو ستة أطباق أساسية. كما أن أوقات العمل قد تكون أقصر، إذ إنه ليس متأكداً من إمكان تشغيل ما يكفي من الموظفين للعمل لمدة 12 ساعة يومياً.
ولا يزال بورويتز حذراً، إذ إن إعادة فتح المطعم ستكبّده 140 ألف شيكل (42800 دولار). وقال: "ما زلت لا أرى الضوء في نهاية النفق".