قال مسؤول في وكالة الأمن القومي الأميركية، إن روسيا لجأت إلى الهجمات السيبرانية على قطاعات حيوية في أوكرانيا، بعد فشلها ميدانياً في ساحة المعركة، وذلك بهدف "ترهيب" المدنيين، وتغيير مسار الغزو المستمر منذ فبراير 2022.
وأضاف روب جويس مسؤول الأمن السيبراني في الوكالة لمجلة "بوليتيكو"، أن روسيا "اعتمدت على الضربات الصاروخية، أكثر من اعتمادها على الأسلحة السيبرانية لتحقيق أهدافها في أوكرانيا، إلا أن الهجوم على البنية التحتية في قطاعات الطاقة والنقل وغيرهما، يُظهر أن تلك الهجمات لا تزال جزءاً أساسياً من استراتيجية موسكو الشاملة لكسر إرادة الأوكرانيين".
وتابع: "كلما طال أمد هذه الحرب، ستتفاقم صعوبتها على الشعب الأوكراني، وسيتفاقم ضعفهم أمام الهجمات السيبرانية المدمرة على البنية التحتية الحيوية. ما أخشاه هو أن يزداد تطلع الروس إلى تضخيم ما يفعلونه من خلال التأثير في هذا الفضاء".
وزاد جويس: "نشعر بقلق دائم بشأن تقويض سلاسل التوريد"، مستشهداً بالهجوم على شركة "SolarWinds" في 2020، والذي استخدم فيه المخترقون المشتبه في أنهم تابعون للحكومة الروسية ثغرة لاختراق شبكات أكثر من 12 وكالة فيدرالية أميركية على مدى أشهر.
وأعرب مسؤول الأمن السيبراني عن مخاوفه من أن تصبح موسكو أكثر "وقاحة" في هجماتها السيبرانية ضد المدنيين، حال لم يمضِ سيناريو الحرب لصالحها، معرباً عن "قلقه" من "يأس الروس واستخدامهم مختلف الوسائل المتاحة".
وقال جويس إن الروس تمكنوا بنجاح من اختراق قطاعات الطوارئ والنقل والاتصالات، واستهدفوا كاميرات المراقبة، ربما لتقديم معلومات عن تحركات القوات الأوكرانية.
أكثر من 2000 هجمة
ولم تهدأ وتيرة الهجمات السيبرانية الموجهة ضد أوكرانيا على مدى الأشهر الـ 12 الماضية.
وعلى الرغم من توجيه الهجمات ضد أهداف عسكرية بالأساس، مثل الهجوم الذي طاول شركة الأقمار الاصطناعية الأوكرانية "Viasat" سابقاً، والذي أدى إلى تعطيل الاتصالات العسكرية الأوكرانية، إلا أن المخترقين يستهدفون بدرجة أكبر "المرافق الحيوية التي تستخدم يومياً".
وبحسب إحصاءات قدمها فريق الاستجابة لحالات الطوارئ الحاسوبية في أوكرانيا لـ "بوليتيكو"، فإن الروس وجهوا "أكثر من 2000 هجوم سيبراني ضد المنظمات الأوكرانية في عام 2022".
وبينما استهدفت أكثر من 300 هجمة قطاعي الأمن والدفاع، تم توجيه أكثر من 400 ضد القطاعات المؤثرة على الحياة اليومية، مثل المنظمات التي تعمل في مجالات التجارة والطاقة والمال والاتصالات والبرمجيات، فيما استهدفت أكثر من 500 هجمة القطاعات الحكومية.
وأفاد تقرير صدر حديثاً عن دائرة حماية الاتصالات والمعلومات الخاصة، التابعة للحكومة الأوكرانية، بأنه "في حين تباطأت وتيرة الهجمات السيبرانية الروسية الموجهة ضد أوكرانيا في الفترة بين سبتمبر وديسمبر 2022، إلا أن هذه الهجمات استهدفت بدرجة متزايدة قطاعي الخدمات العامة والطاقة، بدلاً من الأهداف العسكرية".
وقال مسؤولون للمجلة أن موسكو تسعى من خلال الهجمات إلى "إحداث تأثير نفسي على الأوكرانيين قدر الإمكان".
وسبق أن حذرت شركة "مايكروسوفت" في تقرير صدر ديسمبر الماضي، من انتشار الهجمات السيبرانية والصاروخية التي تستهدف قطاعي الطاقة والمياه في أوكرانيا، إلى دول أخرى مثل بولندا والشركات الخاصة التي تقدم المساعدات إلى أوكرانيا، بما في ذلك "المنظمات التي تقدم المساعدات الإنسانية".
تهديد أميركي
رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي مارك وارنر، قال في تصريح لـ"بوليتيكو": "رأينا الروس يستهدفون البنية التحتية المدنية في محاولات لتقويض إرادة الأوكرانيين، وخنق استعدادهم للقتال".
وأضاف: "نحن لم نرَ الروس ينشرون بجدية القدرات السيبرانية الهائلة التي نعلم أنهم يمتلكونها في محاولة لاستهداف الغرب في هذا الصراع، لكن حال فعلوا ذلك، فهم بحاجة إلى أن يعلموا أننا لدينا قدرات سيبرانية هائلة يمكن استخدامها للرد".
ولفتت "بوليتيكو" إلى أن أوكرانيا ربما لا تمثل "الهدف الوحيد" للهجمات السيبرانية الروسية، ففي بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من وقوع "هجمات سيبرانية روسية محتملة" ليس فقط ضد أوكرانيا، وإنما ضد الشبكات الموجودة داخل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الحليفة.
وحذرت المجلة الأميركية من أن خطر الهجمات السيبرانية ضد واشنطن "لا يزال قائماً"، رغم أن روسيا لم تشن هجمات كبرى ناجحة على الولايات المتحدة في عام 2022، رداً على مساعداتها لكييف.