حصلت شبكة تجسس في روسيا على تكنولوجيا حساسة من شركات الاتحاد الأوروبي لمساعدة روسيا في غزوها أوكرانيا، رغم حملة العقوبات التي شنتها الولايات المتحدة، وفقاً لتحقيق نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، الأربعاء، وأوراق قضية بوزارة العدل الأميركية.
واستطاعت شبكة "Serniya" التي تم إنشاؤها لشراء سلع تتراوح من الرقائق الدقيقة إلى الذخيرة، الحصول على أدوات آلية من ألمانيا وفنلندا، رغم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في مارس 2022، كما تضمنت العمليات الشرائية مواداً يمكن استخدامها لتطوير أسلحة تفوق سرعة الصوت.
وفي التفاصيل التي نشرتها الصحيفة، فإن "Serniya" التي اتهمتها وزارة العدل الأميركية بـ"العمل في أنشطة شراء سرية وحساسة للغاية" نيابة عن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB)، ومديرية الاستخبارات العلمية والتكنولوجية المعروفة باسم "المديرية T" متورطتان بعمليات الشراء.
ولفتت الصحيفة إلى أن جهاز الاستخبارات الأجنبية التابع للكرملين والمعروف باسم "SVR"، إضافة إلى شركتي "روستيخ" لتصنيع وتصدير المنتجات الصناعية ذات التقنيات العالية، و"روساتوم" الحكومية المسؤولة عن الترسانة النووية بروسيا، من ضمن المتورطين في الشبكة.
"فاينانشيال تايمز" وجدت أن شركة "Treydtuls" الروسية التي يسيطر عليها الشخص ذاته المتورط بشبكة "Serniya" الذي وصفته الولايات المتحدة بأنه "منخرط في أنشطة بتوجيه من أجهزة المخابرات الروسية"، واصلت شراء المواد من الشركات داخل الاتحاد الأوروبي.
وتكشف سجلات الشركة وإقرارات الاستيراد والمقابلات عن شركة "Trading House" إن "Treydtuls"، المسجلة في منطقة صناعية شمال موسكو، حصلت على مواد بقيمة 900 ألف دولار منذ بدء الغزو في 24 فبراير العام الماضي، بما في ذلك رقائق دقيقة ومواد للتصنيع، معظمها من الاتحاد الأوروبي.
وشركة "Treydtuls" مسجلة في نفس عنوان شركة "Robin Trade"، وهي جزء من الشبكة، ويملكها الشخص ذاته، وهو مواطن روسي يُدعى أليكسي زيبيروف.
معدات ألمانية
وقال مكسيم ميرونوف، أستاذ المالية في كلية إدارة الأعمال في مدريد، إنه بناءً على سجلات الجمارك المتاحة تجارياً، والمدعومة ببيانات الاستيراد، فإن شركة "Robin Trade" نقلت بضائع بقيمة 12.2 مليون دولار إلى روسيا حتى أبريل 2022، قبل أن تنخفض عائداتها بنسبة 90% بعد العقوبات.
ومع توقف أجزاء أخرى من الشبكة عن نشاط الشراء في أعقاب العقوبات، بدأت "Treydtuls" في استيراد معدات من شركة بألمانيا.
وتُظهر سجلات الجمارك أن شركة "Treydtuls" جلبت 22 طناً من المعدات من ألمانيا إلى روسيا، بقيمة معلنة تبلغ 554 ألف دولار بحلول نهاية عام 2022.
كما تظهر السجلات أن "Treydtuls" اشترت في إحدى المرات، لوحات الدوائر المتكاملة من شركة صغيرة في سنغافورة بقيمة 253 ألف دولار، إذ تم تصنيع هذه المواد من قبل مجموعات أشباه الموصلات الأميركية "أنالوج"، و"تكساس إنسترومنتس" و"ألتيرا"، والشركة الألمانية "IC-Haus".
التوجه إلى فنلندا
وتوقفت جميع هذه الشركات عن التصدير إلى روسيا، ما زاد من حاجة الكيانات الحكومية والعسكرية الروسية إلى الحصول على الإلكترونيات المتقدمة من دول ثالثة، لذلك لجأت "Treydtuls" إلى فنلندا للحصول على أقراص الطحن والقطع المقواة.
وفي هذا الصدد، قال إركي كودار، الوزير الإستوني المسؤول عن العقوبات، للصحيفة: "حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كان أسلوب عملهم هو تهريب البضائع ومحاولة العثور على أشخاص على استعداد لنقل هذه البضائع عبر الحدود".
في حين أفاد بريان نيلسون، المسؤول الكبير في وزارة الخزانة الأميركية بأن "خدماتنا الأمنية تتبعت هذا النشاط على مدى السنوات الـ 10 إلى 15 الماضية وتم تكثيفها"، مشيراً إلى أنه زار، مطلع مايو سويسرا والنمسا وإيطاليا وألمانيا للتحذير من استمرار موسكو في التهرب من ضوابط التصدير وشراء معدات متطورة.
برامج تهريب
ويعد تأمين الإلكترونيات المتقدمة والأدوات المستخدمة في ماكينات التصنيع أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لروسيا للحفاظ على مجمعها الصناعي العسكري.
وتوضح القدرة المستمرة لخلية المشتريات العاملة في أوروبا التحديات التي تواجهها الحكومات الغربية في محاولتها كبح إمدادات التكنولوجيا الحيوية للمجمع الصناعي العسكري الروسي، وفقاً لـ"فاينانشيال تايمز".
يشار إلى أن حكومة المملكة المتحدة تحظر تصدير هذه العناصر إلى روسيا، وكوريا الشمالية، وإيران، لكن الاتحاد الأوروبي لا يحظر تصديرها، كما لا يوجد دليل يشير إلى أن الشركات الأوروبية كانت على علم بأنها تتعامل مع شركة مرتبطة بالاستخبارات الروسية.
وتشبه برامج التهريب تلك التي تديرها كوريا الشمالية وإيران والتي تخضع أيضاً لعقوبات أميركية واسعة النطاق.
وكشفت رسائل بريد إليكتروني اعترضتها السلطات الأميركية، وتم تضمينها في لائحة اتهام الصادرة عن وزارة العدل، كيف تلقت إحدى الشركات في شبكة المشتريات الروسية في أغسطس 2020 تجديداً لترخيصها من "FSB"، ما سمح لها بتنفيذ الأعمال باستخدام معلومات تصل إلى مستوى "سري للغاية".
اقرأ أيضاً: