لبنان.. الوضع الاقتصادي يجبر جنوداً على العمل بمهن أخرى

جندي من الجيش اللبناني يقف بالقرب من احتجاجات لمتقاعدي الجيش على تردي الوضع الاقتصادي. بيروت. 30 مارس 2023 - REUTERS
جندي من الجيش اللبناني يقف بالقرب من احتجاجات لمتقاعدي الجيش على تردي الوضع الاقتصادي. بيروت. 30 مارس 2023 - REUTERS
طرابلس (لبنان)-أ ف ب

لجأ بعض العسكريين في لبنان إلى مزاولة مهن أخرى تؤمن ما تعجز الدولة المفلسة عن تقديمه، خصوصاً بعد الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد، وخسارة الليرة قرابة 98% من قيمتها، وفق تقرير لوكالة "فرانس برس".

ويعد راتب سامر، الجندي في الجيش اللبناني، واحداً من هؤلاء، إذ يعمل ميكانيكي لسد احتياجات منزله الأساسية وتأمين معيشة أفضل لعائلته الصغيرة.

سامر واحد من الآلاف من عناصر الجيش وقوات الأمن في لبنان ممن باتوا يزاولون مهنة ثانية، لتعويض تدني قيمة رواتبهم بعد تدهور قيمة العملة الوطنية، رغم أن الأنظمة العسكرية تحظر ذلك ويتعرّض مخالفوها لعقوبات. 

وقال سامر (28 عاماً) لوكالة "فرانس برس": "تعرف المؤسسة العسكرية أننا نعمل، لكنها تغضّ النظر، لأن العسكري لم يعد قادراً على التحمل. لو لم نفعل ذلك، لهرب الجميع ولم يبق عنصر واحد في الجيش".

وأضاف: "كان راتبي يساوي 800 دولار قبل الأزمة، اليوم أحصل على 100 دولار فقط مع الزيادات الموقتة والتدابير التي أُقرّت لدعم الرواتب".

خط الفقر

ويعيش 80% من السكان في لبنان تحت خط الفقر، إذ وضع الانهيار الاقتصادي القطاعات كافة، بينها الجيش وقوى الأمن أمام تحديات عدة، أبرزها مواصلة تأمين الاحتياجات الأساسية من غذاء وأدوية ومحروقات وصيانة عتاد.

ومنذ بدء الأزمة، تعتمد قيادة الجيش تقشفاً في موازنتها، فقلّصت مثلاً اللحوم من وجبات العسكريين، ثم أطلقت عام 2021 رحلات سياحية جوية بالمروحيات مخصصة للمدنيين، مقابل بدل مادي. 

وتتنوع المجالات التي يعمل فيها الجنود كالمطاعم والأفران والزراعة وتصفيف الشعر، وقيادة سيارات الأجرة والبناء وحتى كعناصر أمن خاص، وفق "فرانس برس".

وتنسحب المعاناة ذاتها على قوى الأمن التي يبدو وضعها أصعب من المؤسسة العسكرية، التي تتلقى مساعدات من دول عدة، أبرزها الولايات المتحدة، لمواجهة الأزمة الاقتصادية.

مع عجز السلطات عن احتواء الأزمة وتداعيات انهيار الليرة، بدأت قطر في صيف 2022 تقديم دعم مالي للجيش، على شكل مساعدة مالية بقيمة 100 دولار لعناصره لمدة 6 أشهر. وأقدمت الولايات المتحدة على الخطوة ذاتها، إذ بدأت الشهر الماضي، بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقديم مساعدة مالية بقيمة 100 دولار شهرياً على مدى 6 أشهر لعناصر قوى الأمن الداخلي، على أن يسري ذلك على الجيش أيضاً. 

لكن في بلد يبلغ فيه التضخّم معدلات هائلة، ويتغير سعر صرف الليرة يومياً، لا تحدث المساعدات فرقاً. 

"لا حلول"

وقال مصدر أمني لـ"فرانس برس": "تغضّ قوى الأمن الداخلي نظرها عن عمل العناصر في وظائف إلى جانب مهامهم الأساسية، لأنه لا توجد حلول أخرى، فالدولة غير قادرة على تحسين رواتبهم، وكل الأعباء حتى أقساط المدارس باتت بالدولار".

وأضاف: "نحاول مساعدتهم قدر الإمكان، لكن حتى الـ100 دولار التي تقدمها الولايات المتحدة غير كافية في ظل الوضع القائم".

ولم تعد الميزانية المخصصة لعلاج العناصر الأمنية كافية مع ارتفاع تكلفة العلاج وحصول المستشفيات على المقابل بالدولار.

وأثّرت الأزمة الاقتصادية، وفق الباحثة في مركز "كونترول ريسكس" دينا عرقجي على "قدرة الأجهزة الأمنية على العمل بشكل مناسب، وعلى معنويات عناصرها".

ومع التغاضي عن مزاولة عناصر الأمن والجيش مهناً أخرى، باتت قدرة الأجهزة على الاستجابة لاحتياجات الأمن الداخلي في البلاد "مهددة"، في بلد يشهد انقساماً سياسياً، وجموداً يطال عمل المؤسسات كافة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات