انفتاح دبلوماسي وتنوع اقتصادي.. أبرز مكاسب انضمام الجزائر لـ"شنغهاي"

أعلام الدول المشاركة في اجتماع وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) بجزيرة جوا في الهند. 4 مايو 2023 - REUTERS
أعلام الدول المشاركة في اجتماع وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) بجزيرة جوا في الهند. 4 مايو 2023 - REUTERS
الجزائر-أمين حمداوي

أعربت الجزائر عن رغبتها في الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون "SCO" كمراقب في الوقت الحالي، وذلك قبل تقييم الوضع والانضمام بشكل رسمي إلى المنظمة، في خطوة فتحت باب التساؤلات بشأن خلفيات وأسباب هذا التوجه وأهدافه.

وتهدف منظمة شنغهاي إلى تقوية الثقة المشتركة بين الأعضاء، إلى جانب علاقات حسن الجوار، وتعزيز التعاون في مجالات "مكافحة الإرهاب والتطرف، والاتجار غير المشروع بالمخدرات"، إضافة إلى تعزيز التعاون السياسي الفعال في مجالات السياسة، والتجارة، والاقتصاد، والعلوم، والتكنولوجيا، والثقافة، والتعليم، وذلك وفقاً للموقع الرسمي للمنظمة.

وكان وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، قال خلال حوار له مع وكالة "نوفا"، في يونيو الماضي، إن بلاده طالبت بأن تصبح دولة مراقبة في إطار "منظمة شنغهاي"، مشيراً إلى أنه يتم عادة طلب الانضمام كعضو مراقب، قبل تقييم الوضع واتخاذ قرار الانضمام بشكل رسمي.

وذكر عطاف أن "الرئيس عبد المجيد تبون، يرى أن "هناك مركزاً اقتصادياً كبيراً يتشكل في آسيا الوسطى.. ومن أجل الحفاظ على مصالح البلاد، تتركز جهود الدبلوماسية الجزائرية بشكل كبير نحو هذه المنطقة من العالم".

عوامل تقارب

وترتبط الجزائر بعلاقات قوية على مستوى التعاون الثنائي مع الصين وروسيا، القوتان النافذتان في المنظمة.

كما تجمع الجزائر والصين اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة تم توقيعها عام 2014، وهي الأولى من نوعها بين بكين ودولة عربية، إلى جانب أنها أهم شريك تجاري للجزائر، وذلك بحجم تبادل تجاري يُقدر بين 7 و10 مليارات دولار خلال العقد الماضي.

وتُعد الجزائر أيضاً شريكاً أساسياً لروسيا في الشرق الأوسط وإفريقيا، إذ يرتبط البلدان منذ العهد الاتحاد السوفياتي، بعلاقات رفيعة المستوى، خصوصاً في مجالات التعاون، والتدريب العسكري، والتسلح.

وتتمسك الجزائر بمبدأ "إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب"، وهو أحد المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية لـ"منظمة شنغهاي"، وتُشكّل قاسماً مشتركاً بين الجانبين، إضافة إلى مبادئ الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ومحاربة الإرهاب، وتبنّي مقاربة التنمية الاقتصادية كوسيلة حيلولة من التطرف والتهديدات الأمنية.

ويأتي اهتمام الجزائر بالانضمام للمنظمة تزامناً مع مساعيها للانضمام إلى مجموعة "بريكس"، وهي مجموعة مؤثرة من الاقتصادات الناشئة، تضم الصين، وروسيا، والبرازيل، والهند، وجنوب إفريقيا، وتُشكّل قرابة ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتشجع التعاون التجاري والسياسي بين الدول المنضوية تحت لوائها.

وتنتظر الجزائر القمة التي ستُعقد نهاية أغسطس المقبل في جنوب إفريقيا، لدراسة معايير الانضمام لمجموعة "بريكس"، حيث رحبت كلّ من موسكو وبكين برغبة الجزائر.

انفتاح دبلوماسي

ورأى عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الجزائري عبد السلام باشاغا في حديث لـ"الشرق"، أن "إعلان الجزائر رغبتها في الانضمام لمنظمة شنغهاي بصفة عضو مراقب، خلال جولة أوروبية لوزير الخارجية شملت إيطاليا وألمانيا، يُمثل تأكيداً على الانفتاح لربط شراكات تعاون مع جميع الأطراف، بما يضمن مصالحها الاستراتيجية بعيداً عن الانحياز لطرف على حساب الآخر".

وأوضح باشاغا أن "اهتمام بلاده بالانضمام لمنظمة شنغهاي، يأتي ضمن مساعيها للعودة إلى واجهة الأحداث الإقليمية والدولية كفاعل هام، وكذلك في إطار اهتمامها بتنويع شراكاتها بالانفتاح على تكتلات جديدة، بعد عزلة عاشتها الدبلوماسية الجزائرية خلال العشرية الأخيرة، والتوجه الأحادي في شراكتها مع الضفة الشمالية للمتوسط في إطار اتفاق الشراكة الأوروبي".

وترى الجزائر أنه من الضروري مراجعة بنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وفق مبدأ "رابح - رابح"، الذي تم توقيعه بين الطرفين عام 2002، على اعتبار أن الجزائر، كما ترى، لم تستفد من هذا الاتفاق الذي أدى إلى خسائر كبيرة، من دون الاستفادة من استثمارات أجنبية مباشرة.

بدوره، قال أستاذ العلاقات الدولية بالمعهد الأوروبي لـ"جامعة جنيف"، حسني لعبيدي، إن الجزائر تهتم بالانضمام إلى "منظمة شنغهاي" إدراكاً منها بأن "العالم يتجه نحو تحولات كبرى، ونظام دولي يتميز بتحالفات كبيرة"، ويختلف عن النظام الموروث عن الحرب العالمية الثانية.

وأضاف لعبيدي في حديث لـ"الشرق"، أن "الجزائر لا يمكن أن تكون في معزل عن هذه التحالفات ومن بينها منظمة شنغهاي، التي تُعد أكبر تجمع إقليمي عالمي يضم نصف سكان العالم و4 دول نووية، ويتميز بتنوع سياسي، وثقافي، واقتصادي، ويحترم الاختلافات بشكل يكفل احترام خصوصية البلاد".

وتابع أن الجزائر "تعي كذلك أن الانضمام للمنظمة حتى بصفة مراقب له أهمية كبيرة، بحكم أنه سيوفر للبلاد علاقات جديدة مع دول آسيا وأوروبا، وخيارات متعددة في سياستها الدولية مع حلفائها التقليديين في أوروبا".

أبعاد اقتصادية

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي وعضو لجنة المالية بمجلس النواب الجزائري، عبد القادر بريش، أن الاهتمام بالانضمام للمنظمة يأتي ضمن مقاربة جديدة تسعى من خلالها الجزائر إلى تنويع شراكاتها وتحالفاتها الاستراتيجية على أساس مبدأ "رابح - رابح".

وقال بريش لـ"الشرق"، إن انضمام الجزائر للمنظمة يفتح أمامها الباب لـ"تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول المجموعة التي تُعد منصة لتعزيز التعاون الاقتصادي، من خلال رفع المبادلات التجارية والاستثمارات بين الدول الأعضاء".

توسع "شنغهاي"

وتأسست "منظمة شنغهاي" المعروفة اختصاراً (SCO) عام 2001، كرابطة متعددة الأطراف تهدف إلى ضمان الأمن والحفاظ على الاستقرار عبر الأنحاء الشاسعة لأوروبا وآسيا، إلى جانب توحيد الجهود للتصدي للتحديات والتهديدات الناشئة، وتعزيز التجارة، فضلاً عن التعاون الثقافي والإنساني.

وتضم المنظمة حالياً 8 دول كاملة العضوية هي: الهند، وكازاخستان، والصين، وقيرغيزستان، وروسيا، وباكستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان، إضافة إلى إيران التي ستنضم قريباً بشكل رسمي.

كما حصلت 4 دول عربية على صفة "شركاء حوار" مع منظمة شنغهاي، هي السعودية، ومصر، وقطر، والبحرين.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات