مصر تستعد لدخول "نادي العملات البلاستيكية"

عملة مصرية من فئة 100 جنيه موضح عليها علامات التأمين المائية - cbe.org.eg/
عملة مصرية من فئة 100 جنيه موضح عليها علامات التأمين المائية - cbe.org.eg/
القاهرة-الشرق

أعلن البنك المركزي المصري، قرب إصدار وتداول عُملات نقدية بلاستيكية من فئات 10 جنيهات و20 جنيهاً، مصنوعة من مادة "البوليمر"، بالتزامن مع تشغيل مطبعة حديثة بالعاصمة الإدارية الجديدة.

وبحسب تصريحات لنائب محافظ البنك، جمال نجم، نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، فإن النقود البلاستيكية تتميز بأنها تدوم 3 أضعاف العمر الافتراضي لنظيرتها الورقية أو البنكنوت.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ نهاية عام 2018، أعلن البنك المركزي نيته طرح عملات بلاستيكية في 2020. وفي حال تنفيذ المشروع المذكور، ستنضم مصر إلى نادي العملات البلاستيكية، وتحذو حذو عدد من الدول التي طبقت هذا الأمر منذ عقود، وأبرزها إنجلترا، وكندا، وأستراليا وبعض دول الخليج العربية.

القطن مقابل البوليمر

وتُعد الألياف القطنية المعالجة، الخامة الأساسية لعدد من أشهر العملات حول العالم، فوفقاً للموقع الرسمي لـ"بنك أوف فرنسا" فإن إحدى السمات المميزة لليورو، العملة الرسمية لدول الاتحاد الأوروبي، أنه يتكوّن من قطن خالص، فيما تسهم مراحل التصنيع في إعطائه الملمس المرن والمتين في الوقت ذاته.

أما الدولار الأميركي، فيتكون وفقاً لمكتب النقش والطباعة (وكالة حكومية تتبع وزارة الخزانة الأميركية)، من 75% من القطن، و25% من الكتان، وقدّرت عدد بالات القطن المستخدمة في صناعة الفئات النقدية الأميركية عام 2009 فقط، بما يزيد على 21 ألف بالة.

في المقابل، لجأت المملكة المتحدة بالتدريج، إلى تعميم عدد من الفئات النقدية للجنيه الإسترليني من خام البوليمر بداية من عام 2015، وبحسب الموقع الرسمي لبنك إنجلترا، فإن النقود المصنوعة من البوليمر أكثر قابلية لتطبيق العديد من العلامات التأمينية.

وبحسب إحصاءات بنك إنجلترا، فإن العملات المصنوعة من البوليمر أطول عمراً من نظيراتها مرتين ونصف، كما أن بصمتها الكربونية أكثر خفة على البيئة، علاوة على أن أسطحها أكثر نظافة، لأنها مقاومة للرطوبة والغبار.

"مخاطر كورونا"

خبير التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، والمدير الأسبق لإدارة نظم الدفع بالبنك المركزي المصري، أحمد منصور، قال إن "استعداد البنك المركزي المصري لهذا التحول قائم منذ فترة، ومسبوق بدراسات عدة، شأنه شأن أي مشروع قومي".

ويعتبر منصور، أن الاتجاه الأخير للتحول إلى النقد البلاستيكي في مصر، لا يأتي تماشياً مع موجة رائجة عالمياً، موضحاً أن الإسراع في التنفيذ قد يكون مرتبطاً بعلاقة المشروع بمكافحة عدوى كورونا، كما يسهم في تقليل استخدام ورق البنكنوت.

وأضاف، في تصريحات لـ"الشرق": "نحن دولة تستخدم كميات كبيرة جداً من الورق لصناعة النقد، وهذه الخطوة تمثل محاولة لتقليل تكلفة الإنتاج والتوزيع نظراً للعمر الافتراضي الأطول، فضلاً عن أن البوليمر أكثر قابلية للتحكم والرصد وكشف عمليات التزوير".

ويتوقع منصور تداول النقود البلاستيكية في مصر بنهاية العام الجاري، بعد تشغيل مطبعة النقود الجديدة في العاصمة الإدارية منتصف العام، وتطبيق خطة الإحلال للبنك المركزي المعتمدة على تداول العملات الصغيرة أولاً.

صعوبة التحول

ويشير منصور، إلى أنه على الرغم من قائمة الفوائد التي يدعمها الاتجاه نحو النقود البلاستيكية، إلا أن العديد من البنوك الوطنية حول العالم لا تزال تستعين بخاماتها المعتادة في صناعة النقد، بسبب صعوبة التحول، موضحاً أن "التحول في حالة الدولار المتداول في العالم أجمع، أكثر صعوبة، وكذلك اليورو، ومن ناحية أخرى، هناك ضوابط تمنع تقادُم النقود بمعدل سريع، فمُجرد الخدش أو الكتابة على العملات يجعلها غير صالحة للاستخدام".

ويكشف أن "مصر تعاني مشكلة وعي حقيقية في التعامُل مع النقد، أبرزها الكتابة على العملات، سواء بهدف توثيق الذكريات أو لأهداف أخرى".

النقد التالف

من واقع تجربته العملية كمدير سابق لأحد البنوك الكبرى، يثمن الخبير المصرفي مجدي عبد الفتاح، الاتجاه نحو إصدار عملة أكثر استدامة وأطول عمراً.

عبد الفتاح قال لـ"الشرق": "أثناء عملي، كنت شاهداً على معاناة البنك المركزي المصري، الجهة الحكومية المسؤولة عن طباعة العملات، مع النقد التالف المرتجع من البنوك، إذ كُنت أورِد يومياً كميات ضخمة من النقد التالف، ليعاد طبع كميات جديدة بدلاً منها".

وتتنوع أنماط التلف في العملات المرتجعة، وفقاً لعبدالفتاح، ما بين الأوراق الممزقة، أو المكتوب عليها خاصة كتابات توثيق الذكريات، وحتى الكشط الذي يتسبب في مسح أحد أرقام الرقم المسلسل، ما يجعلها غير قابلة للتداول.

استيراد المواد الخام

الخبير المصرفي، محمد عبد العال، يرى أن الاتجاه نحو النقود البوليمر يمكن أن يكون بسبب التوجه العام  لتقليل تداول النقد وفتح المجال لمزيد من الدفع الإلكتروني في مصر.

ويشير عبد العال إلى أنه "تاريخياً، وقبل تدشين دار طباعة النقد التابعة للبنك المركزي، كانت مصر تعتمد على الخارج في طباعة النقود، ولاحقًا، أصبحت تطبع بالداخل، إلا أن المطابع كانت ولا تزال تعتمد على استيراد المواد الخام بمواصفات خاصة، من المملكة المتحدة، أو ألمانيا، أو الصين، ولذلك فإن أي خطوة للاعتماد على بدائل أقل تكلفة، هي خطوة على الطريق الصحيح".

ويتوقع عبد العال، أن تواصل مصر الاعتماد على استيراد خام البنكنوت حتى بعد دخول المرحلة الجديدة للنقود البلاستيكية، لأن الخام الجديد لا يُنتج محلياً، لافتاً إلى أن كون النقود الجديدة بلاستيكية، لا يعني أنها ستكون مغايرة لطبيعة النقود المعتاد عليها. وقال: "العملات البلاستيكية لا تختلف عن العملات الورقية القديمة شكلاً وقيمة، وهي قابلة للعد والطي والتنظيم في رُزم".