أصبح البطيخ، سواء كان محمولاً باليد، أو مُصوراً في عمل فني، أو مستخدماً كرمز تعبيري في منشور على الإنترنت، رمزاً لدعم القضية الفلسطينية. وظهرت هذه الفاكهة مجدداً في عدد لا يُحصى من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي في أعقاب حرب إسرائيل على غزة، خاصة في ظل خوارزميات تلك المواقع التي تمنع منشورات دعم الفلسطينيين، على خلفية هجوم حركة "حماس" على بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر الجاري.
ولقي ما لا يقل عن 4700 شخص مصرعهم في غزة، منذ أن بدأت إسرائيل في شن غارات جوية قبل إطلاق هجوم بري متوقع. ولكن كيف أصبحت هذه الفاكهة رمزاً خفياً للتضامن مع الفلسطينيين؟
مجلة Time الأميركية ذكرت، الجمعة، أن استخدام البطيخ كرمز فلسطيني ليس أمراً جديداً، مُوضحة أنه حدث لأول مرة بعد حرب 1967، عندما سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة، وضمت القدس الشرقية.
وفي ذلك الوقت، حظرت الحكومة الإسرائيلية إشهار العلم الفلسطيني على نحو علني، وجعلته جريمة جنائية في غزة والضفة الغربية. وللتحايل على هذا الحظر، بدأ الفلسطينيون في استخدام البطيخ، لأن هذه الفاكهة، عند تقطيعها، تحمل ألوان العلم الفلسطيني، الأحمر، والأسود، والأبيض، والأخضر.
منع إسرائيلي
ولم تقتصر الإجراءات الصارمة للحكومة الإسرائيلية على العلم فحسب، إذ قال الفنان سليمان منصور لصحيفة The national الإماراتية، في عام 2021 إن مسؤولين إسرائيليين أغلقوا معرضاً في رام الله عام 1980 كان يعرض أعماله وفنانين آخرين، من بينهم نبيل عناني وعصام بدر.
وأضاف منصور: "قالوا لنا إن رسم العلم الفلسطيني محظور، وأن ألوانه محظورة أيضاً. فقال عصام: ماذا لو رسمت زهرة ملونة بالأحمر، والأخضر، والأسود، والأبيض؟ فرد عليه الضابط غاضباً: سيتم مصادرتها. حتى إذا رسمت بطيخة، فسيتم مصادرتها".
ورفعت إسرائيل، الحظر المفروض على العلم الفلسطيني في عام 1993 كجزء من اتفاقيات أوسلو، والتي ترتب عليها اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وتعد هذه الاتفاقيات أول محاولة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود. واعتُمد العلم باعتباره يمثل السلطة الفلسطينية، التي ستدير غزة والضفة الغربية.
وبعد الانتفاضة الثانية في عام 2007، رسم الفنان خالد حوراني سلسلة "قصة البطيخ"، والتي ظهرت في الأطلس الذاتي لفلسطين.
وفي عام 2021، عاد البطيخ إلى الظهور مرة أخرى بعد أن أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بطرد عائلات فلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية وإخلائها للمستوطنين.
وفي يناير الماضي، منح وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن جفير، الشرطة صلاحية مصادرة الأعلام الفلسطينية. وفي وقت لاحق في يونيو الماضي، تم التصويت على مشروع قانون يحظر إظهار العلم الفلسطيني في المؤسسات التي تمولها الحكومة، بما في ذلك الجامعات. وحصل مشروع القانون على موافقة مبدئية قبل انهيار الحكومة في وقت لاحق.
وفي يونيو الماضي، أطلقت منظمة "زَزيم"، وهي منظمة للمجتمع العربي-الإسرائيلي، حملة احتجاجاً على الاعتقالات ومصادرة الأعلام التي تلت التصويت على مشروع القانون. وتم لصق صور بطيخ على 16 سيارة أجرة في تل أبيب، وكُتب عليها: "هذا ليس علم فلسطين".