خيام غارقة في الوحل، ونازحون يحاولون منع تدفق مياه الأمطار إلى مأواهم المتداعي، وباعة حلوى يطهونها على الحطب. هكذا يبدو المشهد الإنساني للنازحين بمدينة خان يونس في قطاع غزة، بعد هطولٍ غزيرٍ للأمطار.
وقالت مها النجار، وهي نازحة من شمال القطاع إلى خان يونس في الجنوب: "فجأة غرقنا.. استخدمنا الأوعية والأواني لحمايتنا من المطر.. غرقنا في الخيمة. اضطررت إلى نقل أولادي كلهم عند قريبي في الخيمة الثانية".
ومع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الخامس والأربعين، يستمر توافد النازحين من مناطق شمال القطاع ومدينة غزة إلى الجنوب، وخاصة خان يونس، ورفح.
وتُقدِّر الأمم المتحدة عدد النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، بأكثر من 1.6 مليون نازح.
ومن داخل خيمتها التي غمرتها المياه، شرحت النجار، في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي AWP، كيف يحاولون تقوية الخيام بوضع أغطية بلاستيكية لوقايتها من مياه الأمطار.
وأوضحت: "نحاول لصق الأجزاء المقطوعة من سقوف الخيام، لا نعرف كيف نصلحها من كل جانب.. وضعنا الأكياس فوق الخيام، وعلى الأرض حيث ننام، لكن غمرتنا المياه وغرقنا؛ فالخيام كلها فتحات، ولا نملك فعل أي شيء إزاء هذه الأوضاع".
وغير بعيدٍ عن مجمع ناصر الطبي، أكبر مستشفيات جنوب قطاع غزة، تتطلع مها، بحسرةٍ، إلى أجزاء ممزقة من الخيمة التي آوتها، بعد انتقالها من شمال قطاع غزة قبل أسابيع إلى جنوبه، بحثاً عن الأمن، في ظل اشتعال منطقة شمال الوادي بفعل القصف الإسرائيلي، والاشتباكات.
وبعد أسابيع من النزوح، أصبحت الخيمة مستقراً لها ولعائلتها، لكن فاجأت موجة من الطقس السيئ مها النجار، وغيرها من سكان الخيام نهاية الأسبوع الماضي، لتغرق خيمتها في مياه الأمطار، وتدفعها للبحث عن حلولٍ لإنقاذ المأوى الوحيد المتاح في ظل اكتظاظ خان يونس، ورفح بمئات الآلاف من النازحين.
توقعت دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية، الاثنين، استمرار تأثر البلاد بالمنخفض الجوي.
حلوى على الحطب
لكن هذه المعاناة، لم تحل دون محاولة إدخال شيء من البهجة على نازحين يتجرعون مرارة فقدان ذويهم، وفرّوا من ديارهم خوفاً وقسراً.
وعلى أصداء أزيز طائرات الاستطلاع، ودوي قصف إسرائيلي لا يهدأ مستهدفاً أنحاء قطاع غزة، يقف بائع للحلوى، وسط مدينة خان يونس، على مقربة من موقف سيارات يتجمع فيه النازحون، وسط إقبال على شراء حلوى "العوامة" التي يحبها أهالي غزة خلال فصل الشتاء.
ونظراً لعدم توفر الوقود، بسبب الحصار الإسرائيلي، يلجأ بائعو الحلوى إلى طهيها على الحطب الذي يجمعونه بشتى الطرق.
وقال بائع حلوى: "نقدم حلوى العوامة والحلب لأهلنا. كما ترى الناس يأتون من غزة مهجَّرين. يصلون إلى هذا الموقف ويأتون مشياً".
وفي منطقة أخرى يتعاون شبان وأطفال في طهي الحلوى على الحطب، تلبية للطلب المتزايد عليها مع انخفاض درجات الحرارة. ويقول أحد الشبان المشاركين في طهي الحلوى: "نقدم الحلوى للناس عن طريق طهيها باستخدام الحطب في ظل عدم وجود الغاز".
ويضيف الشاب، بينما كانت أصوات طائرات الاستطلاع الإسرائيلي مسموعة بشكل واضح: "الخوف وتحليق الطيران لا يتوقف. من الصباح الباكر وحتى آخر النهار ونحن على هذه الحال".