اجتياح إسرائيل لجنوب غزة يضع المدنيين في مرمى النيران مجدداً

time reading iconدقائق القراءة - 10
امرأة تحمل طفلاً تقف في موقع غارة إسرائيلية على مبنى سكني في خان يونس بجنوب قطاع غزة. 18 نوفمبر 2023 - Reuters
امرأة تحمل طفلاً تقف في موقع غارة إسرائيلية على مبنى سكني في خان يونس بجنوب قطاع غزة. 18 نوفمبر 2023 - Reuters
لندن/غزة-رويترز

قال مصدر أمني إسرائيلي كبير ومسؤولان كانا يشغلان مناصب كبيرة في السابق، إن أي توغل عسكري تنفذه إسرائيل في جنوب قطاع غزة المزدحم خلال الأيام المقبلة قد يكون أكثر تعقيداً من هجومها البري في شمال القطاع، مع احتمال سقوط عدد أكبر من الضحايا في صفوف المدنيين والقوات.

وذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن العملية العسكرية ضد حركة "حماس" الفلسطينية ستشق طريقها نحو جنوب غزة، لكنه لم يشر إلى توقيت الاجتياح البري المرتقب للمنطقة.

وشهد جنوب قطاع غزة موجة من القصف، الخميس الماضي، في محيط مدينة خان يونس، ما أثار مخاوف بين الفلسطينيين النازحين الذين يحتمون هناك من أن الهجوم العسكري المتوقع أصبح وشيكاً.

ونزح مئات الآلاف من سكان غزة إلى جنوب القطاع في الأسابيع الماضية بعد أن طلبت منهم إسرائيل مغادرة الجزء الشمالي، والآن يشعر الكثيرون بالخوف بعد أن أُسقطت منشورات بالقرب من خان يونس، الخميس، تطالبهم بترك أماكنهم مرة أخرى، ولكن هذه المرة باتجاه الغرب.

وقال عطية أبو جاب من أمام خيمته التي تعيش فيها عائلته بعد أن انتقلت من مدينة غزة: "لقد طلبوا منا، نحن مواطنو غزة، أن نذهب إلى الجنوب. ذهبنا إلى الجنوب. والآن يطلبون منا أن نغادر. إلى أين نذهب؟".

وسقطت المنشورات في المناطق المحيطة بخان يونس قبل القصف العنيف، وهو الأسلوب ذاته الذي استخدمته إسرائيل قبل بدء هجومها البري قبل 3 أسابيع.

وأصدرت إسرائيل تحذيراً جديداً للفلسطينيين في مدينة خان يونس، السبت، وطالبتهم بالابتعاد عن مرمى النيران والاقتراب من المساعدات الإنسانية قبل بدء الضربات الجوية.

وقال جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إن الهجوم البري قد يستغرق ما بين 3 إلى 4 أسابيع لقمع مقاومة "حماس" في الجنوب، حيث تتمركز قيادات الحركة الآن.

وأضاف إيلاند في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن "أحد أصعب التحديات يتمثل في أن معظم سكان قطاع غزة يتمركزون الآن في الجنوب، قد يٌقتل المزيد من المدنيين، وهذا لن يردعنا أو يمنعنا من المضي قدماً".

وأثار تزايد الخسائر في صفوف المدنيين بسبب الهجوم، غضباً في أنحاء الشرق الأوسط ولدى دول غربية، منها الولايات المتحدة أقرب حلفاء إسرائيل.

وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة إن أكثر من 12 ألف شخص قتلوا منذ بداية الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل رداً على هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته "حماس" التي تدير قطاع غزة. وتقول إسرائيل إن الحركة قتلت نحو 1200 شخص، واحتجزوا نحو 240 آخرين في الهجوم.

وقال مسؤول أميركي كبير لـ"رويترز"، إنه نظراً لزيادة عدد السكان في الجنوب، فإنه يرجح ألا تركز إسرائيل على الضربات الجوية بشكل كبير، وأن تعتمد بدلاً من ذلك على توغل القوات البرية، وهو ما يتفق مع تقييمات مصادر إسرائيلية.

وذكر المسؤول الأميركي أن إسرائيل ليس أمامها خيار سوى شن هجوم في الجنوب إذا أرادت هزيمة "حماس" وهو الهدف المعلن للحملة العسكرية.

وقال الأميرال دانيال هاجاري كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي في مؤتمر صحافي، الجمعة، إن الهجوم الموسع سيبدأ عندما ترى القوات المسلحة أن ذلك هو أفضل موعد له.

وتابع: "نحن مصممون على المضي قدماً في عمليتنا. سيكون ذلك في أي مكان توجد فيه حماس، بما في ذلك جنوب القطاع"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

نداء لإنشاء ممرات إنسانية

وساندت واشنطن الحملة العسكرية الإسرائيلية الرامية إلى القضاء على "حماس" لكن لم يصل بها الأمر إلى حد السعي لوقف إطلاق النار، ولكنها دعت إلى هدن للسماح بدخول المساعدات لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. 

وقالت الولايات المتحدة إن عدداً كبيراً من الضحايا سقطوا بالفعل في صفوف المدنيين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين، الخميس، "أجرينا محادثات معهم لإقناعهم بأنهم بحاجة إلى ضمان وجود ممرات إنسانية للمدنيين، بينما يواصلون النظر في تنفيذ عمليات برية أو عمليات عسكرية موسعة في أجزاء أخرى من غزة".

وتشير إسرائيل إلى أنها تبذل كل ما في وسعها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في عملياتها العسكرية، غير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال، الخميس، إن تلك الجهود "لم تنجح"، واصفاً مقتل أي مدني بـ"المأساة".

وبعد أن صار الفلسطينيون محصورين فعلياً، فإن المرحلة الثانية من الحملة العسكرية الإسرائيلية تنذر بمخاطر تفوق مخاطر المرحلة الأولى. 

وتشير تقديرات الأمم المتحدة التي تستند إلى البيانات الصادرة عن السلطات الفلسطينية إلى أن نحو 400 ألف من سكان غزة نزحوا نحو الجنوب.

وتوقع المصدر الأمني ​​الإسرائيلي الكبير أن يكون القتال في الجنوب أكثر قوة وضراوة، مع احتمال سقوط المزيد من القتلى من الجانبين، معتبراً أن مدينة خان يونس تمثل قاعدة قوة لقائد "حماس" في غزة يحيى السنوار.

وفي خان يونس، قال أحمد (23 عاماً) إن عدداً كبيراً من مقاتلي "حماس" نجوا من الهجوم في الشمال، وتساءل: "هل يريد (الإسرائيليون) القدوم إلى الجنوب؟ يمكنهم ذلك. (رجال) المقاومة سيبادلونهم الهجوم، لأنه لا أحد يرحب بالمحتلين".

وفي معرض تقييمه للمكاسب التي حققتها إسرائيل حتى الآن، قال إيلاند إنه يعتقد أن الجيش الإسرائيلي تعامل مع "ما يقرب من 50%" من القدرة العسكرية لـ"حماس".

لكن مسؤولي "حماس" خارج غزة الذين أصبحوا الآن الصوت الرئيسي للحركة، بسبب انقطاع الاتصالات داخل القطاع يصرون على أن "حماس" لا تزال تحتفظ بقوتها.

ولفت القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان، الذي يقيم في بيروت، لوكالة الأنباء الإيرانية، إلى أن "المقاومة لا تزال تعتبر أنها في بدايات المواجهة وهناك عزيمة وإصرار على المواصلة".

التداعيات في الجنوب

وأشار الجيش الإسرائيلي إلى سقوط أكثر من 50 جندياً منذ بدء هجومه البري وحتى الخميس، مقارنة مع 66 جندياً سقطوا في آخر توغل كبير للجيش في عام 2014.

وقال المصدر الأمني ​​الإسرائيلي الكبير الذي طلب عدم نشر اسمه: "سيكون الوضع صعباً للغاية في خان يونس، لأن الكثير من الإرهابيين فروا إلى هناك، وينفذون عمليات". 

ورجح المصدر أن يبدأ الاجتياح الإسرائيلي للجنوب بشكل جدي في غضون أيام، وقد يستغرق وقتاً طويلاً قد يصل إلى شهر حتى الوصول إلى الحدود المصرية.

وذكر المصدر الإسرائيلي والمسؤولون السابقون أن تركز السكان في الجنوب يعني أنه من المستبعد أن تكون الضربات الجوية بالضراوة نفسها التي كانت عليها في الشمال.

وأضافوا أن "الجيش قد يسعى إلى حث المدنيين على التوجه إلى معسكرات الأمم المتحدة بحثاً عن الأمان"، لكن هيئات تابعة للأمم المتحدة تقول إن عملياتها في غزة أصيبت بالشلل فعلياً بسبب الحصار الإسرائيلي، وإن المدارس والمنشآت الأخرى التابعة لها أصبحت ممتلئة بالفعل بالنازحين.

وفي بداية الصراع، حث الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين النازحين على التوجه إلى منطقة المواصي، وهي منطقة رملية بها بعض البساتين تقع بالقرب من الساحل الجنوبي، لكنها معرضة للفيضانات. وبدأ بالفعل هطول الأمطار، وبعضها كان غزيراً.

ويرى  إيلاند أن إسرائيل ستواصل المضي قدماً، حتى لو كانت الحملة التي ستنفذها في الجنوب ستسير بوتيرة أبطأ، وقد تستغرق 3 إلى 4 أسابيع لتحقيق الأهداف نفسها التي حققتها في الجزء الشمالي من القطاع.

وأردف: "لست متأكداً من أن جميع الأجانب يدركون المزاج الإسرائيلي: إسرائيل لن توقف العملية قبل عودة الرهائن".

تصنيفات

قصص قد تهمك