واصلت فرق الإنقاذ التركية لليوم الثالث على التوالي، عمليات البحث عن 9 عمال مناجم عالقين بعد انهيار أرضي في أحد مناجم الذهب، بولاية إرزينجان شرقي البلاد، وسط دعوات نقابات ومنظمات غير حكومية بإغلاق هذا المنجم.
ووقع انزلاق في التربة بعد ظهر الثلاثاء الماضي، في المنجم بقرية تشوبلار التابعة لقضاء إيليتش في مقاطعة إرزينجان، ما أدى إلى محاصرة 9 عمال تحت الأرض من أصل 667 عاملاً بالمنجم، بعد انزلاق للتربة أثناء عملية تعدين تنفذها شركة "أناجولد مايننج" الكندية.
وطلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي مع حاكم أرزينجان، حمزة أيدوغدو، "تعبئة كل الموارد لجهود البحث والإنقاذ المستمرة"، وفق بيان صادر عن الرئاسة التركية.
وكانت وزارة العدل التركية، أعلنت في بيان، فتح تحقيق قضائي بشأن الحادثة، وكلّفت 4 مدّعين عامين بالقضية.
واعتقلت السلطات التركية 8 أشخاص، بينهم كبار مسؤولي المنجم، ضمن التحقيق في الكارثة، وفق ما أوردته قناة "تي آر تي" التركية الرسمية.
كما تشكلت لجنة برلمانية، من أجل التحقيق في جوانب الحادثة وتحديد تدابير لمنع وقوع حوادث مماثلة، وبموجب القرار تتكون اللجنة من 22 عضواً، وستعمل لمدة 3 أشهر.
من جهتها، أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) في بيان، أن ألفين و722 فرداً، 796 مركبة و99 برج إنارة و52 مولداً كهربائياً و7 طائرات مسيرة وجورادار. و5 رادارات اختراق للأرض تعمل في عمليات البحث عن العمال المحاصرين.
وتعتبر عملية البحث عن المفقودين معقّدة؛ بسبب وجود مادة السيانيد في الأرض، وهو مركب كيميائي شديد السمية يستخدم لاستخراج الذهب من الركائز.
بدوره، كشف وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، أن الانهيار حدث على طول منحدر يبلغ ارتفاعه حوالي 200 متر، وأن الحجم الإجمالي للكتلة المنزلقة من التربة ما بين 9 إلى 10 ملايين متر مكعب.
وذكر يرلي كايا في تصريح للصحافيين، أن التقديرات تشير إلى أن الكتلة تحركت حوالي 800 متر، وبسرعة 10 أمتار في الثانية في المتوسط.
وأوضح الوزير التركي أنهم يعتقدون أن خمسة من العمال المحاصرين موجودون في حاوية، وثلاثة منهم في سيارة وآخر في شاحنة، مشدداً على أن عمليات الإنقاذ مستمرّة دون انقطاع.
مخاوف بيئية
على صعيد متصل، لفت علماء بيئة إلى قرب موقع المنجم من نهر الفرات على بعد 300 كيلومتر، محذرين من تسرب المواد الكيميائية وأهمها السيانيد الموجودة في التربة المنهارة، إلى النهر، الأمر الذي قد يسبب "كارثة"، بحسب وصفهم.
وينبع نهر الفرات من جبال طوروس في تركيا، حيث يدخل الأراضي السوريّة والعراقية، ويندمج مع نهر دجلة، ليشكل شط العرب، ويصب في الخليج العربي في نهاية المطاف.
من جهتها، أكدت وزارة البيئة أنها اتخذت إجراءات جديدة "للحؤول دون تسرّب المواد إلى الفرات"، مشددة على أنه لم يتمّ رصد أي تلوث في النهر.
كما نفى مركز مكافحة التضليل الإعلامي في دائرة الاتصال التابعة للرئاسة التركية، في منشور عبر "إكس"، صحة أخبار تدفق مادة السيانيد إلى نهر الفرات نتيجة الانهيار الأرضي.
وتأتي الحادثة بالتزامن مع استمرار عمليات إنقاذ طاقم سفينة شحن غرقت في "بحر مرمرة" قبالة سواحل قضاء كاراجابي بولاية بورصة، غرب البلاد.
ودعا اتحاد غرف المهندسين والمعماريين في تركيا، في بيان، إلى إغلاق المنجم، مبيناً أن تحذيراته السابقة بشأن "كارثة تلوح في الأفق، قد تم تجاهلها".
دعوات لإغلاق المنجم
ودعت منظمات غير حكومية ونقابات إلى إغلاق منجم الذهب في تركيا، وقالت منصة إيليش للبيئة والطبيعة إنّ "ملايين الأطنان من النفايات السامة تتدفّق نحو نهر الفرات... أغلقوا المنجم".
كذلك، ندّدت غرفة مهندسي التعدين التركية بـ"الإهمال" الذي تسبّب في "كارثة بيئية كبرى".
وسافر وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار إلى منطقة المنجم بعدما كان من المقرر أن يرافق الرئيس رجب طيب أردوغان في زيارته التي بدأت الأربعاء، إلى مصر.
وأكد الوزير أن الفحص الأخير للمنجم أجري في أغسطس، مضيفاً "نحن نحقق في أسباب الحادث. الأمر سيتطلب وقتاً".
وأُطلقت هذه الدعوات في ظلّ تضاؤل الآمال في العثور على هؤلاء العمّال على قيد الحياة.
ويعمل في المنجم 667 عاملاً، وكان قد تصدّر عناوين الصحف في العام 2022 بعد تسرّب مادّة السيانيد، ممّا دفع السلطات إلى تعليق العمل فيه لفترة وجيزة.
وأعيد فتحه بعد دفع غرامة، الأمر الذي قوبل باحتجاجات من المعارضة.