انتقد وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، الثلاثاء، المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، قائلاً إنها "لا تتخذ قراراتها من منطلق اقتصادي بل قرارات سياسية"، داعياً إلى "إنشاء نظام دفع وتسوية مستقل يعتمد على مبادئ جديدة".
وقال سيلوانوف لـ"الشرق"، إن "مسألة التوتر الحاصلة في البحر الأحمر والشرق الأوسط هي انعكاس للمشاكل الدولية"، مشدداً على الحاجة إلى "اتفاق عالمي بشأن القضايا السياسية".
ودعا الوزير الروسي، على هامش اجتماع مسؤولو المالية ومحافظو البنوك المركزية من دول مجموعة العشرين المقام بمدينة ساو باولو في البرازيل، "الاقتصاديين المجتمعين اليوم للعمل على إيجاد حل بالاتفاق في ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية".
وأضاف: "كل هذه العقوبات والقيود مفروضة، وكلما طال أمد هذا الخلافات كلما تزايدت حدة هذه الصراعات"، لافتاً إلى "عدم الحاجة إلى هذه الصراعات، ولكن هذا يتطلب إرادة كافة البلدان من أجل حل هذه المشاكل المعقدة التي نشهدها اليوم".
التركيز على الاقتصاد
ويجتمع المسؤولون الماليون من دول مجموعة العشرين بمدينة ساو باولو في البرازيل، لتنحية الأمور الجيوسياسية جانباً والتركيز على القضايا الاقتصادية العالمية، وذلك في ظل الانقسام بين بلدانهم فيما يتعلق بالهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، بحسب وكالة "رويترز".
وترغب البرازيل التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين هذا العام، في التركيز على القضاء على عدم المساواة والجوع، والتركيز كذلك على إصلاح نظم الضرائب الدولية، ومواجهة ضغوط الديون السيادية، والعمل على تحقيق التنمية المستدامة.
وقال وزير المالية الروسي، إن الاجتماع سيبحث "مواضيع مشتركة بشأن الاقتصاد العالمي، والمشاكل التي نراها هنا اليوم وهي معروفة وبالأخص تجزئة الاقتصاد العالمي، وتلك القيود التي لا تواجهها بلادنا فحسب، بل يواجهها أيضاً بلدان عدة".
ودعا سيلوانوف لـ"إعادة هيكلة للنظام المالي الدولي بشكل عام، وتعزيز أكبر لحصة ودور الدول ذات الاقتصادات النامية، ومنع لمحاولة الدول الغربية في الحفاظ على هيمنتها كما كانت من قبل"، معتبراً أن "كل هذا يؤثر على الوضع العام في العالم، والوضع العام للاقتصاد العالمي".
وشدد على ضرورة "بحث سبل للخروج، كما نحتاج إلى تقديم شيء بناء، وأن تلك التصرفات لا تؤدي إلّا إلى تفاقم العقوبات"، مضيفاً: "نحن بحاجة لمعالجة هذه المسائل، وكلما أسرعنا في الفهم وتقديم هذه الحلول، كلما أصبحت جميع البلدان في حال أفضل".
"قرارات سياسية"
ولفت سيلوانوف إلى أن "روسيا تتولى هذا العام رئاسة مجموعة (البريكس)، وسنقترح هذا العام النظر في أداء النظام المالي النقدي الدولي من منظور جديد، إذ نرى وجود عدد من المشاكل، كما نرى أن النظام المالي النقدي مُسيس".
ورأى الوزير الروسي أن "المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد والبنك الدولي، لا تتخذ قراراتها من منطلق اقتصادي، بل قرارات سياسية".
وأضاف: "نرى أن العملة الاحتياطية اليوم لا تستخدم لخدمة حجم التداول التجاري بل كهراوة سياسية، ونرى أن مراكز مالية ومنظمات مالية ودولية، مثل أنظمة اليورو تعمل أيضاً بطابع سياسي".
وأضاف "لكي تتطور دول (البريكس) بشكل طبيعي، نحتاج إلى التفكير في إنشاء أنظمتنا الخاصة المستقلة عن السياسة، والتمويل الفعال الذي يضمن العلاقات التجارية بين بلداننا".
وبيّن أن "التجارة بين دول (البريكس) تنمو، ونرى أن روسيا تنقل التدفقات من الغرب إلى الشرق، ولكن لكي تعمل هذه التدفقات، هناك حاجة إلى نظام دفع جيد، يضمن عملية التحويلات، وما إلى ذلك".
واقترح سيلوانوف "إنشاء نظام دفع تسوية مستقل يعتمد على مبادئ جديدة"، موضحاً أن "المبادئ الرقمية عادة ما تكون مريحة للبلدان، ولا يمكن أن تكون مكلفة لسداد المدفوعات، كما أنها خارج نطاق السياسة".
وبعد مرور عامين على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبح من الواضح أن العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا لم تنجح في إضعاف اقتصادها، الذي قال عنه صندوق النقد الدولي إنه "فاجأ العالم بقوة النمو في مواجهة العقوبات الدولية"، متوقعاً أن يحقق نمواً بنحو 2.6% خلال العام الجاري.
وفرضت دول غربية عدة وفي مقدمتها الولايات المتحدة عقوبات واسعة على روسيا، ما جعلها تتصدر قائمة الدول الأكثر تعرضاً للعقوبات حول العالم بأكثر من 19 ألف عقوبة، بحسب موقع castellum المتخصص في رصد العقوبات.
وبهذه العقوبات تجاوزت روسيا، التي تعد أكبر دول العالم مساحة، وثاني أكبر قوة عسكرية، كلاً من إيران (5011 عقوبة)، وسوريا (2844 عقوبة)، وكوريا الشمالية (2171 عقوبة)، لتصبح أكثر دول العالم التي فُرضت عليها عقوبات.
وأدت هذه العقوبات إلى تجميد أغلبية احتياطات البنك المركزي الروسي حول العالم، كما استهدفت قطاع الطاقة وأصول الصندوق السيادي، إضافة إلى الأفراد والشركات، وصولاً إلى إعادة النظر في العلاقات المالية والتجارية.