علماء يسيطرون على بكتيريا قاتلة تعيش في أنابيب المياه المنزلية

صورة توضيحية للبكتيريا في الأمعاء - Getty Images/Science Photo Libra
صورة توضيحية للبكتيريا في الأمعاء - Getty Images/Science Photo Libra
القاهرة-محمد منصور

تمكن علماء من ابتكار طريقة للسيطرة على بكتيريا "الزائفة الزنجارية.. Pseudomonas aeruginosa" التي تعد أحد أكثر أنواع البكتيريا انتشاراً في العالم، إذ تتواجد في المياه الراكدة، وأنابيب المياه المنزلية، وجذور النباتات، والأخطر من ذلك تواجدها في المستشفيات، بعد أن اكتشفوا إنزيماً يقلل غيابه من القوة المعدية الجبارة للبكتيريا وطبيعتها شديدة الخطورة.

هذه البكتيريا، عبارة عن كائن انتهازي يمكن أن يتسبب في حدوث التهابات حادة ومزمنة، وتصبح قاتلة عند الأشخاص الذين يعانون ضعفاً في جهاز المناعة، كما أنها تستعمر أجهزة التنفس الاصطناعي، والقساطر الطبية، ويصعب السيطرة عليها باستخدام المضادات الحيوية، ما يجعل من المستحيل تقريباً مقاومتها، وهو أمر يمثل تهديداً صحياً خطيراً في البيئات السريرية على وجه الخصوص، كون المرضى المحجوزين في المستشفيات يعانون أصلاً من أمراض تمثل عبئاً كبيراً على أنظمتهم المناعية وقدرة أجسادهم على مقاومة الأمراض البكتيرية.

إنزيم غائب

يقول العلماء في دراسة منشورة بدورية "الحمض النووي..Nucleic Acid Research"، إن الإنزيم الغائب "يمكن أن يشكل هدفاً مبتكراً لمكافحة ذلك العامل المُمرض".

وأضافت الدراسة: "في جميع الكائنات الحية تقريباً، تتواجد مجموعة من الإنزيمات المُسماة (هيليكاز) لها وظيفة حيوية تتمثل في التحكم في عمليات ربط وفك الجزيئات المختلفة للحمض النووي الريبوزي، وعن طريق تلك العملية الحيوية تستطيع الخلايا في الجسم أداء وظيفتها المُحددة، تلك الإنزيمات تتواجد أيضاً في بكتيريا الزائفة الزنجارية، وتكتسب وظيفة محددة اعتماداً على وجودها داخل البكتيريا".

تكاثر بلا ضرر

بفحص مجموعات "هيليكاز" الزائفة الزنجارية، وجد الباحثون إنزيماً محدداً داخلها غير معروف الوظيفة، لكن ذلك الإنزيم يتواجد أيضاً في العديد من الكائنات الممرضة الأخرى مثل بكتيريا الإشريكية القولونية التي تسبب عدداً من الأمراض.

وأراد الباحثون فهم دور ذلك الإنزيم، لا سيما في ما يتعلق بقدرة الزائفة الزنجارية على إحداث المرض، أو التكيف مع البيئة، وللوصول لتلك النتيجة، دمج الباحثون النهجين البيوكيميائي والجيني لتحديد وظيفة الإنزيم.

ووجد الباحثون أن غياب الإنزيم لم يؤثر على عملية تكاثر البكتيريا على الإطلاق داخل المختبر، إذ استمرت الزائفة الزنجارية في تكوين المستعمرات البكتيرية في الأطباق المعملية، سواء في وسط سائل أو في وسط شبه صلب عند درجة حرارة 37 مئوية، ولتحديد ما إذا كانت قدرة العدوى للبكتيريا قد تأثرت، كان على الباحثون ملاحظة نشاطها داخل الكائنات الحية.

وعبر استخدام يرقات حشرة نموذجية تُسمى "عثة الشمع" لدراسة تفاعلات المضيف والممرض، والتي يتشابه جهاز مناعتها الفطري مع جهاز المناعة في الثدييات، لاحظ الباحثون أن قدرة البكتيريا على إحداث العدوى شبه منعدمة.

وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن أن تعيش هذه اليرقات في حرارة تتراوح بين 5 درجات و45 درجة مئوية، ما يجعل من الممكن دراسة نمو البكتيريا في درجات حرارة مختلفة، بما في ذلك نطاق درجة حرارة جسم الإنسان. 

بكتيريا مُعدلة

وحين حقن الباحثون تلك اليرقات بمحلول ملحي يحتوي على بكتيريا نُزع منها إنزيمها، بقيت 100٪ من الحشرات على قيد الحياة، فيما لم ينج سوى 20٪ من باقي الحشرات حين حُقنت بمحلول ملحي يحتوي على بكتيريا قياسية تمتلك الإنزيم، ويعني ذلك أن البكتيريا المعدلة غير ضارة تقريباً، على الرغم من أنها بقيت على قيد الحياة.

وأظهرت نتائج هذا العمل أن هذا الإنزيم يؤثر على إنتاج العديد من عوامل الضراوة في البكتيريا، ومن وجهة نظر استراتيجية الأدوية المضادة للميكروبات، فإن إطفاء عوامل ضراوة العامل الممرض بدلاً من محاولة القضاء على العامل الممرض بالكامل، يعني السماح للجهاز المناعي المضيف بتحييد البكتيريا بشكل طبيعي وربما يقلل من خطر تطور المقاومة. 

ويواصل الفريق العلمي حالياً العمل من خلال فحص سلسلة من جزيئات الأدوية المعروفة من أجل تحديد ما إذا كان أي منها لديه القدرة على منع هذا البروتين بشكل انتقائي، ودراسة تفصيلية لآليات التثبيط التي يتم من خلالها تطوير استراتيجية علاجية فعالة لعلاج تلك البكتيريا القاتلة.

اقرأ أيضاً: