دراسة: السفر يؤدي لانتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

time reading iconدقائق القراءة - 5
مسافرة تجر حقيبتها خارج مطار لندن - REUTERS
مسافرة تجر حقيبتها خارج مطار لندن - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

كشفت دراسة جديدة أن المسافرين الدوليين معرضون بشكل خاص لسلالات خبيثة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، إذ غالباً ما يلتقطون أنواعاً مختلفة من العدوى خلال الرحلات الدولية بسبب قضاء الوقت قرب مسافرين آخرين.

وتقول الدراسة إن هؤلاء المسافرين معرضون بشكل خاص للبكتيريا المعوية سالبة الغرام Gram -negative bacteria، مثل الإشريكية القولونية (Escherichia coli) والكلبسيلا الرئوية (Klebsiella pneumoniae) التي تشكل تهديداً كبيراً على صحة الإنسان في كل أنحاء العالم. 

وتعد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية أحد أكثر التهديدات على صحة الإنسان، إذ تقول منظمة الصحة العالمية إنها آخذة في الارتفاع إلى مستويات خطرة في أنحاء العالم، مهددة قدرة البشر على علاج الأمراض المعدية الشائعة.

"كارثة كبيرة"

وراقب الباحثون مجموعة من المسافرين الأوروبيين الذين يزورون جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية الواقعة في جنوب شرقي آسيا، لمدة 3 أسابيع، وقاموا بتحليل العوائد اليومية للمعلومات، وعيّنات البراز، لتكوين صورة شاملة عن صحة أمعاء السياح.

وكشفت الدراسة المنشورة في دورية "لانسيت" الشهيرة، عن سلالات بكتيرية استعمرت أجسام مسافرين عدة يقيمون في الفنادق نفسها ويقضون وقتاً مع بعضهم.

ويقول أستاذ علم الجينوم التطوري الميكروبي بجامعة برمنغهام البريطانية، آلان ماكنالي، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة، إن السفر الدولي "مرتبط بشدة بانتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في أميركا وإفريقيا وآسيا".

ويشير ماكنالي، في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، إلى أن التحاليل التي أُجريت على السياح تكشف عن "كارثة كبيرة"، إذ إن "قضاء وقت ممتع في السفر يقابله ثمن باهظ، وهو احتمال اكتساب بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، خاصة في الأماكن العالية الخطورة، وخصوصاً في الدول التي لا تتمتع بمستويات عالية من الرقابة على الأطعمة والمنتجات الغذائية، والتي تشتهر بكونها وجهات سياحية متميزة".

انتقال ديناميكي

وتقول الدراسة إن عملية انتقال البكتيريا "ديناميكية جداً"، إذ إن السلالات المنتشرة المكتسبة من قبل السياح "خطرة جداً"، ويُمكنها أن تشكل "تهديداً جسيماً على الحياة"، كما يُمكن التقاطها حتى خلال الزيارات القصيرة.

ويؤكد ماكنالي أن تلك السلالات "تعود مع السائح إلى موطنه"، ما يعني احتمال حدوث انتشار واسع لها في أماكن أخرى بعيدة عن مكان استيطانها الأساسي.

خطر جديد

ويعرف العلماء جيداً تأثير حركة السفر العالمية على الانتشار العالمي للبكتيريا الإشريكية القولونية المقاومة للمضادات الحيوية، إلا أن الدراسة الحديثة تكشف عن خطر جديد.

فتلك البكتيريا يُمكنها الاستمرار داخل جسم السائح العائد إلى موطنه لمدة سنة كاملة. وهذا يعني ارتفاع احتمال نقلها لأشخاص آخرين في موطن هذا السائح.

وحللت دراسات المسافرين السابقة عينات ما قبل السفر وبعده فقط، بدلاً من تحليل فترة السفر الفعلية، إلا أن هذه الدراسة أخذت عينات طيلة فترة السفر، وواصلت تحليل عينات أخرى لفترة سنة كاملة بعد عودة المسافر.

ووجد الباحثون أن أكثر من 70% من السياح العائدين إلى أوروبا بعدما قضوا فترة أقل من شهر واحد في جمهورية لاوس، يحملون سلالات بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية في أجسادهم.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، تظهر مقاومة مضادات الميكروبات عندما تطرأ تغييرات على البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات بمرور الزمن فتصبح أقل استجابة للأدوية، ما يصعّب علاج الالتهابات ويزيد خطورة انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة والوفيات، وتصبح المضادات الحيوية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات غير ناجعة بفعل مقاومة الأدوية، وتتزايد باطراد صعوبة علاج الالتهابات أو يستحيل علاجها.

ويقول الباحثون في تلك الدراسة إن السلالات التي تم الكشف عنها مقاومة لمعظم المضادات الحيوية المتوفرة، مثل بيتا لاكتام، والبنسلين، والسيفالوسبورين، والأزتريونام.

اختيار وجهات آمنة

وتكشف هذه الدراسة الحجم الحقيقي والتعقيد الذي تستعمر به البكتيريا المقاومة للأدوية الجسم أثناء السفر، ما يدل على الحجم الكبير للمشكلة التي تتم الاستهانة بها بشكل خطير.

ويقول ماكنالي إن الحل يكمن "في اختيار وجهات آمنة للسياحة". ويرى أن مواصفات تلك الوجهات معروفة، إذ يجب على السائح أولاً التعرف على الحالة الصحية في المنطقة التي ينوي زيارتها، ومعرفة التشديدات التي تقوم بها السلطات المحلية بهدف الرقابة على الفنادق والأغذية، ومقدار جودة الرعاية الصحية بها، ومستويات المراقبة والترصد الوبائي في البلدان التي يرغب في زيارتها.

ويأمل ماكنالي أن تسهم هذه الدراسة في رفع الوعي حول مخاطر السفر إلى أماكن توطن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، كما يرى ضرورة تدخل منظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات المعنية، لوضع لائحة تشمل الدول التي تستوطن فيها تلك البكتيريا.

اقرأ أيضاً: