أعلنت الهيئة المانحة لجائزة "نوبل" في الفيزياء، الثلاثاء، فوز العلماء الفرنسية السويدية آن لولييه، والفرنسي بيير أجوستيني، والمجري النمساوي فيرينس كراوس بالجائزة لعام 2023 نتيجة "الطرق التجريبية التي تولد نبضات ضوئية في الأتوثانية لدراسة ديناميكيات الإلكترون في المادة".
وتصدر الجائزة، التي تم رفع قيمتها هذا العام إلى 11 مليون كرونة سويدية (نحو مليون دولار)، من قِبَل الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم.
وفتحت مساهمات العلماء الثلاثة الطريق نحو توليد نبضات "الأتوثانية" من الضوء ما مهد الطريق لابتكار طرق جديدة لدراسة ديناميكيات الإلكترونات في المادة في نطاق زمني دقيق للغاية. وهذا إنجاز كبير في مجال فيزياء الليزر، ويعد بتعزيز فهمنا للعمليات الأساسية في المادة.
ما هي الأتوثانية؟
الأتوثانية هي وحدة زمنية قصيرة تساوي واحداً على مليون تريليون من الثانية. وعلى هذا المقياس بالتحديد تحدث معظم العمليات الأساسية في الكون مثل حركة الإلكترونات داخل الذرات والجزيئات.
كما تلعب ديناميكيات الإلكترون دوراً محورياً في التفاعلات الكيميائية، والأجهزة الإلكترونية، وحتى سلوك المادة في ظل الظروف القاسية. وحتى وقت قريب كانت دراسة هذه الديناميكيات في مثل هذا النطاق الزمني الصغير تحدياً هائلاً.
ولم تكن الطرق التقليدية لسبر المادة باستخدام الليزر أو الأدوات الأخرى كافية لالتقاط الحركات فائقة السرعة للإلكترونات. وأعاق هذا القيد قدرتنا على اكتساب نظرة ثاقبة للظواهر الحرجة، مثل عمليات نقل الإلكترون في التفاعلات الكيميائية.
وجاء هذا الاختراق مع العمل الرائد للعلماء الثلاثة الذين طوروا أساليب تجريبية لتوليد نبضات ضوئية من الأتوثانية. واعتمد عملهم على مفهوم الليزر عالي الكثافة، ولكن مع لمسة جديدة.
كيف تعمل الأتوثانية؟
من خلال تركيز نبضات الليزر القصيرة جداً على المادة، خلقوا ظروفاً يمكن فيها تأين الإلكترونات الموجودة داخل الذرات والجزيئات ومن ثم إعادة التقاطها خلال بضعة أتوثانية، إذ ينبعث منها دفعات أتوثانية من الضوء فوق البنفسجي الشديد (XUV) في هذه العملية.
وتعمل نبضات الأتوثانية هذه مثل الكاميرات فائقة السرعة، ما يسمح للعلماء بتسجيل سلوك الإلكترونات أثناء تحركها داخل المادة. وغيرت هذه القدرة فهمنا لديناميات الإلكترون، وكشفت عن ثروة من المعلومات المخفية.
وتُعد الآثار المترتبة على علم الأتوثانية عميقة، إذ يمكن للباحثين الآن مراقبة ديناميكيات الإلكترون ومعالجتها أثناء التفاعلات الكيميائية، كما تفتح هذه المعرفة الباب أمام تصميم عمليات كيميائية أكثر كفاءة ودقة.
كما يمكن إحداث ثورة في الإلكترونيات من خلال توفير نظرة ثاقبة لسلوك الإلكترونات في أشباه الموصلات والمواد الأخرى، ويمكن أن يؤدي هذا إلى أجهزة إلكترونية أسرع وأكثر كفاءة.
ويمكن أن يؤدي فهم العمليات فائقة السرعة داخل المواد إلى تطوير مواد جديدة ذات خصائص فريدة.
وكانت الهيئة المانحة لجائزة "نوبل" في الطب أعلنت الاثنين، فوز المجرية كاتالين كاريكو، والأميركي درو وايزمان، بالجائزة لعام 2023، لاكتشافاتهما المتعلقة بالتعديل الوراثي للقواعد النيوكليوتيدية (مركبات حيوية تحتوي على ذرات نيتروجين)، والتي قادت لتطوير لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال "mRNA" الفعالة في الوقاية من فيروس كورونا.