كيف ساهم الفائزان بـ"نوبل" في ابتكار لقاحات ضد فيروس كورونا؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
الفائزان بجائزة نوبل في الطب درو وايسمان وكاتالين كاريكو - twitter/NobelPrize/
الفائزان بجائزة نوبل في الطب درو وايسمان وكاتالين كاريكو - twitter/NobelPrize/
القاهرة-محمد منصور

أعلنت الهيئة المانحة لجائزة "نوبل" في الطب، الاثنين، فوز المجرية كاتالين كاريكو، والأميركي درو وايزمان، بالجائزة لعام 2023، لاكتشافاتهما المتعلقة بالتعديل الوراثي للقواعد النيوكليوتيدية (مركبات حيوية تحتوي على ذرات نيتروجين)، والتي قادت لتطوير لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال "mRNA" الفعالة في الوقاية من فيروس كورونا المستجد. 
 
وقالت اللجنة في بيانها إن اكتشافات كاريكو ووايزمان، ساهمت في اعتماد لقاحين ضد الوباء، الأمر الذي أنقذ ملايين الأرواح حول العالم.

وعندما ظهر "كوفيد-19" في أواخر 2019، وانتشر حول العالم، اعتقد الكثيرون أنه لا يمكن تطوير اللقاحات في الوقت المناسب للمساعدة في الحد من عبء المرض العالمي المتزايد. ومع ذلك، تمت الموافقة على لقاحات عدة في وقت قياسي، إذ تم إنتاج 2 من أسرع اللقاحات المعتمدة وأكثرها فعالية باستخدام تقنية لقاحات "mRNA" الجديدة.

ما هي تقنية "mRNA"؟

تم اقتراح مفهوم استخدام تقنية "mRNA" للتطعيم وتوصيل البروتينات العلاجية إلى الجسم الحي، للمرة الأولى منذ أكثر من 30 عاماً، ولكن كان لا بد من التغلب على العديد من العقبات لجعل هذه التقنية حقيقة سريرية، بعدما أظهرت التجارب المبكرة أن "الرنا المرسال" (mRNA) المنسوخ في المختبر يحفز الاستجابات الالتهابية غير المرغوب فيها، وإنتاج البروتين غير الفعال في الخلايا والأنسجة.

 

وكانت نقطة التحول هي اكتشاف كاريكو ووايزمان، الذي أظهر أن "الرنا المرسال" المنتج بقواعد معدلة يتجنب التعرف المناعي الفطري، ويحسن التعبير البروتيني.

وأدت هذه النتائج جنباً إلى جنب مع تطوير أنظمة فعالة لتوصيل اللقاح في الجسم الحي، والاستثمارات من قبل الصناعة والحكومات، إلى الموافقة على لقاحين ناجحين للغاية يعملان ضد فيروس كورونا، يعتمدان على الحمض النووي الريبي المرسال، هما لقاحي "فايزر-بيونتك"، و"موديرنا".

وتُعد تلك اللقاحات أسلوباً جديداً للتطعيم يوجه الخلايا إلى إنتاج "بروتين سبايك" غير الضار من الفيروس الذي يسبب كورونا المستجد. ثم يتعرف الجهاز المناعي على هذا البروتين باعتباره غريباً ويطور دفاعات ضده، ما يهيئ الجسم للقيام برد قوي إذا تعرض للفيروس الفعلي.

تحسين استقرار الجزيء

يتكون الحمض النووي الريبوزي الرسول من جزيئات تسمى "نيوكليويدات"، والتي تتكون بدورها من جزيء سكر (يطلق عليه اسم ريبوز)، ومجموعة فوسفات، وواحدة من 4 قواعد نيتروجينية هي الأدينين (A)، السيتوزين (C)، الجوانين (G)، واليوراسيل (U).

يحمل تسلسل هذه القواعد في جزيء الحمض النووي الريبوزي الرسول المعلومات الوراثية اللازمة لتخليق البروتين داخل الخلايا. 
 
وفي حين أن البنية الأساسية للحمض النووي الريبوزي الرسول، واضحة ومباشرة، فقد قام العلماء بتسخير قوة تعديلات قاعدة "نيوكليويدات" لتحسين استقرار ذلك الجزيء، فمن ضمن صفات ذلك الجزيء هي عدم الاستقرار، ما يجعله غير مؤهل للحقن داخل الجسم في صورة لقاح. 
 
وفي دراسة لم تحظ باهتمام كبير، تمكن كل من كاريكو ووايزمان من عمل أحد التعديلات الأكثر أهمية هو استبدال اليوريدين، وهو أحد مشتقات القاعدة النيتروجينية المعروفة باسم اليوراسيل، باليوريدين الزائف، وهو جزيء يشبه اليوريدين من الناحية الكيميائية كيميائياً ولكنه أكثر استقراراً. 
 
قلل ذلك التعديل الثوري من قابلية الحمض النووي الريبوزي الرسول من التحلل بواسطة الإنزيمات الخلوية. ويعزز هذا التعديل متانة اللقاح ويضمن إنتاج بروتين السنبلة المطلوب بشكل فعال. 

كما قام الباحثان أيضاً بتعديل آخر يتضمن إضافة مجموعة "ميثيل" إلى سكر الريبوز في بعض النيوكليويدات.

وعزز هذا التغيير استقرار جزيء الحمض النووي الريبوزي الرسول، كما حماه من التحلل وقلل من احتمال إثارة استجابات التهابية غير مرغوب فيها، ما جعل اللقاح أكثر أماناً.

تغيير جوهري

وبحسب ما جاء في بيان للجنة نوبل أحدثت الاكتشافات التي قامت بها كاريكو وويزمان تغييراً جوهريّاً في فهمنا لكيفية تفاعُل الحمض النووي الريبي المرسال مع جهازنا المناعي، كما سرّعت من معدل التطوير غير المسبوق للقاحات خلال أحد أكبر التهديدات لصحة الإنسان في العصر الحديث.

وتقول اللجنة إنه على عكس اللقاحات التقليدية المتاحة منذ فترة طويلة التي تستند على فيروسات ميتة أو مضعفة طويلة الأمد، كما يظهر ذلك في لقاحات الشلل الدرني والحصبة والحمى الصفراء، التي حصل بسببها ماكس ثايلر على جائزة نوبل في الطب في عام 1951، تم تطوير لقاحات تستند إلى مكونات فيروسية فردية، بدلاً من الفيروسات الكاملة، إذ يتم استخدام أجزاء من الشفرة الوراثية للفيروس، التي تُشفر عادةً البروتينات الموجودة على سطح الفيروس، لإنتاج بروتينات تحفّز تكوين الأجسام المضادة التي تعوقه.

تصنيفات

قصص قد تهمك