كيف تحولت "إنتل" من "بطل الرقائق العالمي" إلى هدف للاستحواذ؟

الرئيس التنفيذي لشركة إنتل بات جيلسنجر يلقي كلمة في منتدى كمبيوتكس للحواسيب في تايبيه، تايوان. 4 يونيو 2024 - REUTERS
الرئيس التنفيذي لشركة إنتل بات جيلسنجر يلقي كلمة في منتدى كمبيوتكس للحواسيب في تايبيه، تايوان. 4 يونيو 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

قبل 3 سنوات، كانت قيمة شركة "إنتل" الأميركية لصناعة الرقائق الإلكترونية تزيد عن ضعف قيمتها الحالية، وكان رئيسها التنفيذي بات جيلسنجر يبحث عن عمليات استحواذ. والآن، أصبحت "إنتل" نفسها هدفاً للاستحواذ، ما يعكس كيف أدت الأخطاء الاستراتيجية وازدهار الذكاء الاصطناعي إلى إعادة تشكيل مصير إحدى أعرق شركات أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، بحسب "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة الأميركية في تقرير، السبت، إن المحاولة التي قامت بها شركة "كوالكوم" (Qualcomm) مؤخراً للاستحواذ على "إنتل" تعكس حالة من الضعف تكاد تكون غير مسبوقة في تاريخ الأخيرة الممتد منذ 56 عاماً.

وأوضحت الصحيفة أن المشكلات بدأت بإخفاقات في التصنيع قبل تولي جيلسنجر رئاسة الشركة، وتفاقمت عندما اتبع جيلسنجر استراتيجية تحوّل مكلفة لم تتوقع كيف سيؤدي الاهتمام المتزايد بالذكاء الاصطناعي إلى إعادة توجيه الطلب بشكل جذري نحو نوع من الرقائق تنتجه منافستها "إنفيديا".

ونقلت الصحيفة عن  أنجيلو زينو، وهو محلل كبير في شركة CFRA Research لأبحاث الاستثمار، قوله: "على مدار العامين إلى الثلاثة أعوام الماضية، كان الانتقال إلى الذكاء الاصطناعي بمثابة المسمار الأخير في نعشها. لم يكن لديهم القدرات اللازمة لذلك".

وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن التوصل إلى اتفاق مع كوالكوم يظل "غير مؤكد" لأسباب تنظيمية وأسباب أخرى، حتى وإن أبدت "إنتل" انفتاحاً. ومع ذلك، كانت فكرة استحواذ عملاق رقائق الهواتف الذكية على "إنتل" تُعتبر "شبه مستحيلة" منذ فترة قريبة.

وسيطرت "إنتل" لعقود على لقب شركة أشباه موصلات الأعلى قيمة في العالم، إذ كانت رقائقها متواجدة تقريباً في جميع أجهزة الكمبيوتر الشخصية والخوادم.

وبحلول الوقت الذي تولى فيه جيلسنجر منصب الرئيس التنفيذي في أوائل عام 2021، كانت "إنتل" فقدت بعضاً من بريقها بعد تخلّفها عن منافسيها في آسيا في سباق تصنيع أسرع الرقائق ذات أصغر ترانزستورات.

خطة تطوير "طموحة"

ووضع جيلسنجر، الذي عمل في "إنتل" طيلة عقود، وكان أول رئيس تنفيذي للتكنولوجيا فيها، خطة لاستعادة المكانة المرموقة التي كانت تتمتع بها الشركة تحت قيادة آندي جروف وبول أوتيليني. لكن ذلك كان يتطلب اللحاق بالشركات الآسيوية، مثل شركة تايوان لأشباه الموصلات (TSMC) وسامسونج للإلكترونيات.

وخطط جيلسنجر أيضاً لإنفاق مبالغ كبيرة لتطوير عمليات التصنيع في "إنتل"، وبيع سعة الإنتاج تلك لشركات تصميم الرقائق مثل "كوالكوم"، ما أتاح للشركة دخول ما يُعرف بمجال "المسبوكات" الذي تهيمن عليه TSMC وسامسونج.

ووصفت "وول ستريت جورنال" هذه الخطوة بأنها "مكلفة وطموحة"، لكن العناصر اللازمة لنجاحها بدت متوفرة، بما في ذلك وجود نشاط رئيسي قوي في تصنيع الرقائق لأجهزة الكمبيوتر الشخصية والخوادم، ومجموعة من الأنشطة الجانبية التي يمكن أن تساعد في تمويل المرحلة التالية من نمو "إنتل".

وسعى جيلسنجر سريعاً إلى استخدام موارد "إنتل" المالية لتطوير أعمال تصنيع الرقائق بالتعاقد، ودخل في مفاوضات لشراء شركة "جلوبال فاوندريز" مقابل نحو 30 مليار دولار في الصيف الذي تلا توليه المنصب. ورغم فشل الصفقة، أكد الرئيس التنفيذي في مقابلة خلال أغسطس 2021، أن "إنتل" لا تزال مهتمة بالاستحواذ.

واستحوذ جيلسنجر أخيراً على شركة "تاور سيميكوندكتور"، وهي شركة أخرى متخصصة في تصنيع الرقائق بالتعاقد، مقابل أكثر من 5 مليارات دولار. لكن الصفقة أُلغيت العام الماضي بعد عدم موافقة الجهات التنظيمية الصينية عليها.

صعود "إنفيديا"

وتزامن تزايد التكاليف في "إنتل" مع بدء الذكاء الاصطناعي التوليدي في الانتشار. وحولت هذه الطفرة الطلب بعيداً عن المعالجات المركزية التي تنتجها "إنتل" نحو "وحدات معالجة الرسوميات" التي تطورها "إنفيديا".

وبينما كانت شركات التكنولوجيا تتسابق للحصول على رقائق الذكاء الاصطناعي النادرة من إنفيديا، بقيت معالجات "إنتل" مكدسة على الرفوف دون طلب، بحسب "وول ستريت جورنال".

واضطر جيلسنجر إلى خفض التكاليف للحفاظ على جهود التحوّل التي يقودها. وقامت "إنتل" بتسريح آلاف الموظفين منذ عام 2022، وقلصت توزيعات أرباحها العام الماضي. لكن ذلك لم يكن كافياً.

وأعلن جيلسنجر الشهر الماضي، أن الشركة ستسرح 15 ألف موظف، وستخفض التكاليف بمقدار 10 مليارات دولار العام المقبل، بالإضافة إلى إلغاء توزيعات الأرباح بالكامل.

ويرى محللون أن فرص "إنتل" في تحقيق تحول إيجابي تتقلص، لكنها لا تزال قائمة، إذ يمكن لتخفيض التكاليف أن يساعدها في تجاوز أزماتها، على الرغم من أن تراجع سعر أسهمها جعلها أكثر عرضة لعروض الاستحواذ وضغوط المستثمرين النشطاء.

وارتفع سهم "إنتل" بنسبة 3.3% في تداولات، الجمعة، بعد تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" عن اهتمام "كوالكوم" بالاستحواذ عليها.

تصنيفات

قصص قد تهمك