أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، التخلص "بشكل سري" من برمجيات خبيثة زرعتها روسيا على شبكات الكمبيوتر حول العالم خلال الأسابيع الماضية (مارس الماضي)، وذلك لاستباق أي هجمات سيبرانية روسية، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".
وأضافت الصحيفة، في تقرير أن هذه الخطوة، التي أعلن عنها المدعي العام الأميركي ميريك جارلاند، تأتي في وقت يحذر المسؤولون الأميركيون فيه من هجمات روسية سيبرانية على البنية التحتية الحيوية للبلاد، بما فيها الشركات المالية وخطوط الغاز والشبكات الكهربائية، كرد فعل على العقوبات الغربية على موسكو بسبب غزو أوكرانيا.
شبكات "بوت نت"
ومكنت هذه البرمجيات الخبيثة، الروس من إنشاء "بوت نت" وهي عبارة عن شبكات من أجهزة الكمبيوتر الخاصة المصابة ببرمجيات خبيثة، التي تُدار بواسطة الاستخبارات العسكرية الروسية "جي آر يو"، إلا أن الهدف من هذه البرمجيات ليس واضحاً تماما. إذ يمكن استخدامها في كل شيء بدءاً من المراقبة وحتى شن الهجمات المدمرة.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول أميركي لم تكشف عن هويته، قوله إن "الولايات المتحدة لا تريد الانتظار لمعرفة هدف هذه البرمجيات الخبيثة، لذا فصلت هذه الشبكات عن وحدات التحكم الخاصة بـ(جي آر يو)، بعد حصولها على أوامر سرية من محكمة في الولايات المتحدة".
وقال جارلاند: "لحسن الحظ، تمكنا من تعطيل هذه الشبكات قبل استخدامها".
وكانت المحاكم الأميركية سمحت سابقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالدخول إلى شبكات الشركات المحلية وإزالة البرمجيات الخبيثة، دون علم الشركات في بعض الأحيان، وفقاً للصحيفة.
وعلى الرغم من جهود الولايات المتحدة لمنع الهجمات الروسية، فإن بعض المسؤولين الأميركيين أعربوا عن قلقهم من أن بوتين ربما يكون بانتظار الوقت المناسب لإطلاق عملية إلكترونية كبرى يمكن أن توجه ضربة للاقتصاد الأميركي.
قلق أميركي
وقال المسؤولون الأميركيون إنه حتى الآن كانت العمليات الإلكترونية الروسية الأولية موجهة إلى أوكرانيا فقط، بما في ذلك استخدام البرمجيات الخبيثة المُصمَمة لشل مكاتب الحكومة، وكذلك الهجوم على نظام الأقمار الصناعية الأوروبي "Viasat".
وأثارت تفاصيل الهجوم غير المسبوق على "Viasat" قلق وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" ووكالات الاستخبارات بشكل خاص، إذ تخشى هذه الكيانات أن يكون الهجوم قد كشفت عن نقاط ضعف في أنظمة الاتصالات المهمة التي يمكن للروس وغيرهم استغلالها، بحسب "نيويورك تايمز".
وأصدرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعليمات لشركات البنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة بالاستعداد لصد الهجمات الإلكترونية الروسية، وهي التحذيرات التي رددها أيضاً مسؤولو المخابرات في بريطانيا.
وعلى الرغم من تفضيل الروس التسلل بهدوء إلى الشبكات وجمع المعلومات، فإن نشاط البرمجيات الخبيثة الأخير في أوكرانيا أظهر استعداد موسكو المتزايد لإحداث أضرار إلكترونية، بحسب محللين.
ويرى خبراء أمنيون أن روسيا قد تكون هي المسؤولة عن بعض الهجمات الإلكترونية الأخرى التي حدثت منذ بدء الحرب، بما في ذلك الهجوم على خدمات الاتصالات الأوكرانية، على الرغم من استمرار التحقيقات في بعض تلك الهجمات.
هجمات على أوكرانيا
وفي الوقت الذي كان دبلوماسيون من الولايات المتحدة يستعدون للقاء نظرائهم الروس، في يناير الماضي، في محاولة لتجنب الصراع العسكري في أوكرانيا، كان المتسللون الروس يضعون بالفعل لمساتهم الأخيرة على برمجيات خبيثة مدمرة جديدة، والتي تم تصميمها لحذف البيانات وتعطيل أنظمة الكمبيوتر.
وقبل أن يجتمع ممثلو الولايات المتحدة وروسيا في محاولة أخيرة للدبلوماسية، بدأ المتسللون بالفعل في استخدام البرمجيات الخبيثة لمهاجمة البنية التحتية الحيوية الأوكرانية، بما في ذلك الوكالات الحكومية المسؤولة عن سلامة الأغذية والتمويل وإنفاذ القانون.
كما وقع هجوم آخر في اليوم الذي بدأ فيه الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، إذ قام قراصنة بقطع "Viasat" عن الاتصال بالإنترنت.
وقالت الشركة في بيان إن الهجوم أغرق أجهزة المودم ببرمجيات خبيثة، ما أدى لتعطيل خدمات الإنترنت لدى آلاف الأشخاص في أوكرانيا وعشرات الآلاف من العملاء الآخرين في جميع أنحاء أوروبا.
وقال مسؤولون أميركيون بارزون، إن جميع الأدلة تشير إلى أن روسيا هي المسؤولة عن هذه الهجمات، كما أفاد باحثون أمنيون في SentinelOne بأن البرمجيات الخبيثة التي تم استخدامها في هجوم "Viasat" كانت مماثلة لرمز مرتبط بالاستخبارات العسكرية الروسية.
وصحيح أن الولايات المتحدة لم تحدد روسيا بشكل رسمي باعتبارها مصدر الهجوم، ولكنها من المتوقع أن تفعل ذلك بمجرد انضمام العديد من الحلفاء إليها في الأمر، بحسب الصحيفة.
وأدى هجوم إلكتروني، وقع في أواخر مارس الماضي، إلى تعطيل خدمات الاتصالات مرة أخرى في أوكرانيا، إلا أن هذه المرة تم التركيز على مزود خدمة الهاتف والإنترنت "Ukrtelecom"، ما أدى إلى توقف خدمات الشركة عن العمل لساعات عدة، ويعتقد المسؤولون الأوكرانيون أن روسيا هي المسؤولة عن الهجوم.
مطالب بتجهيزات
ويخشى المسؤولون في الولايات المتحدة من أن تضرب هجمات إلكترونية مماثلة شركات البنية التحتية الحيوية في البلاد.
وأعرب بعض المديرين التنفيذيين لهذه الشركات عن أملهم في أن تمنحهم الحكومة الفيدرالية تمويلاً لتحديث أنظمة الأمن السيبرانية لديهم، إذ تقدر شركة "Community Electric Cooperative"، التي تقدم الكهرباء لحوالي 12 ألف عميل في ولاية فرجينيا، أنها بحاجة إلى 50 ألف دولار لتحديث أنظمة الأمن السيبراني لديها.
وعلى الرغم من قيام الشركة بتدريب موظفيها على كيفية اكتشاف الهجمات الإلكترونية واختبار أنظمتها، إلا أنها أعربت عن أملها في القيام بمزيد من الخطوات للاستعداد لأي هجوم إلكتروني محتمل من روسيا.
اقرأ أيضاً: