الهواتف الذكية مثلها مثل البشر، تعمل بصورة أفضل ضمن نطاق درجة حرارة معين. فبالنسبة للأجهزة التي تصنعها شركتا "أبل" و"سامسونج"، يتراوح النطاق بين 32 فهرنهايت إلى 95 فهرنهايت (0 درجة إلى 35 درجة مئوية)، بينما تتباهى شركة "شاومي" الصينية بحد أعلى يبلغ 104 فهرنهايت. ومع شيوع موجات الحر بشكل أكبر، تتعرض الهواتف لوقت أطول بحرارة أعلى من هذا النطاق المريح للتشغيل.
بمجرد أن يتجاوز الهاتف درجة حرارة التشغيل العادية، تبدأ المستشعرات الحرارية المدمجة فيه بتشغيل سلسلة إجراءات تتضمن تحذيرات من ارتفاع درجة الحرارة، وبطء التشغيل، وتصل حتى الإيقاف التام.
صممت هذه الميزة للحفاظ على سلامة الهاتف أثناء تبريده، لكن التعرض المتكرر للإجهاد الحراري يمكن أن يقلل من عمر بطارية الهاتف الذكي، ويضر بالمكونات الداخلية الأخرى.
من الصعب الحصول على بيانات على مستوى القطاع، لكن شركة "أسوريون" (Asurion)، وهي شركة أميركية تقدم خدمات تأمين الهواتف، وتدير نحو 700 متجر لإصلاح الهواتف الذكية، لاحظت زيادة بنحو 15% في مشكلات البطارية خلال فصل الصيف الماضي الذي شهد درجات حرارة قياسية مقارنة بأعطال بقية 2023. وتوقعت أن يكون صيف هذا العام أعلى حرارة.
نستعرض في ما يلي ما تحتاج إلى معرفته بشأن الحفاظ على هاتفك الذكي بارداً وثابت الأداء ومن دون أعطال.
متى تعاني الهواتف الذكية من حرارة زائدة؟
أي استخدام للهاتف المحمول تقريباً يولّد حرارة، وبما أن الهواتف الذكية لا تستطيع التعرق مثل البشر، فإن هذه الحرارة تتراكم.
عندما تكون درجات الحرارة الخارجية مرتفعة، لا يتطلب الأمر وقتاً طويلاً لترتفع درجة حرارة الهاتف بطريقة ملموسة. فخلال موجة الحر التي اجتاحت أوروبا العام الماضي مثلاً، تسببت درجات حرارة تصل إلى 45 درجة مئوية (115 فهرنهايت) بإتلاف عدد من الهواتف المحمولة في جزيرة سردينيا الإيطالية.
أوضح توم باتون، مؤسس موقع "جرين سمارت فونز" (Green Smartphones)، وهي منصة للمقارنة بين الهواتف عبر الإنترنت، أنه "عند الوصول إلى درجة حرارة محيطة تبلغ 43 درجة مئوية (110 فهرنهايت) أو أعلى، أو عندما يتعرض الجهاز لأشعة الشمس المباشرة في يوم شديد الحرارة، ستبدأ معظم الهواتف في مواجهة مشكلات".
يصبح هذا النوع من الحرارة أكثر شيوعاً مع ارتفاع درجات حرارة الأرض. وكان مايو الشهر الثاني عشر على التوالي الذي يسجل فيه كوكب الأرض درجات حرارة قياسية، وشمل ذلك موجات حر في الهند وتايلاند ومصر.
ومن المتوقع في الولايات المتحدة الأميركية أن تحطم القبة الحرارية المتكونة فوق منطقة وسط الأطلسي الأسبوع الحالي، أرقام درجات حرارة قياسية.
كيف تعرف أن هاتفك يعاني من ارتفاع الإجهاد؟
تُصدر غالبية الهواتف الذكية تحذيرات للمستخدمين من ارتفاع وشيك لدرجة الحرارة. كما يمكن لتطبيقات خارجية على غرار تطبيق (AIDA64) الخاص بنظامي التشغيل "أندرويد" و"آي أو إس"، وتطبيق "كولينيج ماستر" (Cooling Master) لنظام التشغيل "أندرويد" مراقبة درجات حرارة الهاتف بطريقة آنية.
ويطبق باتون قاعدة أكثر بساطة مفادها أنه إذا أصبح إمساك هاتفك غير مريح، فإن حرارته بدأت في الارتفاع الحاد.
ويشير نيكولاس باينز، خبير الهواتف الذكية في "أسوريون"، إلى أن عمل الهاتف ببطء يعتبر علامة تحذير أخرى. سيبطئ الهاتف عمداً عملية المعالجة حتى لا يولد حرارة أكثر. ورغم ذلك، يحذر باينز من أن هذا يمكن أن يحدث في بعض الأحيان بعد فوات الأوان، ما قد لا يمنع تلفه.
وأضاف: "يمكن لهاتفك أن يحمي نفسه في الوقت الحالي. لكن التعرض المتكرر والمستمر للحرارة المرتفعة يمكن أن تكون له آثار طويلة المدى على أداء هاتفك، ويمكن أن يقلل عمر بطاريته".
كيف يمكن أن يُتلف ارتفاع درجة الحرارة هاتفك؟
تشكل درجات الحرارة المرتفعة خطراً جسيماً على بطارية الهاتف الذكي. وبينما تتدهور معدلات عمر البطارية بطريقة طبيعية بمرور الوقت، إلا أن التعرض لدرجات حرارة عالية لفترات طويلة يمكن أن تتلفها مبكراً، وفق كايل وينز، الرئيس التنفيذي لشركة "آي فيك إيت" (iFixit)، وهي شركة إصلاح إلكترونيات.
ويضيف وينز أن المادة اللاصقة المستخدمة لشاشات الهواتف يمكن أن تبدأ أيضاً في التفكك بمجرد أن تتجاوز درجات الحرارة نقطة انصهارها.
وتابع أنه يمكن أن تتعرض وحدة المعالجة المركزية (CPU) للهاتف للتلف إذا تجاوزت الحد الأقصى لدرجة حرارة تشغيلها. وفي حالات نادرة وقاسية، يمكن أن يؤدي تراكم الحرارة إلى احتراق البطارية، ما قد يشعل حريقاً، أو يحدث انفجاراً صغيراً.
لكن على نحو فوري، ستحدث أعطال لبعض الوظائف وربما تخسر بيانات، إذ يتسبب ارتفاع درجة الحرارة في خلل بالتطبيقات أو يعطلها.
كيف يمكنني حماية الهاتف الذكي من الحرارة؟
- احفظ هاتفك بعيداً عن أشعة الشمس المباشرة: أو أي مكان آخر يمكن أن تزداد فيه الحرارة (مثل لوحة عدادات السيارة).
- تجنب استخدام الهاتف بطريقة مكثفة: كلما قل تشغيل معالج الهاتف، كان من الأسهل بقاء الجهاز بارداً. حاول استخدام وضع الطيران لتقليل نشاط البرمجيات في الخلفية.
- أخرج هاتفك من الجراب: إذا كنت لا تريد التخلي عن جراب هاتفك، تتوفر أيضاً جرابات مصممة تساعد على الفقد الحراري بطريقة أفضل، مصنعة باستخدام مواد مسامية وتعمل على زيادة تدفق الهواء.
- اشحن هاتفك في بيئة أكثر برودة: تولد عملية الشحن نفسها حرارة، لذا حاول تجنبها عندما يكون هاتفك ساخناً فعلاً. إذا اضطررت للشحن، ينبغي لك ألا تستخدم الهاتف أثناء شحنه.
- دع الهاتف الذي يعاني من ارتفاع درجة الحرارة يبرد تدريجياً: لا يحب هاتفك الذكي الحرارة، ولكنه أيضاً لا يحب تقلبات درجات الحرارة الشديدة. يمكن أن يكون وضع الهاتف في الثلاجة لتبريده ضاراً بنفس قدر تركه يسخن بصورة مفرطة في المقام الأول. اختتم باتون: "يمكن أن تؤدي التغييرات المفاجئة في درجة الحرارة إلى تلف أكبر لمكونات الهاتف الداخلية".
* هذا المحتوى من "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ"