"الفصل العنصري الرقمي" بشأن غزة.. تعديل "جائر" للمحتوى بطلب إسرائيل

سيدة فلسطينية تشق طريق العودة إلى الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية. 30 يوليو 2024 - Reuters
سيدة فلسطينية تشق طريق العودة إلى الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية. 30 يوليو 2024 - Reuters
دبي-الشرق

تواجه منصات التواصل الاجتماعي، تحدياً بسبب الإزالة غير المبررة للمحتوى المؤيد للفلسطينيين، بناء على طلب الحكومة الإسرائيلية أحياناً، والفشل المتزامن في إزالة خطاب الكراهية، وخاصة منذ اندلاع حرب إسرائيل على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

وعملت منصات التواصل الاجتماعي مع وحدة السايبر الإسرائيلية، وهي مكتب حكومي تم إنشاؤه لإصدار الطلبات للمنصات لإزالة المحتوى الذي يُعتبر "تحريضاً على العنف والإرهاب"، فضلاً عن أي ترويج لمجموعات مصنفة على نطاق واسع على أنها "إرهابية".

جاء ذلك في تقرير بعنوان "الأبارتايد (الفصل العنصري) الرقمي في غزة: إدارة المحتوى غير العادلة بناء على طلب الوحدة الرقمية الإسرائيلية"، أصدرته منظمة Electronic Frontier Foundation الأميركية غير الربحية المتخصصة في الحريات المدنية بالعالم الرقمي.

وعلى الرغم من ظهور هذا التحدي قبل اندلاع الحرب على غزة، إلا أنها تزايدت في أعقابها، وبين السابع من أكتوبر والرابع عشر من نوفمبر من العام الماضي، تم إرسال نحو 9 آلاف و500 طلب إزالة من إسرائيل إلى منصات التواصل الاجتماعي، ذهب 60% منها إلى شركة "ميتا" مع معدل امتثال بنسبة 94%.

ولطالما تفاخرت وحدة السايبر الإسرائيلية بأن طلبات الإزالة الخاصة بها تؤدي إلى معدلات استجابة عالية تصل إلى 90% عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

وذكرت المنظمة الأميركية أنه تم "بشكل غير عادل" استهداف نشطاء حقوق الإنسان الفلسطينيين، والمؤسسات الإخبارية، والمجتمع المدني، كما دفعت إحدى هذه الإجراءات مجلس الرقابة في "ميتا" إلى التوصية بأن تقوم الشركة بـ"إضفاء الطابع الرسمي على عملية شفافة بشأن كيفية تلقّيها جميع طلبات الحكومة لإزالة المحتوى والرد عليها، والتأكد من تضمينها في تقارير الشفافية".

فرصة للحكومات

وعندما تقوم منصة بتحرير محتواها بناء على طلب من وكالات حكومية، يمكن أن تكون متحيزة بطبيعتها لصالح المواقف المفضلة لتلك الحكومة، كما يمنح هذا التعاون الوكالات الحكومية نفوذاً هائلاً على أنظمة تعديل المحتوى لتحقيق أهدافها السياسية الخاصة؛ للسيطرة على الحوار العام، وقمع المعارضة، وإسكات المعارضين السياسيين، أو قمع الحركات الاجتماعية.

وبمجرد إنشاء مثل هذه الأنظمة، يسهل على الحكومة استخدام الأنظمة لإكراه المنصات والضغط عليها لتعديل الكلام الذي ربما لم تختار تعديله لولا تلك الأنظمة.

وإلى جانب طلبات إزالة المحتوى الحكومية، تم تقييد حرية التعبير في غزة بشكل أكبر من خلال المنصات التي تزيل المحتوى والحسابات المؤيدة للفلسطينيين بشكل غير عادل. 

وتعرضت منصة "إكس" لانتقادات بسبب فشلها في إزالة خطاب الكراهية، وتعطيل الميزات التي تسمح للمستخدمين بالإبلاغ عن أنواع معينة من المعلومات المضللة، بحسب تقرير المنظمة الأميركية.

كما نفّذت تيك توك استراتيجيات غير مبالية لمراقبة طبيعة المحتوى على خدماتها. واعترفت شركة ميتا بقمع بعض التعليقات التي تحتوي على العلم الفلسطيني في "سياقات مسيئة" معينة تنتهك قواعدها، وفق Electronic Frontier Foundation.

إجراءات مطلوبة

وحثت المنظمة منصات التواصل الاجتماعي على اتباع عدة إجراءات لتجنب الأضرار المترتبة على حرية التعبير في غزة، وأولها إشراك أصحاب المصلحة المحليين والإقليميين في عملية صنْع السياسات لتحقيق فهم أعمق للثقافة واللغة والسياقات المحلية في جميع أنحاء نظام تعديل المحتوى.

كما دعت إلى الاعتراف بشكل عاجل بالمخاطر على حقوق المستخدمين الناتجة عن تدخل الدولة في عمليات تعديل المحتوى، بالإضافة إلى ضمان عدم استغلال الجهات الفاعلة في الدولة، أو التلاعب بأنظمة تعديل المحتوى الخاصة بالشركات لفرض الرقابة على المعارضين أو المعارضين السياسيين أو الحركات الاجتماعية أو أي شخص.

وطالبت منظمة "الحدود الإلكترونية" بإخطار المستخدمين "متى، وكيف، ولماذا" تم اتخاذ إجراء بشأن محتواهم، ومنحهم الفرصة للاستئناف.

وقالت إنه "نظراً للأدلة المهمة على الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، سواء قبل أو منذ 7 أكتوبر الماضي، فإن شركات التكنولوجيا الأميركية لديها التزامات أخلاقية كبيرة للتحقق لأنفسها وموظفيها والجمهور الأميركي والفلسطينيين أنفسهم من أنها لا تساهم بشكل مباشر في هذه الانتهاكات".

وأضافت: "يجب أن يكون للفلسطينيين مقعداً على الطاولة، تماماً كما يفعل الإسرائيليون، عندما يتعلق الأمر بتعديل الخطاب في المنطقة، والأهم من ذلك خطابهم الخاص. أي شيء أقل من هذا يخاطر بالمساهمة في شكل من أشكال الفصل العنصري الرقمي".

 

وليست هذه المرة الأولى التي تثير فيها منظمة "الحدود الإلكترونية" مخاوف بشأن الرقابة في فلسطين، بما في ذلك في العديد من المنتديات الدولية، إذ أشارت إلى أنها أرسلت مؤخراً خطاباً إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير للإعراب عن القلق بشأن التأثير غير المتناسب لقيود المنصة على التعبير من قِبَل الحكومات والشركات.

وفي مايو، قدمت المنطمة ​​تعليقات إلى مجلس الإشراف، الذي تموله "ميتا" لكنه يعمل مستقلاً، للحث على اتخاذ قرارات تعديل شعار "من النهر إلى البحر" على أساس فردي وليس من خلال حظر شامل.

كما طلبت مع عدد من المنظمات الدولية الأخرى، من "ميتا" إصلاح ممارساتها وسياساتها الخاصة بتعديل المحتوى والتي تقيّد المحتوى المتعلق بفلسطين، وأصدرت مجموعة من التوصيات للشركة لتنفيذها.

ووجد مجلس الإشراف أن نهج ميتا يقيّد حرية التعبير بشكل غير متناسب، وأن الشركة يجب أن تنهي الحظر الشامل لإزالة كل المحتوى الذي يستخدم كلمة "شهيد".

وأعلنت "ميتا"، مطلع يوليو، عزمها رفع الحظر الشامل، الذي فرضته على كلمة "شهيد" العربية، بعد توصية مجلس الإشراف.

تصنيفات

قصص قد تهمك