السودان يوحد سعر الصرف لتلبية شرط دولي لإعفائه من الديون

time reading iconدقائق القراءة - 6
لاجئ إثيوبي فر من القتال في منطقة تيغراي يحصي أموالاً سودانية في مركز استقبال حدودي بولاية القضارف شرقي السودان- 26 نوفمبر 2020 - AFP
لاجئ إثيوبي فر من القتال في منطقة تيغراي يحصي أموالاً سودانية في مركز استقبال حدودي بولاية القضارف شرقي السودان- 26 نوفمبر 2020 - AFP
الخرطوم- الشرقوكالات

أعلن بنك السودان المركزي، الأحد، نظاماً جديداً لتوحيد سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء للعملة المحلية، يقوم على تحديد سعر صرف استرشادي يومي، وذلك في مسعى لتجاوز الأزمة الاقتصادية والحصول على إعفاء دولي من الدين.

وأفاد البنك المركزي في بيان بأنه "لمعالجة هذه الاختلالات (الاقتصادية).. استقر رأي حكومة الفترة الانتقالية على تبني حزمة من السياسات والإجراءات تستهدف إصلاح نظام سعر الصرف وتوحيده".

وكان مصدر رسمي سوداني قال لـ"الشرق"، إن مجلس الوزراء منعقد في اجتماع طارئ منذ صباح الأحد، للبحث في قرار تعويم سعر صرف الجنيه السوداني وتبعاته على الاقتصاد الوطني.

وأفاد بيان البنك المركزي بأن الإجراء يسمح له بتحديد سعر الصرف حسب العرض والطلب، موضحاً أنه سيحدد سعراً استرشادياً يومياً "بانتهاج نظام سعر الصرف المرن المدار".

وألزم البيان البنوك ومكاتب الصرافة بالتداول بسعر صرف في نطاق يزيد أو ينقص بنسبة 5%  عن السعر المحدد، وألا يزيد هامش الربح بين سعرَي البيع والشراء عن 0.5%.

خفض حاد 

وقالت مصادر مصرفية من القطاع الخاص لوكالة "رويترز"، إن البنك المركزي حدد سعر الصرف الاسترشادي عند 375 جنيهاً سودانياً للدولار، ما يشكل خفضاً حاداً لقيمة العملة ويقترب عملياً من سعر السوق السوداء.

وفي الآونة الأخيرة، بلغ سعر الدولار بين 350 و400 جنيه سوداني في السوق السوداء، مقارنة بسعر رسمي بلغ 55 جنيهاً.

ويعدّ توحيد سعر الصرف إصلاحاً أساسياً يطلبه المانحون الأجانب وصندوق النقد الدولي من أجل إعفاء الخرطوم من ديون خارجية تقدر بـ60 مليار دولار؛ وكان خطوة متوقعة أواخر العام الماضي لكنها تأجلت بسبب الضبابية السياسية والارتفاع السريع للتضخم.

إعفاء من الديون

وفي بيانه قال بنك السودان المركزي إن خفض قيمة العملة يمهد الطريق نحو الإعفاء من الديون، ويساعد في تحقيق استقرار العملة والحد من التهريب والمضاربة وجذب تحويلات السودانيين العاملين في الخارج.

وحدد البيان أن البنك قرر "تحويل الموارد من السوق الموازي إلى السوق الرسمي، واستقطاب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج عبر القنوات الرسمية"، مؤكداً أنه يريد "الحد من تهريب السلع والعملات وسد الثغرات لمنع استفادة المضاربين من وجود فجوة ما بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي".

وأشار البنك إلى أنه فرض قيوداً على حركة العملات الأجنبية عبر السماح للمسافرين إلى خارج البلاد بحمل مبلغ ألف دولار فقط.

ويأمل البنك المركزي من هذه الخطوة "تحفيز المنتجين والمصدرين والقطاع الخاص.. واستقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي وتطبيع العلاقات مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية والدول الصديقة، بما يضمن استقطاب تدفقات المنح والقروض من هذه الجهات، والمساعدة في العمل على إعفاء ديون السودان الخارجية بالاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون"، وفق البيان.

جذب الاستثمارات

وقال وزير المال السوداني جبريل إبراهيم إن الحكومة تتوقع أن يحقق خفض العملة استقرار سعر الصرف، وأن يجذب تحويلات العاملين في الخارج والاستثمارات، فضلاً عن كونه خطوة صوب الإعفاء من الدين.

وأوضح إبراهيم للصحافيين، الأحد، أن خفض قيمة العملة لا يتضمن السعر الجمركي، وإصلاحه قيد الدراسة. وأضاف أن خطوات اتخذت من أجل تحقيق انسياب السلع الاستراتيجية وإيقاف الاستيراد للسلع غير الضرورية.

بدوره، قال محافظ بنك السودان المركزي محمد الفاتح زين العابدين، الأحد، إن السلطات اتخذت قراراً باتباع نظام مصرفي مزدوج يشمل البنوك الإسلامية وغير الإسلامية وسط مساعٍ لجذب البنوك العالمية وشركات الصرافة.

 

وأضاف: "كان (يُعتمد) في السودان النظام الإسلامي للبنوك فقط، ولكن سيكون هناك النظام التقليدي للبنوك، وندعو البنوك العالمية وشركات الصرافة الكبرى للعمل في السودان".

"غضب شعبي"

وقال محللون اقتصاديون لوكالة "لرويترز" إنهم يتوقعون أن يكون خفض قيمة العملة ذا تأثير محدود على التضخم لأن معظم المعاملات تجري بالفعل بسعر السوق السوداء، فيما قال محللون آخرون لوكالة "فرانس برس" إنهم يتوقعون أن تؤدي خطوة البنك بتعويم العملة إلى زيادة أسعار السلع، ما سيقابله غضب شعبي.

ووصل معدل التضخم في السودان في يناير إلى أكثر من 300 في المئة، وهو من أعلى المعدلات في العالم.

وتأتي خطوة البنك المركزي بعد أسبوعين من تشكيل حكومة جديدة ضمت "الجبهة الثورية"، إثر اتفاق السلام الموقع في جوبا (عاصمة جنوب السودان) في 3 أكتوبر الماضي.

 ووضعت الحكومة الجديدة على رأس أولوياتها معالجة الأزمة الاقتصادية "عبر رؤية موحدة" من خلال برنامج توقع عليه جميع الأطراف لمنع البلاد من الانهيار.

وخلال الأشهر الماضية، شطبت الولايات المتحدة السودان من لائحة الدول المتهمة برعاية الإرهاب، وهي خطوة تأمل الحكومة السودانية منها أن تساعدها على استقطاب الاستثمارات الأجنبية ومعالجة ديونها الخارجية.

اقرأ أيضاً: