"فاينانشال تايمز": تعدد جوازات سفر اللقاح يعقد السفر الدولي

time reading iconدقائق القراءة - 9
لافتة توجّه المسافرين بحسب جوازات سفرهم (أوروبية أم لا) عند وصولهم إلى مطار دبلن في أيرلندا - REUTERS
لافتة توجّه المسافرين بحسب جوازات سفرهم (أوروبية أم لا) عند وصولهم إلى مطار دبلن في أيرلندا - REUTERS
دبي -الشرق

حذّرت صحيفة" فاينانشال تايمز" من أن وجود أشكال متنوعة من جوازات السفر الخاصة بالحاصلين على اللقاح المضاد لفيروس كورونا، ربما يعقّد جهود العودة إلى السفر الدولي، لافتة إلى أنه مع انتشار الجهود لإصدار شهادات كورونا، يصعب جعلها متوافقة.

وقالت الصحيفة البريطانية إن جواز سفر كورونا بات يُنظر إليه بطريقة أو أخرى على أنه أمر حيوي وضرورة حتمية لاستئناف السفر هذا الصيف، لكن الأمل لا يزال ضئيلاً بوجود نظام عالمي موحد بدلاً من عدة أشكال من المبادرات المتضاربة المحتملة التي تظهر يوماً بعد يوم.

وعلى سبيل المثال، أشارت الصحيفة إلى أن نسبة كبيرة من الدنماركيين يخضعون لاختبار "كوفيد-19" يومياً، من أجل الحصول على جواز سفر رقمي خاص "كوروناباس" حتى يتمكنوا من زيارة المتاحف والمطاعم في كوبنهاغن.

وأوضحت أن هذا الجواز الشائع يمنح الدنماركيين إمكانية الوصول إلى كل شيء، من مباريات كرة القدم، إلى صالونات تصفيف الشعر، وصولاً إلى الحانات الداخلية، لدرجة أن الطوابير خارج مراكز الاختبار يبلغ طولها مئات الأمتار.

لكن بينما نجح هذا الجواز في إعادة فتح الاقتصاد المحلي في الدنمارك، توجد علامات استفهام كثيرة بحسب الصحيفة، حول ما إذا كان سيرتبط بسهولة مع الجهود المبذولة لتسهيل السفر الدولي من عدمه.

مبادرات أوروبية وأميركية

وتحذو العديد من الدول حذو الدنمارك في تطوير جواز سفر أو شهادة خاصة بها، فالاتحاد الأوروبي يناضل من أجل إنشاء نظام شامل للقارة. وفي الولايات المتحدة، تنتشر عدة مبادرات بشأن جوازات السفر على مستوى كل ولاية. ويدفع الاتحاد الدولي للنقل الجوي ببرنامج تقوده شركات الطيران.

ويواجه كل من هؤلاء مآزق تكنولوجية وعملية وأخلاقية، إلى جانب سلسلة من التساؤلات تبقى في الغالب من دون إجابات، فأي لقاح سيعوَل عليه؟ وكم عدد الجرعات المطلوبة؟ وهل سيحتاج المسافرون إلى تقديم أدلة رقمية على وضعهم الصحي وموقفهم من التطعيم، أم مجرد قطعة من الورق؟

تجربة "شهادات الحمى"

"لو أن لكل دولة بروتوكول مختلفاً، فسيكون لكل دولة نظام مختلف، ومتطلبات مختلفة، وسيربك هذا المسافرين وشركات الطيران"، كما قال أكبر الباكر، الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية، لصحيفة "فاينانشال تايمز".

وحث الباكر الحكومات على "استلهام الماضي"، مشيراً إلى شهادات الحمى الصفراء التي كان يتم تسليمها لسنوات مع جوازات السفر، وتطلبها الكثير من دول إفريقيا وأميركا اللاتينية كدليل على تلقي اللقاح.

وأضاف: "أعتقد أننا يجب أن نعود إلى الأيام الخوالي.. يجب أن تعود هذه الإجراءات، لكن في شكل إلكتروني هو ما نطلق عليه الآن تصريح سفر". 

بينما قال مفوض العدالة في الاتحاد الأوروبي، ديدييه رايندرز، للصحيفة: "إذا استطعنا تحقيق أهداف سياسية، فإن الحل التقني سيكون جاهزاً في الوقت المناسب، أما إذا لم نتمكن من ذلك، فإننا نخاطر بالتشظي والتشرذم في جميع أنحاء أوروبا عبر حلول وطنية متعددة يُحتمل عدم توافقها".

نظام لكل دولة 

ويعمل الاتحاد الأوروبي حالياً بجدية لتطوير "شهادة رقمية خضراء" مشتركة بحلول نهاية يونيو المقبل، لتنسيق استئناف السفر الحر داخل الكتلة.

ويشدد الاتحاد على أن هذه الشهادات لن تحل محل جواز سفر اللقاح، إذ سيبقى اصطحاب الدليل على وجود إصابة سابقة بالعدوى، أو إجراء اختبار سلبي خلال 72 ساعة قبل السفر سارياً أيضاً، كما هو الحال في الدنمارك.

مع ذلك، قال ماكين برامستروب، مستشار العلاقات العامة السابق في كوبنهاغن، للصحيفة، إنه "من الممكن أن يصاب أفراد بكورونا في غضون الـ72 ساعة"، وأضاف: "كفرد، عليك أن تفكر: هل أرغب في هذه المخاطرة؟".

لكن كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي ستكون قادرة على وضع القواعد الخاصة بها، وتوجد بالفعل دلائل على وجود مقاربات مختلفة، بحسب "فاينانشال تايمز".

فاليونان، كواحدة من أكثر البلدان التي تعتمد على السياحة، تسمح للذين تم تطعيمهم بلقاح "سبوتنيك" الروسي، بالإضافة إلى 3 لقاحات صينية، بدخول البلاد دون اللجوء إلى الحجر الصحي، كما سمحت للزائرين من دول خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالدخول، بدءاً من الأسبوع الماضي، شريطة تلقي التطعيم أو إجراء اختبار "بي سي آر" حديث.

دول تتوخى الحذر

وعلى النقيض، لا تزال إسبانيا تتوخى الحذر، وتنتظر قواعد شاملة لجميع دول الاتحاد، قبل أن تعيد فتح السياحة في يونيو المقبل، وقال وزير الصناعة والسياحة، رييس ماروتو، لـ"فاينانشال تايمز": "سوف نحترم الإجماع داخل الاتحاد الأوروبي، نعلم أن دولاً أوربية أخرى تريد أن تفتح قبل ذلك، كما هو الحال في اليونان، لكننا لا نريد المخاطرة".

وتشمل قائمة دول الاتحاد الأوروبي التي تطور حلولاً خاصة بها، إستونيا، الرائد الرقمي الدائم، وألمانيا وفرنسا. وستضيف فرنسا اختبارات ونتائج تطعيمات تم التحقق منها إلى تطبيقها الحالي "TousAntiCovid" لتتبع جهات الاتصال لتسهيل السفر الدولي، لكنها على عكس الدنمارك، لا تريد أن تستخدم هذا النظام للتحكم في الوصول إلى الحانات والمطاعم.
 
في هذا السياق، قال سيدريك أو، وزير الدولة الفرنسي للشؤون الرقمية، إن هذا النظام يمكن أن يكون "مفيداً للتجمعات الكبيرة، مثل الحفلات والمهرجانات والمؤتمرات".

وبدأت فرنسا بالفعل اختبار التطبيق، الثلاثاء الماضي، على الرحلات الجوية المتجهة إلى كورسيكا، وستوسع نطاقه قريباً ليشمل مناطق بحرية مثل جزر غوادلوب.

من جانبها، استعانت المفوضية الأوروبية بشركة "دويتشه تليكوم" الألمانية، وشركة "ساب" لبناء ما يسمى البوابة لضمان قدرة تحدث الأنظمة الوطنية إلى بعضها البعض، وتعتزم المفوضية إجراء اختبار تجريبي يشمل 5 دول في مايو المقبل، وتأمل أن يمثل نظامها، القائم على رموز "كيو آر" القابلة للفحص، أساساً لمعيار دولي.
 
ولا تزال تلوح في الذاكرة جهود جادة بذلت العام الماضي لتطوير تطبيقات تتبع جهات الاتصال، والتي خلقت حالة من الانقسام في القارة الأوروبية، لكن أحد المسؤولين الصحيين في فرنسا قال لـ"فاينانشال تايمز": "الأمر مختلف هذه المرة لأن التكنولوجيا أساسية تماماً، فكل ما عليكم القيام به هو التحقق من التوقيعات، وليس جمع بيانات حساسة عن انتقالات الأشخاص".

مخاوف من "الاحتيال"

في المقابل، يشعر البعض بالقلق حيال الضمانات الكامنة وراء "الشهادة الرقمية الخضراء"، إذ قالت كارميلا ترونكوسو، الأستاذة المساعدة في المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في لوزان، سويسرا للصحيفة: "كانت صدمة أن هذه الشهادات لن يتم تشفيرها"، وأنه لا توجد حواجز لضمان أن تطبيقات التحقق من رموز "كيو آر" لا تسجل البيانات.

إلى جانب ذلك، يشكل الاحتيال قضية أخرى، فالدنمارك تسمح حالياً للأشخاص بطباعة "كوروناباس"، وتقديم أدلة شفهية يمكن تلفيقها بسهولة، وفقاً للصحيفة.

وفي الولايات المتحدة، حيث دفعت الحكومة الفيدرالية باتجاه زيادة التطعيمات، تعد مبادرات جوازات السفر أكثر تشرذماً، إذ توجد على الأقل 17 شركة ومنظمة تعمل على نسخ جوازات السفر اللقاحية الخاصة بها، بما في ذلك نسخة من شركة "أي بي إم" يجري اختبارها حالياً في نيويورك.

وحذر مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن، الشهر الماضي، من أنه "من دون وجود نوع من التنسيق على مستوى الولايات المتحدة بوجه عام، فإن المشهد يمكن أن يصبح مليئاً بمجموعة مربكة من حلول مسجلة الملكية ومتفاوتة الجودة والموثوقية وغير المتوافقة".

لكن الإدارة استبعدت تطوير برنامج فيدرالي حكومي بسبب عدائية الجمهوريين من بين أشياء أخرى. ونقلت الصحيفة عن رون ديسانتيس، الحاكم الجمهوري لولاية فلوريدا، قوله إنه سيحظر على الكيانات الحكومية إصدار أي نوع من شهادات التطعيم، وسيشمل الحظر الشركات التي تتطلب ذلك.

وتمثل صناعة الطيران إحدى الصناعات التي تحتاج بشدة إلى جوازات سفر اللقاح، وبدأ نظام "ترافيل باس" الخاص بالاتحاد الدولي للنقل الجوي "آياتا" تجاربه الأولى في المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، عندما غادر ركاب "فيرجين أتلانتيك" مطار هيثرو في طريقهم إلى باربادوس.

أما النظام المنافس الذي يحظى ببعض الدعم من قبل شركات الطيران هو "كومون باس" (CommonPass)، الذي يدعمه "المنتدى الاقتصادي العالمي". لكن المديرين التنفيذيين في مجال الطيران يشعرون بالإحباط لعدم وجود معايير عالمية للشهادات حتى الآن.

اقرأ أيضاً: