قالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا)، نقلاً عن مصدر قضائي مطّلع، الخميس، إن القضاء الإيراني أصدر قراراً بمنع 15 شخصاً من مغادرة البلاد، على خلفية التحقيق في تسريب تسجيل صوتي لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، والذي وصفته الحكومة بـ"المؤامرة"، بعدما أثار جدلاً واسعاً.
وقدّم مسؤول كبير في مركز أبحاث إيراني ومستشار للرئيس حسن روحاني، الخميس، استقالته بعد "واقعة تسريب ظريف"، وفق وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وأفادت الوكالة، وفقاً لـ"فرانس برس"، أن حسام الدين آشنا، مدير مركز الأبحاث الاستراتيجية، "استقال" بسبب "سرقة تسجيل" يتضمن مقابلة أجراها المركز مع وزير الخارجية الإيراني.
ويرأس آشنا المركز منذ 2013، وقد عيّن في العام نفسه مستشاراً للرئيس روحاني، وكان لا يزال في منصبه إلى اليوم.
وتشير وسائل الإعلام الإيرانية بانتظام إلى آشنا كمقرب من روحاني بعدما كان نائب وزير الاستخبارات في عام 2000.
وقال وزير الخارجية الإيراني في منشور على "إنستغرام"، الأربعاء، إنه يأسف لتحوّل تصريحاته المسرّبة إلى "اقتتال داخلي" في إيران، تعليقاً على تسجيل صوتي تحدث فيه عن دور الحرس الثوري في الدبلوماسية.
وأثارت مقابلة لظريف، سُرّب مضمونها رغم أنها لم تكن معدّة للنشر، هزة في بلاده، إذ اتهمه نواب أصوليون بـ"الخيانة" و"انتهاك الخطوط الحمر للنظام"، داعين إلى محاكمته وإنهاء حياته السياسية. لكن وزارة الخارجية الإيرانية دافعت عن ظريف، معتبرة أن المقابلة "مجتزأة بشكل مغرض"، وإن لم تشكّك بصحتها.
تحقيق رئاسي
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني، طلب تحقيقاً في "واقعة التسريب". وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء: "نعتقد أن سرقة المستندات هي مؤامرة ضد الحكومة والنظام (السياسي للجمهورية)، ونزاهة المؤسسات المحلية الفاعلة، وأيضاً مؤامرة ضد مصالحنا الوطنية".
وأضاف "أمر الرئيس، وزارة الأمن (الاستخبارات) بتحديد الضالعين في هذه المؤامرة"، معتبراً أن "ملف مقابلة السيد ظريف، ولأسباب واضحة تمت سرقته ونشره من قبل أشخاص يتم تحديد هوياتهم"، دون أن يقدم تفاصيل إضافية بشأن هذه الأسباب.
وتسبب التسجيل الممتد لنحو ثلاث ساعات، والذي نشره موقع "إيران إنترناشيونال"، في جدلٍ واسع بالبلاد، بعد تناول ظريف عدة قضايا، أبرزها تدخل قائد "فيلق القدس" السابق في الحرس الثوري قاسم سليماني في السياسة الخارجية، وحديثه عن أولوية نالها "الميدان" على حساب الدبلوماسية.
ولم ينفِ المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده صحة التسجيل، ولكنه أكد أنه اقتطع من حوار امتد سبع ساعات، ولم يكن معداً للنشر، وتضمن مواقف "شخصية" لظريف الذي يشغل منصبه منذ عام 2013، بعد تولي روحاني منصب رئاسة الجمهورية.
صداقة سليماني
ونشر ظريف، الأربعاء، مقطعاً مصوراً خلال زيارته موقع مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في العاصمة العراقية بغداد، والذي انتقده خلال التسريبات.
وكتب وزير الخارجية الإيراني: "آسف بشدة كيف أن حديثاً نظرياً عن الحاجة إلى توازن بين الدبلوماسية والميدان، من أجل أن يستخدم من قبل رجال الدولة المقبلين، عبر الاستفادة من الخبرة القيّمة للأعوام الثمانية الماضية، تحوّل إلى اقتتال داخلي". وشدد على "الصداقة العميقة والتعاون" اللذين جمعاه بسليماني على مدى "أكثر من عقدين من الزمن".
الحاجة إلى "تعديل ذكي"
وقال وزير الخارجية الإيراني في المقطع المصور، أن هناك حاجة إلى "تعديل ذكي" في العلاقة بين الدبلوماسية والميدان العسكري في إيران.
وكتب ظريف أن "الفكرة الأساسية" التي تحدث عنها في التسجيل كانت التركيز على "الحاجة إلى تعديل ذكي في العلاقة بين هذين الجناحين (اللذين يشكلان مصدر قوة لإيران)، وتحديد الأولويات ضمن الهيئات القانونية، وتحت المرشد الإيراني" علي خامنئي.
"المباحثات النووية"
واعتبر روحاني، الأربعاء، أن تسريب التسجيل الصوتي لظريف، يهدف الى التسبب بـ"اختلاف" داخلي، تزامناً مع المباحثات في فيينا مع القوى الكبرى، لإحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي.
وقال روحاني في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة، إن التسجيل "تم نشره في وقت كانت (مباحثات) فيينا في ذروة نجاحها، وذلك بهدف خلق اختلاف داخل إيران.
وأعلن مكتب المدعي العام في طهران رفع دعوى قضائية بشأن تسريب هذه المقابلة، فيما استدعت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني ظريف لسماع أقواله.
تفاصيل التسريب
وكان ظريف أشار في التسجيل المسرّب، خلال مقابلة الاقتصادي الموالي للحكومة سعيد ليلاز في مارس الماضي، إلى علاقته بقاسم سليماني قائلاً: "لم أتمكن أبداً في مسيرتي المهنية من القول لقائد ساحة المعركة سليماني وغيره، افعل شيئاً معيناً لكي أستغله في الدبلوماسية".
وأضاف: "في كل مرة، تقريباً أذهب فيها للتفاوض، كان سليماني هو الذي يقول إنني أريدك أن تأخذ هذه الصفة أو النقطة بعين الاعتبار. كنت أتفاوض من أجل نجاح ساحة المعركة".
وبشأن الاختلاف بين الجيش والدبلوماسية في إيران، وضرورة ترك الأمور للدبلوماسيين، قال وزير الخارجية الإيراني: "لقد كانت ساحة المعركة هي الأولوية بالنسبة للنظام".
وأشار إلى العلاقة بين الحرب والدبلوماسية في سياسات الحكومة الإيرانية، قائلاً: "لقد أنفقنا الكثير من المال، بعد الاتفاق النووي، حتى نتمكن من المضي قدماً في عملياتنا (عمليات الحرب) الميدانية".