واشنطن تعيد رسم سياستها الإفريقية بمواجهة موسكو وبكين

time reading iconدقائق القراءة - 6
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة في بريتوريا عن استراتيجية بلاده في القارة الإفريقية - 8 أغسطس 2022 - REUTERS
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة في بريتوريا عن استراتيجية بلاده في القارة الإفريقية - 8 أغسطس 2022 - REUTERS
واشنطن / بريتوريا-أ ف ب

كشفت الولايات المتحدة، الاثنين، عن إعادة صياغة شاملة لسياستها في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث تعتزم مواجهة الوجود الروسي والصيني وتطوير أساليب غير عسكرية ضد الإرهاب. 

الاستراتيجية الجديدة، التي تأخذ في الاعتبار الأهمية السكانية المتزايدة لإفريقيا وثقلها في الأمم المتحدة، إضافة إلى مواردها الطبيعية الهائلة وفرصها، تتزامن مع بدء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولته الإفريقية الثانية، التي تقوده إلى جنوب إفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، بعد أسابيع من جولة مماثلة لنظيره الروسي سيرجي لافروف شملت الكونغو وأوغندا ومصر وإثيوبيا.

يأتي هذا التحول أيضاً، في وقت يؤكد البعض أن تركيز الولايات المتحدة على محاربة الجماعات المسلحة في إفريقيا عسكرياً لم يحصد نتائج كبيرة.

الوثيقة التوجيهية الجديدة، التي تم الكشف عنها، الاثنين، أفادت بأن "للولايات المتحدة مصلحة كبيرة في ضمان إبقاء المنطقة مفتوحة ومتاحة للجميع، وأن الحكومات والشعوب يمكنها بنفسها اتخاذ خياراتها السياسية".

وأضافت "أن مجتمعات مفتوحة تميل عموماً إلى العمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة وجذب المزيد من التبادلات التجارية والاستثمارات الأميركية (...) ومواجهة الأنشطة الضارة للصين وروسيا والجهات الأجنبية الأخرى".

الوثيقة التي تحمل عنوان: "استراتيجية الولايات المتحدة تجاه إفريقيا جنوب الصحراء" تعرض بالتفصيل 4 أهداف تمتد لـ5 سنوات، وتتوزع كالآتي: "دعم المجتمعات المفتوحة، وتقديم مكاسب ديمقراطية وأمنية، والعمل على الانتعاش بعد جائحة كورونا وإتاحة الفرص الاقتصادية، ودعم الحفاظ على المناخ والتكيف معه، والتحول المنصف للطاقة".

مواجهة الصين وروسيا

وتشير الوثيقة الأميركية إلى موقف البيت الأبيض من نشاطات بكين وموسكو في إفريقيا، إذ تعتبر واشنطن أن الصين تتصرف فيها وكأنها "ساحة لتحدي النظام الدولي القائم على قواعد، ولتعزيز مصالحها التجارية والجيوسياسية الخالصة (...) ولإضعاف علاقات الولايات المتحدة مع الشعوب والحكومات الإفريقية". 

أما بالنسبة إلى روسيا، فتعتبر الوثيقة أنها "ترى أن المنطقة تمثل بيئة مستباحة للشركات شبه الحكومية والعسكرية الخاصة، وغالباً ما تخلق حالة من عدم الاستقرار لكسب مزايا استراتيجية ومالية".

وبينما يعبر نحو 70% من الأفارقة عن دعمهم الحازم للديمقراطية، إلا أن عدد ما يسمى بـ"الدول الحرة" تقلص إلى أدنى مستوى منذ 30 عاماً، وفقاً للوثيقة الأميركية التي تشير أيضاً إلى استخدام "المعلومات المضللة" من قبل موسكو.

واقترحت الوثيقة "بذل جهود متزايدة لوقف الموجة الأخيرة من الاستبداد والانقلابات العسكرية، من خلال العمل مع الحلفاء والشركاء في المنطقة للرد على التقهقر الديمقراطي وعلى انتهاكات حقوق الإنسان".

وكشفت الوثيقة أن الولايات المتحدة ستستخدم "قدراتها الأحادية"، أي العسكرية، ضد "أهداف إرهابية فقط عندما يكون ذلك قانونياً، وحيث يكون التهديد أكثر حدة"، فيما يعتبر الهدف من ذلك هو إعطاء الأولوية "للمقاربات التي يقودها المدنيون حيثما يكون ذلك ممكناً وفعالاً".

زيارة بلينكن

وجاء الكشف عن الوثيقة، بعد ساعات من إعلان وزير الخارجية الأميركي خلال زيارة قام بها إلى بريتوريا أن بلاده تريد "شراكة حقيقية" مع إفريقيا، مؤكداً أن واشنطن لا ترغب في "تجاوز" نفوذ القوى العالمية الأخرى في القارة.

وكان بلينكن قال خلال مؤتمر صحافي إلى جانب نظيرته الجنوب إفريقية ناليدي باندور: "نتطلع قبل كل شيء إلى شراكة حقيقية بين الولايات المتحدة وإفريقيا. لا نريد علاقة غير متوازنة".

ووصل بلينكن، الأحد، إلى جنوب إفريقيا، المحطة الأولى من جولته في القارة التي تأتي بعد وقت قصير من زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى إفريقيا في نهاية يوليو، والتي شملت الكونغو وأوغندا ومصر وإثيوبيا.

بلينكن أكد، الاثنين، أن واشنطن لا تنظر إلى المنطقة على أنها "آخر مكان للمنافسة بين القوى الكبرى"، مشدداً على أن "هذه ليست الطريقة التي نرى بها الأشياء بشكل أساسي. هذه ليست الطريقة التي سنعمل بها على تعزيز التزامنا هنا". واعتبر أن "التزامنا بشراكة أقوى مع إفريقيا لا يتعلق بمحاولة التفوق على أحد".

وقال بلينكن: "اليوم ليس تتويجاً لشراكتنا. ولكنه بداية فصل جديد. الرئيس بايدن يتطلّع إلى لقاء الرئيس رامافوزا (الجنوب إفريقي سيريل) في واشنطن الشهر المقبل"، قبل قمة أميركية - إفريقية من المقرّر عقدها في 13 ديسمبر في واشنطن.

وفي هذا الصدد، أعربت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لخطابات "الترهيب المتعجرف" الصادرة من دول أوروبية عدة على وجه الخصوص، في ما يتعلق بموقف جنوب إفريقيا من الصراع كما شكرت واشنطن على تجنّبها هذه اللهجة.

وغالباً ما احتلّت إفريقيا مرتبة متأخّرة على سلم أولويات الولايات المتحدة، إلا أن الإدارة الأميركية تؤكد أنها تريد تغيير هذه الديناميكية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات