تقرير: الفراغ العسكري في مالي يفتح الباب أمام "مرتزقة" روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
متظاهرون يلوحون بالعلمين المالي والروسي في مظاهرة بالعاصمة المالية بامكو ضد النفوذ الفرنسي في البلاد 27 مايو 2021 - AFP
متظاهرون يلوحون بالعلمين المالي والروسي في مظاهرة بالعاصمة المالية بامكو ضد النفوذ الفرنسي في البلاد 27 مايو 2021 - AFP
دبي-الشرق

كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية عن زيادة ملحوظة للوجود العسكري الروسي في دولة مالي، واعتبرت ذلك أنه يعكس "الفشل الفرنسي" في ضبط الأمور الأمنية هناك.

وقال الصحيفة في تقرير الأربعاء، إن "عملية برخان بقيادة فرنسا فشلت في القضاء على تهديد الجماعات المسلحة في مالي ومنطقة الساحل، على غرار الأميركيين وحلفائهم الذين أمضوا عقدين من الزمن في أفغانستان".

وأضافت أنه بالعودة لعام 2013 عندما وصل الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا أولاند إلى مدينة تمبكتو الصحراوية للاحتفال بتحريرها من المسلحين بمساعدة القوات الفرنسية، تم استقباله حينها استقبال الأبطال وتم الترحيب به بصرخات "تحيا فرنسا".

وبعد أقل من 9 سنوات، سلمت باريس قاعدتها في تمبكتو للقوات المالية، وبات المزاج السائد في الدولة الواقعة بغرب إفريقيا هو حالة مرارة وقلق، وفقاً للصحيفة.

وأوضحت "فاينانشيال تايمز"، أنه على بعد عدة مئات من الكيلومترات في العاصمة باماكو، لا يزال الوجود الفرنسي قوياً ولكن الأعلام الروسية ظاهرة أيضاً هناك.

وانتقد قادة مالي بشدة الفرنسيين بسبب استراتيجية يقولون إنها أدت إلى تفاقم الصراع وقرارهم خفض وجودهم العسكري البالغ قوامه 5 آلاف جندي إلى النصف.

وقالت الصحيفة إنهم تحولوا بذلك إلى روسيا، معتبرة أن هذا التحول له عواقب ليس فقط على الأمن ولكن أيضاً على نفوذ فرنسا.

وقال محمود ولد محمد، وزير التجارة المؤقت في مالي: "العلاقة مقطوعة الآن".

"مرتزقة فاجنر"

وبحسب الصحيفة، تجري باماكو محادثات لتوظيف مرتزقة من مجموعة "فاجنر" المرتبطة بالكرملين والتي تخضع لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتتهم بارتكاب جرائم حرب.

وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر الماضي، قال رئيس الوزراء المالي شوجيل مايجا، إن "فرنسا تخلت عن مالي، ولم تترك لها خياراً سوى البحث عن شركاء آخرين".

وأثارت المحادثات مع فاجنر غضب باريس، وفقاً للصحيفة.

وبعد انقلابين في باماكو خلال أقل من عام، تقول فرنسا إن الحكومة المالية تفتقر إلى الشرعية وإن الشراكة مع "فاجنر" يمكن أن تخاطر بسير عملية القتال ضد المسلحين الذين قتلوا الآلاف وشردوا الملايين عبر منطقة الساحل.

وأوضح دبلوماسيون ومحللون في المنطقة، أن المحادثات مع "فاجنر" توضح إلى أي مدى تدهورت العلاقات بين البلدين.

وعلى الرغم من أن شمال مالي أصبح أكثر أماناً مما كان عليه في عام 2013، فقد تحول العنف إلى وسط البلاد حيث يعيش غالبية السكان البالغ عددهم 20 مليون نسمة.

ولم تفعل عمليات القتل الفرنسية المستهدفة للمسلحين والعمليات المشتركة مع القوات المحلية سوى القليل لتهدئة الأزمة. بحسب "فاينانشيال تايمز".

 امتداد العنف

وبحسب الصحيفة، امتد عنف المسلحين أيضاً إلى بوركينا فاسو، التي شهدت خروج أجزاء واسعة من البلاد من سيطرة الحكومة، كما ينسحب الأمر نفسه على النيجر، حيث قام مئات المتظاهرين في نوفمبر بعرقلة قافلة من "برخان" مؤلفة من 100 مركبة بسبب الإحباط.

وتحقق السلطات الفرنسية في تقارير تفيد بأن قواتها في برخان كانت مسؤولة عن مصرع اثنين من المتظاهرين.

وأوضحت الصحيفة أن العام الجاري كان الأكثر عنفاً في العقد الماضي بالنسبة للدول الثلاث من حيث الأحداث مثل الهجمات الإرهابية والمعارك، حيث تم تسجيل 2426 حادثاً من هذا القبيل، مقارنة بـ244 في عام 2013، وفقاً لبيانات من "مشروع بيانات موقع وحدث النزاع المسلح"، المتخصص في جمع بيانات النزاع المفصلة وتحليلها ورسم خرائط الأزمات حول العالم.

ومن حيث الوفيات، كان العام الجاري ثاني أكثر الأعوام دموية بعد عام 2020، إذ تم تسجيل 5 آلاف و317 حالة وفاة في الدول الثلاث، مقارنة بـ 949 في عام 2013. وسجلت مالي وحدها 948 حادثاً عنيفاً في عام 2021، مقابل 230 في عام 2013.

سحب القوات

وفي يونيو الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سحب قوات برخان. وقال إن الجيش الفرنسي، الذي فقد 53 جندياً، لم يعد بإمكانه تعويض "تباطؤ العمل" للدولة المالية.

وجاء القرار بعد 3 أشهر من اكتشاف الأمم المتحدة أن غارة جوية فرنسية أودت بحياة 19 مدنياً، بينهم نساء وأطفال في حفل زفاف في وسط مالي. وتنفي فرنسا مقتل أي مدني في القصف.

في الوقت نفسه، اتخذت باريس سلسلة من القرارات الإستراتيجية التي أزعجت الماليين. فعلى مدار العامين الماضيين، ركزت على تنظيم داعش في الصحراء الكبرى في المنطقة الثلاثية الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بدلاً من جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" وهو تحالف للجماعات المرتبطة بالقاعدة والذي يمثل الغالبية العظمى من أعمال العنف في مالي.

وقال دبلوماسي غربي إن مالي "تتساءل لماذا تركز فرنسا على داعش"، والذي يمثل حوالي 10% من المشكلة، بدلاً من جماعة نصرة الإسلام التي تمثل 90%.

وحاولت باريس، لسنوات، تدويل جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، ولكن دون نجاح يذكر، وفقاً لـ"فاينانشال تايمز".

وقال ييه سامكي، وهو سياسي مالي معارض: "لن تحل القوات العسكرية الصراع في مالي.. إنه أكثر تعقيداً".

اقرأ أيضاً: