الأردن.. تفاقم الأزمة الاقتصادية بعد "قرارات كورونا"

time reading iconدقائق القراءة - 6
شوارع خالية ومحال مغلقة بعد قرارات حظر التجوال، عمان، الأردن - الشرق
شوارع خالية ومحال مغلقة بعد قرارات حظر التجوال، عمان، الأردن - الشرق
عمان-دانيا المعايطة

سادت حالة من الغضب في الأوساط التجارية الأردنية، بعد القرارات الحكومية الأخيرة بإعادة فرض الحظر الشامل أيام الجمعة، وزيادة ساعات الحظر الجزئي في الأيام الأخرى، لمواجهة جائحة كورونا.

وبالتزامن مع ارتفاع عدد الإصابات على مدى الأسبوع الماضي، قال وزير الصحة، نذير عبيدات، إن السلالة البريطانية تنتشر سريعاً في أنحاء البلاد، مهددة بموجة وفيات جديدة، ما لم يلتزم الناس بالتباعد الاجتماعي ووضع الكمامات في الأماكن العامة، مشيراً إلى أنه من المقرر استمرار العمل بالقرارات الجديدة طوال شهر مارس المقبل.

حظر الجمعة

ثائر الريان، أحد التجار في قطاع الملابس، قال في تصريحات لـ"الشرق"، إنه قرر إغلاق محله بشكل كامل بسبب القرارات، التي قال إنها باتت تشكل عبئاً كبيراً على التجار الأردنيين، مشيراً إلى أنه لم يعد قادراً على دفع رواتب الموظفين، خصوصاً مع انخفاض نسب المبيعات بشكل كبير منذ مارس الماضي 2020.

ووصف ثائر، القرارات التي تصدرها الحكومة بأنها "غير عادلة وتؤثر سلباً في التجار، خاصة أنها لا توازن بين الصحة والاقتصاد"، وقال: "بعد أن عادت الحركة التجارية للانتعاش نتيجة فتح العديد من القطاعات، فرضت الحكومة مجدداً سلسلة من القيود مرة أخرى، نتيجة ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا خلال الأسابيع القليلة الماضية، الأمر الذي أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد".

ودعا ثائر، التجار إلى "مطالبة الحكومة بالتراجع عن القرارات الأخيرة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من القطاع التجاري والاقتصادي".

موازنة صعبة

وتعتبر موازنة العام الجاري، الأصعب في تاريخ الأردن، إذ قدرت بإجمالي نفقات تصل إلى 9.93 مليار دينار (نحو 14 مليار دولار)، وإيرادات 7.8 مليار دينار (نحو 10.9 مليار دولار)، بينما تقدر الحكومة العجز بنحو 2.05 مليار دينار (نحو 2.89 مليار دولار) بعد المنح الخارجية، لتزداد التحديات في ظل ظروف تحد من النشاط الاقتصادي والتجاري.

تأثير في القطاعات

وقال نائل الكباريتي، رئيس غرفة تجارة الأردن، إن "هناك معضلة اقتصادية تواجه الأردن نتيجة جائحة كورونا"، مبيناً أن الإجراءات الحكومية المرافقة لها "أثرت في القطاع التجاري بشكل كبير، خاصة القرارات الأخيرة بإعادة فرض الحظر الشامل يوم الجمعة"، مشيراً إلى أن "هذه الإجراءات تؤثر بشكل سلبي في الاقتصاد الوطني، والقطاع التجاري بشكل خاص، نظراً إلى أنه يلعب دوراً كبيراً في الناتج المحلي".

وأضاف في تصريحات لـ"الشرق"، أن "تبعات حظر الجمعة، تمتد إلى القطاعات التجارية التي تعتمد في حركتها على هذا اليوم، الذي يعتبر متنفساً للأسرة الأردنية في شراء حاجيتها".

وأشار إلى أن هذه القرارات "تعطل وتؤخر النمو في القطاع التجاري"، موضحاً أن القطاعات التجارية "تعمل في حلقات متصلة وتعتمد على قطاعات أخرى على غرار قطاع الملابس والمطاعم".

ويضم القطاع التجاري والخدماتي نحو 118 ألف منشأة، يعمل فيها 525 ألف عامل، ويسهم القطاع التجاري والخدماتي بنسبة 59.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتزيد نسبة الحركة التجارية لهذا القطاع في يوم الجمعة، مقارنة ببقية الأيام، حوالي 30%.

ويضم القطاع الصناعي في الأردن 18 ألف منشأة صناعية تشغل 254 ألف عامل، ونسبة مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 24.7%.

وضع وبائي مقلق

في المقابل، بررت الحكومة الأردنية إصدار هذه القرارات، بأن الوضع الوبائي في البلاد أصبح مقلقاً نتيجة الارتفاع في الإصابات، موضحة أن قرارها بإعادة فتح القطاعات كان السبب في عودة تسجيل أرقام قياسية في الإصابات، لذلك قررت تعليق فتح أي قطاعات جديدة حتى تقليل المنحنى الوبائي.

وقال الدكتور بسام حجاوي، عضو لجنة الأوبئة، إن لجنة الأوبئة لاحظت في آخر 3 أسابيع، ارتفاعاً مقلقاً في عدد الإصابات، و"خلال هذه الأسابيع وصلت الإصابات إلى نحو 4 آلاف حالة في اليوم، وتم تسجيل 26 ألف إصابة خلال الأسبوع الماضي، ما استدعى إصدار قرارات تهدف لتقليل أعداد الإصابات، بعد التزايد الملحوظ فيها".

وأضاف حجاوي، في تصريحات لـ "الشرق"، أن لجنة الأوبئة رفعت توصياتها إلى الحكومة بفرض حظر شامل يوم الجمعة من كل أسبوع، وتقليص ساعات التجوال في بقية أيام الأسبوع، وهو أبسط القرارات الممكنة.

وأشار إلى أن الحكومة أصدرت القرار لفعاليته في تخفيض أعداد الإصابات، ولمواجهة عدم التزام المواطنين، وحالة التراخي في إجراءات السلامة العامة التي شهدها الأردن خلال الأسابيع الماضية، وهو ما أدى إلى انتشار الفيروس.

وتابع: "اعتمدنا في قراراتنا على الموازنة بين الوضع الوبائي والاقتصادي، ولم نلجأ لإجراءات صارمة مثل الحظر الشامل لعدة أسابيع، واقتصرنا فقط على الحظر يوم الجمعة"، لافتاً إلى أن الإجراءات كانت بهدف المحافظة على النظام الصحي في البلاد، مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي والموازنة بين القطاعين.

ويرى خبراء أن الاقتصاد الأردني بات يعاني من أزمة حقيقية، إذ قال الباحث والمحلل الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ "الشرق"، إن الإغلاقات المتكررة، والتي تجددت بقرار حظر الجمعة، "ستؤثر في النشاط التجاري والعملية الاقتصادية على مستوى الدخل المالي لأصحاب المنشآت التجارية الصغيرة والمتوسطة والأفراد، وهذا سيطيل أمد القدرة على التعافي الاقتصادي، ويؤثر سلباً في النمو الاقتصادي، الذي توقعته الحكومة عند 2.5%، كما أنه سيسفر في النهاية عن زيادة معدلات البطالة وزيادة الفجوة المالية التي يشعر كثيرون بأنها تؤثر في قدرتهم على التكيف مع تبعات الجائحة".