اتهمت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، الصين بانتهاج سياسة "إكراه وترهيب"، معتبرة أنها تشكّل تهديداً لدول آسيا، التي طمأنتها إلى أن الولايات المتحدة لن ترغمها على الاختيار بين واشنطن وبكين، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ"في حين علّقت بكين على خطاب هاريس، متهمةً واشنطن باستغلال القانون "لتعزيز هيمنتها".
وألقت هاريس خطاباً في سنغافورة، الثلاثاء، تحدثت فيه عن رؤية الولايات المتحدة لمنطقة مبنية على القواعد، وحقوق الإنسان، وحرية البحار والتجارة بلا عوائق. كذلك اقترحت أن تستضيف الولايات المتحدة قمة في عام 2023 لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، الذي يضمّ 21 دولة.
واتهمت هاريس، بكين، بممارسة "إكراه وترهيب، والمطالبة بالغالبية العظمى من بحر الصين الجنوبي"، مضيفة، "فيما نواجه تهديدات لهذا النظام، أنا هنا لإعادة تأكيد التزامنا بهذه الرؤية... وتعزيزها، والتأكد من تصديها لتحديات اليوم وغد".
وتطرّقت إلى حكم أصدرته محكمة التحكيم الدولية في لاهاي، بشأن مزاعم بكين في بحر الصين الجنوبي، قائلة، "هذه المزاعم غير القانونية رُفضت بقرار هيئة التحكيم لعام 2016، وتواصل إجراءات بكين تقويض النظام القائم على القواعد، وتهديد سيادة دول".
ورفضت الصين الحكم، وأقامت مواقع عسكرية على جزر اصطناعية في البحر، فيما تنظم البحرية الأميركية بانتظام عمليات "حرية ملاحة" في المياه المتنازع عليها، في خطوة تغضب بكين.
وتطالب الصين بالسيادة على غالبية مساحة البحر، الغني بالموارد والذي تعبر من خلاله تجارة تُقدّر بتريليونات الدولارات سنوياً، فيما تطالب بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام بأجزاء منه. وستزور هاريس فيتنام الثلاثاء، وهي المحطة الثانية والأخيرة في رحلتها الآسيوية.
وعلّقت بكين على خطاب هاريس، متهمةً واشنطن باستغلال القانون "لتعزيز هيمنتها". وتطرّق ناطق باسم وزارة الخارجية الصينية إلى التدخل الأميركي في أفغانستان، قائلاً: "يمكن للولايات المتحدة أن تقدح وتذم وتقمع وترهب دولاً أخرى، من دون أن تدفع أي ثمن"، كما أفادت وكالة "فرانس برس".
شراكات "المصالح المشتركة"
هاريس تفقدّت السفينة الحربية الأميركية "يو إس إس تولسا"، في قاعدة شانجي البحرية بسنغافورة الاثنين، وقالت للبحارة الأميركيين، إن "جزءاً كبيراً من تاريخ القرن الحادي والعشرين، سيُكتب عن هذه المنطقة"، مشددة على محورية عملهم في الدفاع عنها، بحسب وكالة رويترز.
تعليقات هاريس، التي وصفها البيت الأبيض بأنها خطاب أساسي في السياسة الخارجية، كرّرت مسائل طرحها مسؤولون آخرون في الإدارة، سعوا إلى الانخراط أكثر مع حلفاء الولايات المتحدة، مبتعدين عن مبدأ "أميركا أولاً" الذي اعتمده الرئيس السابق دونالد ترمب.
ووصفت الإدارة الأميركية التنافس مع الصين بأنه "أضخم اختبار جيوسياسي" لهذا القرن، فيما اتهم دبلوماسي صيني بارز، الولايات المتحدة بخلق "عدوّ وهمي"، لصرف النظر عن مشكلاتها الداخلية وقمع بكين، حسبما أفادت رويترز.
وقالت نائبة الرئيس، إن الشراكات الأميركية "سترتكز الآن على الصراحة، والانفتاح، والشمولية، والمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة"، مضيفة أن "انخراطنا في جنوب شرقي آسيا، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ليس ضد أي دولة، كما أنه ليس مصمّماً لجعل أي شخص يختار بين دول".
"توازن سنغافورة"
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن سنغافورة حاولت إيجاد توازن في علاقاتها مع واشنطن وبكين، مؤكدة أنها لن ترغب في التحيّز إلى أحدهما. وقالت سيمون ساندرز، الناطقة باسم نائبة الرئيس الأميركي، لتلفزيون "بلومبرغ" إن تعليقات هاريس بشأن الصين كانت "جزءاً من جدول أعمال أوسع"، وتابعت: "بصراحة، إذا كان ذلك ما نركّز عليه، فهو لا يعكس الرؤية الحقيقية التي طرحتها نائبة الرئيس اليوم".
افتتحت هاريس خطابها بالحديث عن أفغانستان، ودافعت عن قرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، بسحب قوات بلاده، ووصفته بأنه "شجاع وصائب"، مشددة على أن الولايات المتحدة "تركّز بشدة" على إجلاء المواطنين الأميركيين والأفغان المعرّضين للخطر.
سلاسل التوريد
بعد خطابها، شاركت هاريس في طاولة مستديرة لمناقشة سلاسل التوريد، مع مسؤولين حكوميين ومديرين تنفيذيين من شركات دولية، بما في ذلك "بلاك روك" و"يونايتد بارسل سيرفيس" و"بروكتر أند غامبل" و"غلوبال فاوندريز"، و"تيماسيك هولدينغز"، وهي شركة استثمارية مملوكة للدولة في سنغافورة.
يأتي ذلك في ظلّ نقص عالمي في أشباه الموصلات، وسلع حيوية أخرى، عرقل سلاسل التوريد وأخّر الإنتاج في قطاعات كثيرة. وأعلنت "غلوبال فاوندريز"، وهي شركة أشباه موصلات تتخذ الولايات المتحدة مقراً، عن خطط لاستثمار 4 مليارات دولار في منشأة جديدة بسنغافورة، وفق "بلومبرغ".
وخلال الطاولة المستديرة، قالت هاريس إن متحوّر "دلتا" من فيروس كورونا المستجد أرغم شركات مصنّعة في العالم على تعديل الإنتاج وإعادة تقييم قوتها العاملة. وأضافت: "ناقشت هذه المسألة مع كثيرين من قادة العمال في الولايات المتحدة، الذين لا يهتمون فقط بسلامة مكان العمل، من حيث صلته بالفيروس، ولكن أيضاً بشأن تسريح عمال، نتيجة تقلّص خطوط الإنتاج".
اقرأ أيضاً: