قراءة في جوائز الأوسكار.. إنسانية "كودا"  تتغلب على "قوة الكلب"

time reading iconدقائق القراءة - 5
الملصق الدعائي لفيلم "كودا" - facebook.com/appletv
الملصق الدعائي لفيلم "كودا" - facebook.com/appletv
القاهرة-عصام زكريا*

من أغرب الأشياء في نتائج الأوسكار هذا العام أن يفوز بجائزة أفضل فيلم، فيلم لم يرشح مخرجه لجائزة أفضل مخرج، وأن يفوز فيلم بـ6 جوائز دون أن يكون مخرجه مرشحاً لأوسكار أفضل مخرج.

هذا ما حدث مع فيلمي "كودا - Coda" و"كثيب –Dune ". إذ انتزع "كودا" 3 جوائز كبيرة هي أفضل فيلم وسيناريو وممثل مساعد لتروي كاستور، رغم أن كاتبة ومخرجة الفيلم شيان هيدر لم تكن مرشحة لجائزة أفضل مخرجة.

الجوائز الثلاث كانت متوقعة، نظراً للشعبية التي حصدها الفيلم خلال الأسابيع الأخيرة قبل بدء التصويت بين أعضاء أكاديمة علوم وفنون السينما.

وهي شعبية صحبتها حملات دعائية تركز على الجانب الإنساني للفيلم الذي يدور حول عائلة من الصم والبكم باستثناء الابنة الصغرى، التي ترعى والديها وأخاها الأكبر في ما يتعلق بالتواصل مع الآخرين، وذلك على حساب وقتها ومستقبلها كطالبة ومغنية موهوبة.

فيلم بسيط

"كودا" فيلم بسيط، ربما يكون أهم مميزاته الصدق، وقدرته على إثارة المشاعر، بجانب نهايته السعيدة، وهي العناصر التي رجحت فوزه على أفلام أخرى أفضل فنياً، ولكن ربما تكون معقدة أو كئيبة مقارنة بـ"كودا". 

و"كودا" هي اختصار لمصطلح يعني الابن أو الابنة التي تولد عادية في أسرة من الصم والبكم، والفيلم بأكمله يبدو كعمل توعوي بظروف هذه الفئة، ودرس في لغة الإشارة، التي انتشرت بفضل الفيلم، كما ظهر مثلاً في حفل الأوسكار عندما مدَّ الحاضرون أذرعهم، وهزوها بدلاً من التصفيق.

الفيلم الأوفر حظاً في جوائز هذا العام هو "ديون"، بالرغم من عدم فوزه بأي من الجوائز الكبرى كأفضل فيلم ومخرج وسيناريو وتمثيل.

حصل "ديون" على 5 جوائز تقنية كأفضل تصوير ومونتاج وموسيقى تصويرية وصوت ومؤثرات خاصة، ورُشح الفيلم لعدد آخر من الجوائز، منها أفضل فيلم، ومع ذلك لم يرشح مخرجه دوني فيلنيوف لجائزة أفضل مخرج.

"شديد الشاعرية"

فيلم "ديون" ينتمي لنوعية الخيال العلمي وهو مقتبس عن واحدة من أشهر وأفضل روايات الخيال العلمي، وسبق تحويله إلى فيلم شهير من إخراج ديفيد لينش في ثمانينيات القرن الماضي.

كما كان مشروعاً كبيراً لم يكتمل للمخرج أليخاندرو جودروفسكي، ولا يمكن الحديث عن "كثيب" الجديد بدون ذكر ما فعله فيلنيوف كمشارك في كتابة السيناريو وكمخرج. إذ استطاع أن يحول عملاً تقليدياً شعبياً إلى فيلم فني شديد الشاعرية.

على عكس "كثيب" فإن الفيلم الأتعس حظاً في الجوائز هو "The power of dog" الذي خرج بجائزة واحدة هي أفضل إخراج، لصانعة الأفلام النيوزلاندية جين كامبيون، التي سبق أن فازت منذ 30 عاماً بأوسكار أفضل سيناريو عن فيلمها "البيانو".

بهذا الفوز تصبح كامبيون ثالث مخرجة امرأة تفوز بأوسكار أفضل إخراج، والثانية على التوالي بعد كلوي زاو عن فيلم "أرض الرحّل - Nomadland" في العام الماضي.

فوز "The power of the dog" بجائزة الإخراج يعوض بعض الظلم الذي تعرض له الفيلم في فروع التمثيل والسيناريو وأفضل فيلم، إذ كان مرشحاً بقوة لكل من هذه الجوائز، ولكنها ذهبت في اللحظات الأخيرة إلى أفلام أخرى.

"فيلم صعب"

"The power of the dog" فيلم صعب، ولكن بديع فنياً وفكرياً، وهو يدور حول قصة معقدة في الغرب الأميركي نهاية القرن التاسع عشر، وتركز مخرجته، كعادة أفلامها، على تشريح العنف الذكوري ودور المشاكل النفسية في إذكاء هذا العنف.

يدور الفيلم حول شقيقين يديران مزرعة، يقوم الأصغر بالزواج من سيدة مطلقة لديها ابن مراهق، ولكن الشقيق الأكبر لا يطيق الزوجة ويسيء معاملتها لأسباب لا نعلمها، وتتطور الأحداث بشكل غير مألوف طوال الوقت.

من الجوائز المستحقة بجدارة جائزة أفضل فيلم دولي التي ذهبت إلى الفيلم الياباني "قد سيارتي - Drive My Car" للمخرج روزوكي هاماجوشي، وهو مقتبس عن قصة قصيرة للأديب الياباني هاروكي موراكامي.

ومثل "قوة الكلب" يتسم "قد سيارتي" بسيناريو مركب تتخلله بعض التحولات غير المتوقعة، ورغم طول زمنه الذي يصل لثلاث ساعات وبطء إيقاعه، إلا أنه واحد من أبرع أفلام العام كتابة وإخراجاً.

جائزة مستحقة أخرى ذهبت لفيلم التحريك "إنكانتو -Encanto"، فهو عمل إنساني مهم في قالب ترفيهي غنائي ممتع. أيضاً الجائزة التي ذهبت لفيلم "صيف موسيقى الصول - Summer of Soul كأفضل فيلم وثائقي، فهو عمل مهم يناقش موضوع التفرقة العنصرية في الولايات المتحدة خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي والمقاومة بالموسيقى والغناء، كما تجسدت في مهرجان الموسيقى الكبير الذي أقيم وقتها شارك فيه معظم الموسيقيون الأميركيون الأفارقة، وحضره عشرات الآلاف.

من اللحظات الجيدة في حفل الأوسكار فوز المغنية الشابة بيلي أيليش وأخيها بجائزة أفضل أغنية عن فيلم "لا وقت للموت - No Time To Die". لأيليش صوت فاخر ونادر، وللأغنية، التي تحمل اسم الفيلم، لحن شديد الجمال.

* ناقد سينمائي 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات