وسط عشرات من مواقع التواصل الاجتماعي ذات الشعبية الجارفة، لمع أخيراً نجم "كلوب هاوس" (Clubhouse)، أحدث مساحات التواصل الافتراضي، وهو أميركي المنشأ، ويعتمد بشكل رئيسي على التواصل الصوتي بدلاً من النصوص المكتوبة.
يتيح التطبيق الجديد لمستخدميه خلق غرف خاصة وعامة للحديث مع الأصدقاء والمتابعين في شتى الموضوعات، وكأنهم في مجلس فعلي. وبالرغم من أن عمر التطبيق لا يكاد يبلغ 11 شهراً، إلا أن قيمته السوقية وصلت أخيراً إلى مليار دولار أميركي، فضلاً عن آلاف الراغبين في الانضمام لخدماته، والذين تحول دون تحقيق هدفهم قوائم الانتظار.
محادثات صوتية
بالرغم من الزخم الذي حققه تطبيق كلوب هاوس خلال فترة زمنية قصيرة، إلا أن التطبيق الحديث نسبياً يعتمد على تقنية هجرتها مواقع التواصل منذ منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، وهى الأحاديث الصوتية المباشرة، والتي استُبدلت بوسائط تتيح المراسلات النصية المباشرة، كتطبيقات واتس آب وفيسبوك ماسنجر و تليغرام وغيرها.
ويصف متجر تطبيقات أبل "آب ستور" التطبيق الجديد بأنه "مساحة للمحادثات الصوتية غير الرسمية مع الأصدقاء والشخصيات المثيرة للاهتمام حول العالم"، إذ يمكن للمستخدم عقد محادثات مع من يتابع من شخصيات في أي وقت، كما يمكنه دخول غرف المحادثات العامة والاستماع إلى مناقشات متحدثين آخرين.
وتضم قائمة المستخدمين الفعليين للتطبيق عدداً من المشاهير والشخصيات المؤثرة حول العالم، من بينهم رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك والمذيعة الشهيرة أوبرا وينفري والممثلة الأمريكية ليندسي لوهان، وفقاً لما ورد في تقرير حديث لصحيفة نيويورك تايمز؛ إلا أن الانضمام إلى قائمة المستخدمين لا يزال محدداً بشروط، فالتطبيق متاح فقط لمستخدمي أجهزة آي فون حول العالم، كما أن تسجيل حسابات على التطبيق يقتصر على تلقي دعوة من مستخدم فعلي.
مشوار قصير
يعود تاريخ تدشين التطبيق إلى مارس الماضي، بالتزامن مع غرق معظم مدن العالم في الإغلاق الكلي إبان تفشي جائحة كورونا، حينها أطلق الثنائي بول دافيسون وروهان سيث تطبيقهما الذي سرعان ما لفت الأنظار بشكل بدأ يؤرق عمالقة مواقع التواصل، مثل فيسبوك وتويتر اللذين شرعا في تطوير خدمات صوتية جديدة لمواكبة المنافس الجديد.
ولم يكن كلوب هاوس أول تجارب الثنائي لإطلاق تطبيق محادثات صوتية، بل حاولا قبلها مع تطبيق أولي آخر باسم "توك شو" (Talkshow) ولكنه لم ينجح.
اليوم تبلغ القيمة السوقية لـ"كلوب هاوس" مليار دولار أميركي، وذلك بعد أن حصد تمويلاً بـ 100 مليون دولار في شهر واحد فقط، تمتع التطبيق خلاله بتألق منقطع النظير، حتى إن إيلون ماسك، رجل الأعمال الشهير ومؤسس شركة تيسلا، انضم إلى قائمة مستخدميه أواخر يناير الماضي وعقد محادثات متنوعة مع متابعيه حول قضايا علمية وتكنولوجية ليبلغ عدد مستمعي جلسة واحدة من جلساته 5 آلاف مستمع، وفقاً لموقع تك كرانش.
وأعلن ماسك كذلك دعوته عدداً من الشخصيات العامة والعالمية إلى مشاركته مناقشات ومحادثات على Clubhouse من بينهم المغني الأمريكي كاني ويست
والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
اهتمام عربي
على الجانب العربي، يحظى التطبيق باهتمام مشابه، إذ يقبل المستخدمون على تجربة الاشتراك في غرف محادثاته ثم تقييم التجربة ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل "فيسبوك" و"تويتر"، إضافة إلى إنشاء مجموعات على موقع فيسبوك يتواصل من خلالها رواد "كلوب هاوس" لمشاركة تجاربهم وتبادل دعوات الاشتراك مع المستخدمين الجدد.
وتتنوع مجالات النقاش العربية داخل التطبيق ما بين جوانب التسلية والمرح، والمحادثات المتعلقة بتنمية ودعم المشاريع والشركات الناشئة، فضلاً عن القضايا الاجتماعية. كما يشيع بين مستخدمي مواقع التواصل الأخرى طلبات الحصول على دعوة الانضمام إلى الموقع، ولكن الرغبة الشديدة في الانضمام للمجتمع الافتراضي الجديد لا تقتصر على المنطقة العربية، بل تنتشر في مناطق شتى حول العالم حتى إن دعوة الانضمام للموقع أصبحت سلعة تُباع على مواقع التسوق كـ ebay مقابل مبالغ مالية.
انتقادات
وبقدر ما لاقى التطبيق اهتماماً واحتفاء، تعرّض لعدة انتقادات، خاصة بشأن سياساته المتعلقة بنشر المعلومات المضللة، أو مكافحة حوادث الاعتداء أو التحرش فيما بين المستخدمين، بالإضافة إلى الأمان الرقمي.
وكان التطبيق قد أعلن قبل عدة أشهر عزمه إضافة خاصيات للدعم والسلامة والمراقبة تعمل على حماية المستخدمين. كما صرّح الشريك المؤسس، بول دايفسون، خلال إحدى محادثاته على التطبيق أخيراً، وفقاً لتقرير نيويورك تايمز، أن "كلوب هاوس" يتبنى قواعد محددة في ما يتعلق بالمحتويات والمعلومات المضللة وكذلك خطاب الكراهية.
كما تعرّض التقرير لانتقادات بشأن ممارساته المتعلقة بحماية البيانات، بعد أن كشف تقرير صادر عن "مرصد ستانفورد للإنترنت" عن ثغرات محتملة في البنية التحتية للتطبيق، ما قد يسمح بوصول خارجي إلى البيانات الصوتية الأولية الخاصة بالمستخدمين، وهو ما ردت عليه الشركة المالكة للتطبيق، مؤكدة أنها "تراجع ممارسات حماية البيانات".