الصين.. بكين تشدد إجراءات كورونا ولا إصابات جديدة في شنغهاي

time reading iconدقائق القراءة - 12
أفراد من فرق المسح الطبية تجول شوارع شنغهاي خلال إغلاق كورونا - Bloomberg
أفراد من فرق المسح الطبية تجول شوارع شنغهاي خلال إغلاق كورونا - Bloomberg
بكين/شنغهاي-الشرقوكالات

أعلنت السلطات الصحية في شنغهاي، المركز المالي بشرق الصين، أنه لم يتم تسجيل إصابات جديدة بفيروس كورونا، خارج مناطق الحجر الصحي يوم الجمعة، لأول مرة منذ تفشي المرض في الآونة الأخيرة في المدينة.

وقالت الحكومة المحلية بشنغهاي، السبت، إن المدينة سجلت 8 آلاف و932 إصابة محلية جديدة بكورونا بلا أعراض الجمعة مقابل 9 آلاف و545 في اليوم السابق.

وأضافت الحكومة في بيان أن الإصابات المؤكدة المصاحبة بأعراض في شنغهاي بلغت 1249 انخفاضاً من 5 آلاف و487 في اليوم السابق، لافتة إلى أنه تم اكتشاف كل الإصابات غير المصحوبة بأعراض والمؤكدة في مناطق الحجر الصحي، وفق ما نقلته وكالة "رويترز".

وسجلت شنغهاي 47 وفاة جديدة بكورونا يوم الجمعة بانخفاض عن 52 في اليوم السابق، وهي الوفيات الوحيدة التي سجلتها السلطات الصحية في البر الرئيسي للصين، ما رفع إجمالي الحالات إلى 5022 وفاة.

في سياق متصل، أعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين السبت أن البر الرئيسي سجل 10 آلاف و793 إصابة جديدة بكوفيد-19 يوم الجمعة، بما في ذلك 1424 إصابة مصحوبة بأعراض و9 آلاف و369 بلا أعراض.

ويمثل ذلك تراجعاً عن 15 ألفاً و688 إصابة في اليوم السابق، منها 5 آلاف و659 إصابة بأعراض و1029 بلا أعراض، ليبلغ إجمالي الإصابات في بر الصين الرئيسي حتى الآن 215 ألفاً و667 حالة مؤكدة، علماً بأن بكين لا تعتبر الحالات بدون أعراض إصابات مؤكدة.

"عطلة عيد العمال"

تواجه الصين أسوأ انتشار لكوفيد منذ الأيام الأولى لظهور الفيروس. وفي حين بدأت دول إلغاء القيود بالكامل للتعايش مع الفيروس، فإن المسؤولين الصينيين يقولون إن ذلك ليس خياراً، لأنه يشكل "مخاطر جسيمة" على نظام الصحة العام في البلاد.

وأشار الخبير في اللجنة الصحة الوطنية ليانج وانيان، الجمعة، إلى أن معدل التطعيم بين كبار السن في الصين ليس مرتفعاً بما يكفي.

وجاء تعهد الحكومة بمواصلة سياسات "صفر كورونا" قبل عطلة عيد العمال، وهي واحدة من أكثر فترات السفر ازدحاماً في الصين.

وقال مسؤول في قطاع النقل إن عدد الرحلات خلال العطلة التي تمتد 5 أيام من المتوقع أن ينخفض هذا العام بنسبة 62% مقارنة بعام 2021.

تشديد الإجراءات

وتشدد بكين إجراءاتها بتكثيف اختبارات الكشف عن فيروس كورونا، حسبما أعلن مسؤولون السبت مع بدء عطلة عيد العمال والتي خيّم عليها ارتفاع أعداد الإصابات في العاصمة.

وتعد العطلة التي تستمر 5 أيام، من أكثر الفترات التي يكثر فيها السفر. لكن من المرجح أن يلزم الناس منازلهم بسبب أسوأ عودة للفيروس منذ بدايات انتشاره.

وفي مواجهة متحورة الفيروس أوميكرون، تمسك المسؤولون الصينيون باستراتيجية صفر-كوفيد وتصدوا لبؤر إصابات من خلال الاختبارات الجماعية وتدابير الإغلاق.

ورغم ارتفاع التكلفة الاقتصادية والاستياء الشعبي، أعلنت بكين أنها ستوسع نطاق الإغلاق ليشمل أماكن عامة بعد العطلة.

واعتبارا من 5 مايو، سيتعين على المواطنين إبراز نتيجة فحص كوفيد سلبية أجريت خلال الأسبوع الماضي لدخول "جميع أنواع الأماكن العامة ولركوب وسائل النقل العام"، بحسب مذكرة نشرت على صفحة سلطة المدينة على موقع ويتشات.

وبالنسبة لأنشطة مثل الفعاليات الرياضية ومجموعات السفر، سيتعين على المشاركين إبراز اختبار كوفيد سلبي أجري في غضون 48 ساعة، إلى جانب شهادة "تطعيم كامل" بحسب القواعد الجديدة.

استراتيجية "صفر كورونا"

وحضّ مسؤولون صحيّون صينيون، الجمعة، السلطات على المضي قدماً في استراتيجية "صفر كورونا" رغم تزايد تكاليفها الاقتصادية والمؤشرات على تململ سكان مدينة شنغهاي الخاضعة لإغلاق.

وتكافح شنغهاي أكبر تفشٍّ لكورونا في الصين، وتم فرض حالة إغلاق على المدينة بشكل كامل في بداية الشهر، ولم تسمح إلا في الآونة الأخيرة للمقيمين في المناطق الأقل خطورة بمغادرة منازلهم.

وأكدت الحكومة مراراً تمسكها بسياستها في احتواء الإصابات بسرعة من خلال عمليات الإغلاق والفحوص الجماعية، لكنها واجهت تحديات كبيرة جراء المتحورة أوميكرون شديدة العدوى.

وتم إغلاق العديد من المدن الكبرى كلياً أو جزئياً هذا العام، وبينها شنغهاي حيث يُحجر سكانها البالغ عددهم نحو 25 مليوناً بالكامل تقريباً منذ أسابيع.

وقال نائب مدير لجنة الصحة الوطنية لي بن للصحافيين، الجمعة، إن سياسة الصين في ما يتعلق بالفيروس هي "سلاح سحري للوقاية من الوباء والسيطرة عليه"، محذراً من إصابات بالملايين إذا تراخت السلطات.

لكن استراتيجية "صفر كورونا" سببت معاناة اقتصادية واضطرابات طالت خصوصاً سلاسل الإمداد المتعثرة، إذ تواجه شنغهاي صعوبة في توفير الطعام الطازج للمحجورين في المنازل، كما أبلغ مرضى عن مشاكل في الحصول على رعاية صحيّة إذا لم تكن مصابا بكوفيد.

احتجاجات مسائية

وظهرت مؤشرات جديدة الخميس على الغضب العام والإحباط من القيود في هذه المدينة الكبيرة. وانتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل لسكان يقرعون الأواني في منازلهم في المساء، في استجابة على ما يبدو لدعوات للاحتجاج على الإغلاق.

وقالت إحدى السكان طالبة عدم الكشف عن هويتها، إنها انضمت إلى احتجاج تضمن قرع الأواني بعد سماع مثل هذه الأصوات في حيّها.

وأضافت لفرانس برس: "أرى الكثير من مقاطع الفيديو المماثلة لأشخاص يعيشون في مختلف الأحياء". لكن يبدو أن المحتوى المتعلق بهذه الاحتجاجات خضع للرقابة اعتباراً من الجمعة، وتعذّر العثور عليه في منصات التواصل الاجتماعي الصينية مثل دوين وويبو الشبيه بتويتر.

وأعلن ويبو أنه "يتعامل" يومياً مع مئات الحسابات التي تنتهك قواعد المحتوى المتعلقة بتفشي الفيروس في شنغهاي. وأوضح أنه "تحقق وأزال" أكثر من 8 آلاف منشور، وفق ما أوردت صفحة الإشراف الرسمية على ويبو.

وتأتي مقاطع الفيديو الأخيرة في أعقاب انتشار لقطات مماثلة في وقت سابق من هذا الشهر تظهر سكاناً يتشاجرون مع عناصر شرطة يرتدون ملابس واقية، وآخرون يقتحمون حواجز طالبين الطعام.

تداعيات الإغلاق

وشعر سكان العالم بأسره بالتداعيات الاقتصادية الناجمة عن السياسات الصارمة المتبعة في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذرت شركة أبل العملاقة، الخميس، من أن عمليات الإغلاق على خلفية كورونا في الصين، من بين العوامل التي ستؤثر في النتائج الفصلية في يونيو المقبل بمقدار يتراوح بين 4 و8 مليارات دولار.

من جهته، شدد رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين يورج ووتكي في تصريح  لصحيفة "ذي ماركت إن زي زي" على أن الأولوية واضحة للمسؤولين. وقال في مقابلة نشرت الخميس: "رؤساء البلديات والساسة الإقليميون لديهم مقياس واحد فقط في الوقت الحالي: صفر كوفيد".

قمة دولية

وأعلن البيت الأبيض مؤخراً أنّ قمّة دولية افتراضية لاحتواء تفشّي جائحة كورونا والاستعداد للتهديدات الصحية المستقبلية، ستُعقد في 12 مايو المقبل.

وستشترك في رئاسة القمّة الولايات المتحدة، وألمانيا التي تتولى حالياً قيادة مجموعة السبع، وإندونيسيا التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين، والسنغال التي تترأس الاتحاد الإفريقي، وبيليز التي تتولى قيادة مجموعة دول الكاريبي "كاريكوم".

وقالت الدول الخمس في بيان مشترك أصدرته الولايات المتّحدة، إنّ "القمّة ستضاعف جهودنا الجماعية لإنهاء المرحلة الحادّة من جائحة كورونا وإعدادنا لمواجهة التهديدات المستقبلية المتعلقة بالصحة".

وستكون القمة الدولية هي الثانية حول الجائحة التي أودت بحياة أكثر من 6 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم وأحدثت اضطراباً في الاقتصاد العالمي، منذ بدء انتشار فيروس كورونا في ديسمبر 2019.

واستضاف الرئيس الأميركي جو بايدن قمة مماثلة في 22 سبتمبر 2021، حيث دعا إلى تعزيز اللقاح في جميع أنحاء العالم.

وأضاف البيان المشترك: "قبل قمة 12 مايو، ندعو قادة العالم وأعضاء المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، إلى التعهد بالتزامات جديدة وتقديم حلول لتطعيم السكان في العالم، وإنقاذ الأرواح، وبناء أمن صحي أفضل في كل مكان في العالم".

وشدّد على أنّ "ظهور وانتشار متحوّرات جديدة، مثل أوميكرون، عزّز الحاجة إلى إيجاد خطة لاحتواء كورونا".

ورغم كون المتحور أوميكرون أقلّ خطورة وإن كان أشد عدوى، فإن الدول التي تقف وراء هذه القمة ترى أنه من الضروري عدم ادّخار أيّ جهد لاستباق حدوث كوارث صحية جديدة في العالم.

وتابعت الدول في بيانها: "نحن نعلم أنه يجب علينا الاستعداد الآن لبناء وتحقيق الاستقرار وتمويل القدرة الشاملة التي نحتاجها، ليس فقط في مواجهة متحورات كورونا، ولكن في مواجهة الأزمات الصحية الأخرى أيضاً".

 وقال مسؤولو منظمة الصحة العالمية الخميس، إنّ جائحة كورونا بعيدة كل البعد عن أن تكون متوطنة ويمكن أن تسبب "أوبئة كبيرة".

وأشارت ماريا فان كيركوف التي تترأس مكافحة كورونا في منظمة الصحة "ما زلنا في خضم هذه الجائحة، وكلنا نتمنى ألا يكون هذا هو الحال، لكنّنا لسنا في مرحلة متوطنة".

تصنيفات