بكين تنفي ضغطها لعقد اجتماع رفيع المستوى مع إدارة بايدن

time reading iconدقائق القراءة - 11
نائب الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ يستعرضان حرس الشرف في بكين - 18 أغسطس 2011 - REUTERS
نائب الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ يستعرضان حرس الشرف في بكين - 18 أغسطس 2011 - REUTERS
دبي-الشرق

دحضت السفارة الصينية في الولايات المتحدة السبت، تقريراً نشرته "وول ستريت جورنال"، أكد أن بكين تضغط من أجل عقد اجتماع رفيع المستوى، لتخفيف التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم.

وقالت السفارة الصينية في بيان نُشر على موقعها على الإنترنت السبت، نقلاً عن متحدث لم تذكر اسمه، إن "هذا التقرير لا ينطبق على الحقائق"، وأضافت: "نأمل من وسائل الإعلام المعنية، أن تحترم الحقائق، وتنقل عن الصين والولايات المتحدة، بطريقة موضوعية ومسؤولة".

وذكر البيان أنه يتعين على كل من الصين والولايات المتحدة التركيز على التعاون وإدارة نزاعاتهما من أجل تسهيل العلاقات الصحية والمستقرة.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن بكين تضغط من أجل عقد لقاء يجمع بين كبار دبلوماسييها وكبار مساعدي الرئيس الأميركي جو بايدن لبحث عقد قمة بين قادة الدولتين، بحسب أفراد مطلعين على المبادرة، وذلك في إطار تطلعها لإعادة تسوية العلاقات المضطربة مع واشنطن.

ترتيبات اللقاء

وطرحت بكين فكرة إرسال يانغ جيتشي، عضو المكتب السياسي بالحزب الشيوعي، وهو أعلى هيئة لاتخاذ القرار بالحزب، في ديسمبر إلى واشنطن. وتم تقديم الاقتراح، عقب تهنئة الرئيس شي جين بينغ لبايدن بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2020، من خلال رسائل نقلها السفير الصيني لدى الولايات المتحدة، كوي نيانكاي، عبر محادثاته مع وسطاء.

وتختلف الرسالة عن تلك التي بعثت بها بكين إلى إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، عندما كانت القضايا التجارية تمثل الأولوية لواشنطن. والآن، مع تأكيد بايدن على قضايا أخرى مثل التغير المناخي ومواجهة جائحة فيروس كورونا، يخطط الرئيس الصيني للتركيز كذلك على هذه القضايا، إلى جانب عقد لقاء أولي مع نظيره الأميركي.

وطلب المسؤولون الصينيون عقد هذا الاجتماع عبر قنوات اتصال خلفية، من دون أن يقدموا طلباً رسمياً إلى فريق بايدن للأمن القومي، أو الوكالات الحكومية الأخرى. 

وقال أحد المطلعين على النقاشات، إن الصينيين اتسموا بالحذر في التعامل مع إدارة بايدن، في ضوء الانقسامات الحادة بين البلدين، وقلق بكين من رفض فكرة عقد لقاء مباشر بين الرئيسين.  

رغم ذلك، فإن هذا التواصل يسلط الضوء على آمال بكين في تحقيق الاستقرار لعلاقة مضطربة مع واشنطن، وصلت إلى أدنى مستوياتها على مدى عقود بسبب تنافس إدارة ترمب مع الصين حول قائمة مطولة من القضايا المتعلقة بالتجارة والتكنولوجيا، وتعامل الصين مع جائحة فيروس كورونا، ومطالبها الإقليمية، وحقوق الإنسان.  

استقرار العلاقات

وتحرص بكين على تجاوز الاضطرابات في علاقتها مع واشنطن، والتي صرفت البلاد بدرجة كبيرة عن التركيز على قضايا إعادة بناء الاقتصاد بعد الجائحة.

كما يمثل إحياء علاقة تعاون مع الرئيس الأميركي أمراً بالغ الأهمية للرئيس شي الذي يسعى إلى ضمان انتقال سلس في العامين المقبلين؛ لتولي ولاية ثالثة غير مسبوقة، حسبما أفاد مسؤولون صينيون. وقد يتسبب سوء إدارة العلاقة مع الولايات المتحدة في إثارة انتقادات ضده داخل الحزب.

ومن المتوقع أن يمد التعاون بين الجانبين بحسب تخطيط من الجانب الصيني، لاقتراح تعاون بين الطرفين بشأن بروتوكولات إصدار شهادات اللقاحات للتحقق من إثبات التحصين بموجب الإرشادات التي وضعتها "منظمة الصحة العالمية".

ويأمل المسؤولون الصينيون أن يساعدوا بدورهم في تسهيل السفر بين البلدين للأفراد الذين يقدمون هذا الدليل، كما تتطلع بكين إلى أن يتمكن الجانبان من الحديث بشأن التوزيع المشترك للقاحات في الدول النامية.  

وكانت الصين قد حاولت لعب دور قيادي عالمي في توفير لقاحات كورونا للدول النامية، لكنها عانت مؤخراً من انتكاسة بعدما أثبتت تجارب المرحلة الأخيرة التي أجريت في البرازيل على أحد لقاحاتها الرئيسية، أقل فعالية بدرجة كبيرة مقارنة بالنتائج المبكرة.

ويكمن الخطر الذي يواجه الولايات المتحدة في أن هذا التعاون من شأنه أن يضفي شرعية على لقاحات صينية تم تطويرها، عبر محاولات وصفها العلماء بأنها "غير شفافة".

تردد أميركي

وقالت الصحيفة، إن البيت الأبيض يبدو متردداً بشأن عقد لقاء مع مسؤول صيني رفيع المستوى، ناهيك عن تحديد موعد قمة مبكرة بين الرئيسين.

وبدلاً من ذلك، قال بايدن إنه سيجتمع أولاً بحلفاء الولايات المتحدة لمناقشة قضايا تتعلق بكيفية صياغة ما يسميه سياسة "الجبهة الموحدة" ضد الصين، فيما علق شخص مطلع على جهود الاتصالات عبر القنوات الخلفية بقوله: "لسنا في عجلة من أمرنا".

مراجعة إجراءات ترمب  

وبدأ المسؤولون في البيت الأبيض، الذين لا يحتاج تعيينهم إلى تأكيد مجلس الشيوخ، في مراجعة الإجراءات المتعددة التي اتخذتها إدارة ترمب ضد الصين في الشهور الأخيرة، وتشمل منع واردات القطن والطماطم من إقليم شين جيانغ، وإدراج شركات أشباه الموصلات الصينية، وتقنيات أخرى، في القائمة السوداء، واستبعاد شركة "هواوي" للتكنولوجيا من قائمة الموردين العالميين، ومعاقبة كبار المسؤولين الصينيين الذين تورطوا في قمع الاحتجاجات الموالية للديمقراطية في هونغ كونغ. 

وبعيداً عن بحث ما يجب أن يستمر من مبادرات ترمب، يبحث الفريق الجديد أيضاً سياسات مواجهة المزاعم الإقليمية الصينية في بحر الصين الجنوبي، وما تعتبره الولايات المتحدة "إكراهاً اقتصادياً صينياً" للحلفاء الأميركيين، مثل أستراليا، وكان بايدن قد أوضح أثناء حملته الانتخابية أن السياسات التجارية ليست ضمن أولوياته.  

من جانبه، قال ديفيد دولار، الخبير في الشؤون الصينية في "معهد بروكينغز" وفقاً للصحيفة، إن الأجندة الصينية تعكس بجلاء جهود بكين للتوافق مع أولويات بايدن، مثل تغير المناخ ومحاربة الوباء، كوسيلة لتحسين العلاقات بوجه عام.  

وأوضح أن "هذه الأجندة تعكس المصالح العامة العالمية، وليس مجرد شراء المزيد من فول الصويا، كما كان الحال في الأيام الخوالي".  

إعادة التفاوض

ويعتقد المسؤولون الصينيون، أن إدارة بايدن سترغب في النهاية في إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية التجارية "Phase One" التي وقعتها بكين مع إدارة ترمب، والتي واجهت انتقادات حادة في البلدين باعتبارها غير واقعية. من جانبها، تبدو بكين مستعدة للانتظار، في الوقت الذي تعيد فيه القيادة توجيه أولوياتها نحو تعزيز الاستهلاك المحلي.  

 ولم يتضح بعد ما إذا كان اختيار بايدن لكاثرين تاي ممثلة تجارية للولايات المتحدة سوف يدفع باتجاه فرض تطبيق اتفاقية "Phase One"، أو سيضغط من أجل الدخول في جولة جديدة من المفاوضات.  

وتعليقاً على ذلك، يقول دولار، ممثل وزارة الخزانة لدى الصين خلال ولاية الرئيس أوباما، إنه يتوقع أن تبدأ المحادثات بين الولايات المتحدة والصين "عند مستوى أقل من يانغ ومسؤول أميركي رفيع المستوى مثل أنتوني بلينكين"، مرشح الرئيس بايدن لمنصب وزير الخارجية، وأن "تستغرق جهود عقد اجتماع بين رئيسي البلدين معظم عام 2021".

دعم تايوان

ورغم رسالة بايدن بشأن دعم الولايات المتحدة لدور أكبر لتايوان على الصعيد الدولي، والتي تمثل نقطة خلاف محتملة بين الجانبين، إلا أن الصين تحاول اتباع نهج أكثر مرونة في علاقتها بواشنطن. 

وكان مسؤولوون في إدارة بايدن قد دعوا سفير تايوان لدى الولايات المتحدة لحضور حفل تنصيب الرئيس في سابقة تُمثل فيها تايوان رسمياً في حفل أداء القسم الرئاسي منذ أن نقلت واشنطن الاعتراف الدبلوماسي إلى بكين في عام 1979.

وفي جلسة تأكيده في مجلس الشيوخ قبل بضعة أيام، قال بلينكين إنه يتصور أن "تلعب تايوان دوراً أكبر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في المنظمات الدولية".    

من جانبهم، سعى المسؤولون في بكين إلى تجاوز ما يرونه مناخاً "مسموماً" نتيجة الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب، وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية لإحدى الصحف هذا الأسبوع: "أعتقد أنه إذا بذلت الدولتان بعض الجهود، يمكن لملائكة الخير الانتصار على قوى الشر".