Open toolbar

القوات التركية والقوات الأميركية خلال دورية مشتركة شمال سوريا- 8 سبتمبر 2019 - REUTERS

شارك القصة
Resize text
دبي-

تحاول تركيا استثمار موقعها المهم في الصراع غير المباشر الذي يجري بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، على خلفية الغزو العسكري لأوكرانيا، إذ تُخطط أنقرة لشن عملية عسكرية جديدة شمال سوريا، إلا أن أهداف هذه الخطة، وفقاً لمجلة "نيوزويك" تتعارض مع الفصائل المدعومة من واشنطن وموسكو.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن معارضته لمحاولات فنلندا والسويد الانضمام إلى الناتو، بحجة أن البلدين يوفران ملاذاً آمناً لمؤيدي حزب العمال الكردستاني، لكن ستكون موافقة الزعيم التركي ضرورية لإعطاء الكتلة الغربية الضوء الأخضر لبدء توسيعها الجديد.

وبحسب تقرير نشرته المجلة، فإنه في الوقت الذي يظل أردوغان متمسكاً برأيه، بدأ المسؤولون الأتراك يتحدثون علانية عن خطط لشن توغل جديد عبر الحدود السورية ضد القوات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

ومن بين هذه الفصائل، قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، وهم جماعة مدعومة من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) وتعمل في طليعة القتال المستمر للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" في سوريا.

تقويض الاستقرار

الدبلوماسي التركي السابق والباحث في مركز "كارنيجي أوروبا" للأبحاث، سنان أولجن قال "في ظل اعتماد الولايات المتحدة على أنقرة في الحفاظ على نهج الناتو ضد روسيا في أوكرانيا، فإنه من المرجح أن يتم إسكات معارضتها للتوغل المُخطَط له".

وفي وقت سابق الثلاثاء، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس أن "إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستواصل دعم الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي، وإدانة أي تصعيد من المحتمل أن يعرضه للخطر".

وأضاف برايس: "نرى أنه من الضروري أن تُحافظ جميع الأطراف على مناطق وقف إطلاق النار وتحترمها، لا سيما لتعزيز الاستقرار في سوريا، والعمل من أجل التوصل لحل سياسي للصراع، كما نعتقد أن أي جهد للقيام بخلاف ذلك لن يكون له نتائج عكسية على أهدافنا لإنهاء الصراع الأوسع في البلاد فحسب، ولكن على التقدم الهائل الذي أحرزناه معاً، بما في ذلك مع شركائنا الأكراد، في الجهود التي تم تحقيقها خلال السنوات الأخيرة ضد داعش".

ورغم تأكيد برايس على أن المسؤولين الأميركيين "يعترفون بمخاوف تركيا الأمنية المشروعة على حدودها"، فقد أكد أن "الإدارة تشعر بالقلق أيضاً من أن أي هجوم جديد قد يؤدي لتقويض الاستقرار الإقليمي، وسيعرض تلك المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في الحملة ضد داعش للخطر".

"هجوم يخدم داعش"

من جانبها، أثارت قوات سوريا الديمقراطية احتجاجات على الهجوم التركي المُخطَط له، ونقلت "نيوزويك" عن ممثلة المجلس في الولايات المتحدة سينام محمد، أن "التهديدات التركية ضد منطقتنا شبه المستقلة ليست جديدة، فهم جادون في الأمر ونحن نتعامل معهم وفقاً لذلك، ولكن ليس من السهل على أنقرة الحصول على موافقة الدول المنخرطة بشكل مباشر في سوريا لتنفيذ عمليات عسكرية غير مبررة ضدنا".

وفيما يتعلق بالدور الأميركي، قالت سينام إن "مجلس سوريا الديمقراطية يتحاور مع إدارة بايدن بشأن احتمال شن هجوم تركي آخر. وأعتقد أن الولايات المتحدة أوضحت لأنقرة أن أي حملة عسكرية جديدة من قبلها في شمال شرق سوريا سيكون لها تداعيات، فالهجمات ضد قوات سوريا الديمقراطية لن تخدم إلا داعش، وستتعارض مع مصالح التحالف المناهض للتنظيم بما في ذلك الولايات المتحدة".

وأضافت: "أرى أننا متفقون تماماً على أن أي حملة تركية جديدة لن تؤدي إلا إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وأنها لن تخدم مصالح داعش فحسب، ولكن مصالح الجماعات المتطرفة الأخرى النشطة في سوريا أيضاً، وذلك من خلال إنشاء أزمة إنسانية جديدة، بما في ذلك نزوح مئات الآلاف من السوريين كما فعلت العمليات العسكرية التركية السابقة".

وعندما سُئلت عما إذا كانت تشعر بالقلق من أن تركيز الولايات المتحدة في الوقت الحالي ينصب في مكان آخر، وذلك بالنظر إلى الأحداث الحالية في أوروبا، قالت إن "الحرب في أوكرانيا أثرت على الجميع بطريقة ما، لكنني لا أعتقد أن الإدارة قد حولت نظرها بعيداً عن سوريا، وأنها لا تزال ملتزمة تماماً بضمان أمن واستقرار منطقتنا"، مشيرةً إلى أنها "لا تزال تأمل في ألا تتخلى واشنطن عن شركائها في سوريا".

"دمشق تؤكد على سيادتها"

وفي رسالة إلى مجلس الأمن، الاثنين، أعلنت البعثة السورية الدائمة لدى الأمم المتحدة عن "رفض دمشق الأعمال العدائية العسكرية التي تشنها القوات التركية المحتلة منذ عدة أيام في البلدات والقرى الموجودة شمال شرق وشمال غرب سوريا، والتي أدت إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات العامة والخاصة والبنية التحتية في تلك المناطق، ونزوح عشرات العائلات السورية من منازلها وقراها هناك".

وجاء في الرسالة أن "محاولات النظام التركي إقامة ما يسمى بـ(المنطقة الآمنة) على الأراضي السورية يُعد عملاً عدوانياً مخزياً وجزءاً من سياسة التطهير العرقي والديموغرافي التي تمارسها حكومة أردوغان في الأراضي السورية المحتلة، وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مرفوضة بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي".

وأكدت دمشق، في الرسالة، على أن "سيادتها واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها لن تكون موضع ابتزاز أو مساومة من قبل النظام التركي المتطرف لتحقيق مكاسب على حساب الشعب السوري وسلامته الإقليمية وبما يتعارض مع الإجماع الدولي على ضرورة الحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها".

ورأت "نيوزويك" أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن ستنتقل في معارضتها لخطط أردوغان في سوريا من مجرد الأقوال إلى الأفعال.

ونقلت المجلة عن المتحدث الرسمي السابق باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" خلال التوغل التركي الأخير في سوريا، الجنرال مايلز كاجينز إنه "من غير المرجح أن يكون هناك أي مقاومة عسكرية أميركية لأي توغل آخر من هذا القبيل، فلا أتصور أبداً أن الولايات المتحدة ستُدافع فعلياً عن شركائنا على الأرض ضد أي عدوان من أحد حلفاء الناتو، وأعتقد أن هذا هو سبب دعم بايدن الشديد لطلبات فنلندا والسويد للانضمام إلى الحلف، وذلك رغم معارضة أنقرة".

وأضاف كاجينز أنه "في حال لم يلتزم أي طرف بقواعد الناتو، فإن هذا الطرف هو القيادة التركية"، مشيراً إلى أن "الهدف الشامل للولايات المتحدة يبدو واضحاً، إذ أن أولويتها هي الحفاظ على سلامة حلف شمال الأطلسي".

اقرأ أيضاً:

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.