تسبب بطء نقل المساعدات إلى بعض المناطق التي ضربها الزلزال في سوريا، بتفجّر سجال بين الأمم المتحدة والمعارضة السورية، فيما أعلن النظام السوري استعداده لإعادة النظر في فتح مزيد من المعابر الحدودية لإيصال المساعدة إلى الضحايا في شمال غربي البلاد الواقع تحت سيطرة المعارضة.
وتبادلت الأمم المتحدة والمعارضة السورية اتهامات بشأن بطء وصول المساعدات إلى بعض المناطق المتضررة، بينما تشكل الخلافات بين أطراف المشهد السوري، الذي مزقه الصراع الدائر منذ قرابة 12 عاماً، تحدياً إضافياً للعاملين في مجال الإغاثة، بحسب وكالة "رويترز".
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في دمشق، ينس لاركيه، إن نقل مساعدات الإغاثة من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا إلى الأراضي التي تسيطر عليها جماعات المعارضة "يتعثر بسبب مشكلات في الحصول على موافقة إحدى هذه الجماعات".
ولم تصل سوى كميات قليلة من مواد الإغاثة إلى تلك المنطقة بسبب إغلاق الخطوط الأمامية مع القوات الحكومية، ولا يوجد الآن سوى معبر واحد يربطها بتركيا في الشمال السوري، وفقاً لـ"رويترز".
وقال لاركيه لـ"رويترز" إن "هناك مشكلات في الحصول على موافقة" هيئة تحرير الشام، التي تصنفها الأمم المتحدة والولايات المتحدة "منظمة إرهابية"، من دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل، مكتفياً بقوله إن المنظمة الدولية "تواصل العمل مع الأطراف المعنية لدخول المنطقة".
وأعرب لاركيه عن أمل الأمم المتحدة في تكثيف العمليات عبر الحدود من خلال فتح نقطتين حدوديتين إضافيتين بين تركيا والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا لنقل المساعدات.
وأفاد لاركيه بأن منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيث "يكثف اتصالاته الدبلوماسية ويتحدث مع الجميع لفتح المزيد من المعابر الحدودية".
وسيطلع جريفيث مجلس الأمن الدولي على الوضع، الاثنين، ويأمل في تقديم "حجج قوية" على الحاجة الملحة لثني روسيا عن موقفها السابق في ما يتعلق بتقديم مواد الإغاثة عبر الحدود، إذ تضغط من أجل المزيد من عمليات التسليم عبر الخطوط الأمامية، لكن لاركيه قال: "من حيث حجم المساعدات وتواترها، فإن العملية عبر الحدود هي العرض الرئيسي".
من جهته، حضّ مبعوث الاتحاد الأوروبي إلى سوريا دان ستوينيسكو، النظام السوري على "عدم تسييس توصيل المساعدات الإنسانية والتواصل بحسن نية مع جميع الشركاء في مجال العمل الإنساني" لإيصال المساعدات لمن يحتاجونها.
وأشار ستوينيسكو إلى أنه "من المهم السماح بوصول المساعدات من دون قيود لكل المناطق التي تحتاجها، معتبراً أن "الخوض في لعبة زائفة لتبادل الاتهامات ليس بالأمر البناء، ولا يساعدنا في إيصال المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها في الوقت المناسب".
رد المعارضة
رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سالم المسلط، رد على اتهامات الأمم المتحدة بقوله: "نرفض بشدة ادعاءات الأمم المتحدة بأن المعارضة تمنع وصول المساعدات".
وأضاف على "تويتر": "ناشدنا وطالبنا منذ اللحظات الأولى للزلزال المدمر بدخول المساعدات عبر الحدود".
لكن وكالة "رويترز" نقلت عن مصدر في "هيئة تحرير الشام" قوله إن "الجماعة لن تسمح بدخول أي شحنات من مناطق تسيطر عليها الحكومة وإن المساعدات إلى الشمال ستصل من تركيا".
وأضاف المصدر، وهو غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام: "لن نسمح للنظام باستغلال الموقف للتظاهر بأنه يقدم المساعدة".
فتح معابر إضافية
وسط هذا الخلاف، أعلن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، الأحد، أن الرئيس السوري بشار الأسد أبدى استعداداً للنظر في فتح مزيد من المعابر الحدودية لإيصال المساعدات إلى ضحايا الزلزال في شمال غرب سوريا.
وقال جيبرييسوس للصحافيين: "بعد ظهر اليوم، التقيت سيادة الرئيس الأسد الذي أوضح أنه منفتح على فكرة (فتح) معابر حدودية (استجابة) لهذا الوضع الملح".
وتضررت نتيجة الزلزال طرق رابطة بمعبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة حالياً من تركيا إلى مناطق المعارضة.
وعلى الرغم من أن المساعدات عادت إلى التدفق عبر المعبر منذ الخميس، إلا أن الدعوات تتزايد لفتح نقاط عبور حدودية أخرى من أجل تسريع إيصال الدعم الضروري.
وقبل الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا، تم نقل جميع المساعدات الإنسانية الضرورية تقريباً لأكثر من 4 ملايين شخص يعيشون في مناطق المعارضة في شمال غربي سوريا من تركيا عبر معبر باب الهوى بموجب آلية تم إنشاؤها عام 2014 بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وترفض دمشق وموسكو هذه الآلية بدعوى أنها تنتهك السيادة السورية.
وانخفض عدد المعابر بمرور الوقت من 4 إلى واحد فقط بضغط من روسيا والصين. ومدد مجلس الأمن آلية التصريح للمعبر الوحيد في يناير لمدة 6 أشهر.
ورحب تيدروس "بالموافقة التي أعطتها الحكومة السورية أخيراً لقوافل الأمم المتحدة العابرة للحدود"، لتتمكن من إيصال المساعدات إلى مناطق المعارضة.
وكانت دمشق أعلنت موافقتها على ايصال المساعدات الدولية من المناطق التي تسيطر عليها، لكن منظمة الصحة العالمية ما زالت تنتظر الضوء الأخضر من السلطات في مناطق المعارضة لإدخال المساعدات.
وتابع تيدروس: "نحن في الانتظار، يمكننا الانتقال في أي وقت إلى الشمال الغربي بفضل التفويض الذي لدينا... من هذا الجانب. نحن الآن ننتظر الأنباء من الجانب الآخر، وعندما تصلنا، سنعبر في اتجاه الشمال الغربي".