كشف كتاب جديد أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي الجنرال مارك ميلي، كان قلقاً جداً من إمكانية إشعال الرئيس السابق دونالد ترمب، لحرب مع الصين، ححتى أنه أجرى اتصالين سريين بنظيره الصيني لي زوتشنج، في عهد ترمب، ليطمئنه بأن بلاده لا تسعى لذلك، وهو ما اعتبره الرئيس السابق "خيانة".
ويكشف كتاب "الخطر" Peril الذي ألّفه بوب وودوارد، وروبرت كوستا، ومن المقرر صدوره الأسبوع المقبل، أن الجنرال ميلي اتصل بنظيره الصيني مرتين، إحداهما قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت في نوفبر 2020 وبعد أحداث الكابيتول في 6 يناير "في محاولة لتجنب نشوب صراع مسلح"، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
وحسبما ورد في الكتاب، فإن اتصالي الجنرال ميلي بنظيره الصيني في الأشهر الأخيرة من إدارة ترامب جاءا لأنه كان "خائفاً جداً من أن تصرفات الرئيس (ترمب) قد تشعل حرباً مع الصين لدرجة أنه تحرك بشكل عاجل لتجنب الصراع المسلح".
ونقل الكتاب عن الجنرال ميلي، أنه أبلغ نظيره الصيني أن "الولايات المتحدة لن تنفذ عملاً عسكرياً ضد بلاده".
وأشار الكتاب إلى أنه تم إجراء إحدى المكالمتين في 30 أكتوبر 2020، قبل أربعة أيام من الانتخابات التي أطاحت بترمب، والأخرى في 8 يناير 2021، بعد يومين من حصار الكابيتول الذي نفذه أنصار الرئيس السابق في محاولة لإلغاء نتيجة الانتخابات.
المكالمة الأولى
وكشف الكتاب أن المكالمة الأولى جاءت مدفوعة بمراجعة ميلي للمعلومات الاستخباراتية التي تشير إلى أن الصين تعتقد أن الولايات المتحدة كانت تستعد لهجوم عليها.
وكتب المؤلفان أن هذا الاعتقاد كان مبنياً على التوترات بشأن التدريبات العسكرية في بحر الصين الجنوبي، وعمَّقها خطاب ترمب العدواني تجاه الصين، على حد تعبيرهما.
وقال ميلي لنظيره الصيني، "أريد أن أؤكد لكم أن الحكومة الأميركية مستقرة، وأن كل شيء سيكون على ما يرام .. لن نهاجمكم أو نجري أي عمليات حركية ضدكم".
وبحسب ما ورد في الكتاب، ذهب ميلي إلى حد التعهد بأنه سينبه نظيره بشكل مسبق في حالة وقوع هجوم أميركي، مؤكداً على "قوة العلاقة التي أقاماها من خلال قناة خلفية".
وذكر الكتاب أن ميلي طمأن نظيره الصيني بالقول، "الجنرال لي، أنت وأنا نعرف بعضنا البعض منذ 5 سنوات. إذا كنا سنهاجم، فسوف أتصل بك في وقت مبكر. لن يكون الأمر مفاجئاً".
المكالمة الثانية
وفي المكالمة الثانية، التي قال الكتاب إنها جاءت لمعالجة مخاوف الصين بشأن أحداث 6 يناير، لم يتم تهدئة لي بسهولة، حتى بعد أن وعده ميلي بالقول، "نحن ثابتون بنسبة 100%، وكل شيء على ما يرام".
لكن الكتاب قال إن "لي" ظل منزعجاً، وأن ميلي "الذي لم يبلغ ترمب بالمكالمة" كان يتفهم السبب.
وأوضح الكتاب، أن ميلي الذي عينه ترمب في 2018، كان يعتقد أن الرئيس يعاني من "اضطراب عقلي" بعد الانتخابات، بشكل ربما تسبب في قلق الصين من إمكانية تنفيذ عمل عسكري محتمل.
وأوضح الكتاب أن الجنرال ميلي بادر بالاتصال بنظيره الصيني اعتقاداً منه أن "الصين يمكن أن تهاجم هي الأخرى إذا شعرت أنها معرضة للخطر من رئيس أميركي لا يمكن التنبؤ به".
وأوضح الكتاب أنه في اليوم نفسه ، اتصل ميلي بالأدميرال المشرف على قيادة المحيطين الهندي والهادئ الأميركية، وأوصى بتأجيل التدريبات العسكرية، وامتثل الأدميرال لذلك.
الموقف من إيران
كما أوضح الكتاب أن موقف ترمب الذي وصفه المؤلفان بـ"الهجومي" لم يكن متعلقاً بالصين فحسب، بل كان الأمر يشمل إيران أيضاً، إذ يشير الكتاب إلى أن الرئيس الأميركي السابق لم يستبعد تنفيذ عمل عسكري ضد إيران أثناء مناقشات بشأن برنامجها النووي.
وأشار الكتاب إلى أن مديرة وكالة الاستخبارات المركزية في ذلك الوقت جينا هاسبل، انزعجت بعد اجتماع مع ترمب بهذا الشأن في نوفمبر واتصلت بميلي وأبلغته بأن "الوضع خطير للغاية"، وقالت له: "هل سنضرب بسبب غروره؟".
ويقول المؤلفان إن الكتاب يستند إلى مقابلات مع أكثر من 200 شخص، اشترطوا عدم ذكر أسمائهم.
رد ترمب
وفي رد على ما جاء في الكتاب، قال الرئيس السابق دنالد ترمب: إذا صح أن (الجنرال ميلي) اتصل سراً بالصينيين وقام بهذه الأشياء، وكان مستعداً لنصحهم مسبقاً بشان هجوم، فهذه خيانة"، وذلك خلال مداخلة له على شبكة "نيوز ماكس" الأميركية.
من جهته طالب عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ماركو روبيو الرئيس الأميركي جو بايدن بإقالة الجنرال مارك ميلي على خلفية هذه الأنباء.
وقال روبيو في خطاب وجهه إلى بايدن إن الجنرال مارك ميلي "عمل بفاعلية لتقويض قدرة القائد العام للقوات المسلحة، وفكَّر في تسريب معلومات سرية بشكل مسبق ومنطو على الخيانة إلى الحزب الشيوعي الصيني حول أي نزاع محتمل مع جمهورية الصين الشعبية".
واعتبر روبيو أن هذه التصرفات من الجنرال ميلي "تبرهن على افتقاره الواضح للرأي السديد"، داعياً الرئيس بايدن إلى "إقالته فوراً".
كما اعتبر روبيو أن ما قام به ميلي يعد تدخلاً في الإجراءات التي يمكن من خلالها للقيادة المدنية للقوات المسلحة (الرئيس) الأمر بتوجيه ضربة نووية، لافتاً إلى أن ميلي وجه المسؤولين بعدم تلقي الأوامر دون إطلاعه، وواصفاً هذه التصرفات بـ"السابقة الخطيرة".
اقرأ أيضاً: