المغرب.. حزب العدالة والتنمية يواجه "عزلة سياسية" قبل الانتخابات

time reading iconدقائق القراءة - 7
رئيس الحكومة المغربي والأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني خلال مؤتمر صحافي برفقة عدد من قيادات الحزب في الرباط، 21 مارس 2017 - Getty Images
رئيس الحكومة المغربي والأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني خلال مؤتمر صحافي برفقة عدد من قيادات الحزب في الرباط، 21 مارس 2017 - Getty Images
الرباط-أ ف ب

يواجه حزب العدالة والتنمية الذي يقود حكومة ائتلافية في المغرب منذ عشر سنوات عزلة سياسية بعد تفرده برفض قانون انتخابي مثير للجدل، يعتقد مراقبون أنه يستهدف إزاحته من رئاسة الحكومة، ولو فاز بالانتخابات المرتقبة الخريف المقبل. 

وينص القانون الذي تبنته سبعة أحزاب، أربعة منها تشارك في الحكومة التي يرأسها الحزب، على احتساب نتائج الانتخابات وتوزيع المقاعد استناداً إلى عدد كل المسجلين في اللوائح الانتخابية، حتى لو لم يدلوا بأصواتهم. في حين لم يكن يُحتسب سوى أصوات الناخبين الذين يشاركون في عملية الاقتراع، منذ بدء تنظيم الانتخابات في المغرب قبل ستة عقود. 

"استهداف الحزب"

ورغم أن كل الأحزاب الكبرى في البرلمان سوف تتضرر عملياً باعتماد هذا "القاسم الانتخابي" الجديد، إلا أن الحزب الإسلامي المعتدل انفرد بمعارضته، معتبراً أن "لا تفسير له سوى استهداف حظوظه الانتخابية"، كما قال أمينه العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني خلال اجتماع استثنائي لمجلسه الوطني مؤخراً.

ودان أمين عام الحزب "تراجعاً ديموقراطياً يضعف المؤسسات المنتخبة ويُبلقنها بشكل غير مسبوق في تاريخ المغرب".

ويرى المحلل السياسي مصطفى السحيمي أن الرهان الأساسي للقانون الجديد "يكمن في رئاسة الحكومة وتشكيل أغلبية، ولأن حزب العدالة والتنمية هو الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات، فإنه الخاسر الأكبر".

وتشير تقديرات مختلفة إلى أن الحزب مهدّد بفقدان 30 إلى 40 مقعداً باعتماد القاسم الجديد، ولو حافظ على عدد الأصوات ذاته الذي منحه 125 مقعداً نيابياً (من أصل 395) في انتخابات عام 2016. ومن شأن ذلك تعقيد مهمته في تشكيل حكومة للمرة الثالثة.

مناقضة النظريات

وواجه الحزب قبل خمس سنوات صعوبات كبيرة في تشكيل أغلبية حكومية. وأعفي زعيمه السابق عبد الإله بنكيران، الذي قاد الحزب إلى هذا الفوز الثاني، من رئاسة الحكومة بسبب خلاف دام أشهراً مع تكتل قاده رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش.

وعلى الأثر، كلّف الملك محمد السادس الرجل الثاني في الحزب سعد العثماني بتشكيل حكومة، فوافق على شروط التكتل التي رفضها سلفه، وشكّل الحكومة الحالية. وتأتي هذه التطورات قبل أشهر من الانتخابات النيابية المغربية.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، أحمد بوز، أن الهدف الأساسي لاعتماد القاسم الانتخابي الجديد "يكمن في الحيلولة دون استمرار العدالة والتنمية على رأس الحكومة".

ويضيف: "المشكلة أن هذا الأمر يناقض كل النظريات التي ندرّسها للطلاب، وغير موجود في أي دولة في العالم ديموقراطية أو ديكتاتورية".

ووصل حزب العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة بعد سنوات في المعارضة، بعد تظاهرات حركة 20 فبراير عام 2011، التي دفعت إلى إجراء إصلاحات دستورية.

وعرف بنكيران سابقاً بحضور إعلامي لافت أثناء رئاسته الحكومة، مديناً باستمرار ما كان يسميه "التحكم"، في إشارة إلى "الدولة العميقة"؛ وبتمسكه بـ"دور حزبه في تهدئة الشارع".

ويقول مصطفى السحيمي إن الحزب اليوم "بات معزولاً وفقد عملياً أغلبيته السياسية"، فيما يراهن الحزب على المحكمة الدستورية لإسقاط القانون المثير للجدل. 

"الكلمة للجميع"

في المقابل، تؤكد الأحزاب المؤيدة للقانون الانتخابي الجديد أهميته "لأن الديموقراطية هي إعطاء الكلمة للأحزاب والأقليات الصغرى"، وفق ما قال النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة) محمد حجيرة خلال التصويت عليه منتصف مارس، إثر جلسة صاخبة لمجلس النواب.

وبرزت أخيراً خلافات داخلية تجلّت خصوصاً في إعلان عبد الإله بنكيران، وهو أحد مؤسسي الحزب، قبل أسبوعين تجميد عضويته احتجاجاً على تبني الحكومة مشروع قانون لتقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية، رأى فيه "مجرد شرعنة للمخدرات". 

قبل ذلك بأسابيع، اهتز الحزب على وقع خلاف آخر حول استئناف المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل. واستقال رئيس مجلسه الوطني إدريس الأزمي احتجاجاً على "قبول وتبرير كل شيء"، قبل أن يتراجع عن الاستقالة.

ويوضح السحيمي أن الخلافات هي بين "خط حكومي لا يرى مانعاً في تقديم تنازلات وخط أكثر تشبثاً بمبادئ الحزب" الذي حرص، رغم ذلك، خلال اجتماع مجلسه الوطني الأخير على المجاهرة بوحدته، مراهناً على الفوز في الانتخابات المقبلة.

وتعاني كل الأحزاب السياسية عموماً صعوبات في تعبئة الناخبين. فقد أظهر استطلاعان للرأي مؤخراً أن 60% ممن يحق التصويت "لا يثقون بها"، بينما لا ينوي 64% منهم التوجه إلى صناديق الاقتراع.

اقرأ أيضاً: