حاول وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان أنتوني بلينكن ولويد أوستن، إقناع الرئيس جو بايدن بتمديد الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان خلال مارس الماضي، لكنه رفض، وفق مقتطفات من كتاب يصدر الثلاثاء المقبل.
وسحبت الولايات المتحدة الأميركية آخر جنودها من أفغانستان في 31 أغسطس المنصرم، لتُنهي بذلك حرباً استمرت 20 سنة، سيطرت في أعقابها حركة طالبان على الحكم.
وبحسب مقتطفات من كتاب "Peril" (خطر) للصحافيين بوب وودورد وروبرت كوستا نشرت القسم الأكبر منها شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، كان الرئيس الديمقراطي مصمماً على إنهاء أطول حروب الولايات المتحدة، وكان وزير الخارجية "متوافقاً مع بايدن على الانسحاب الكامل في البداية".
تأمين المفاوضات
بعد اجتماع مع شركاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مارس، أصدر بلينكن توصية مغايرة واقترح "تمديد المهمة لفترة معينة لاستكشاف ما إذا كان ذلك يمكن أن يعزز فرض التوصل إلى حل سياسي" بين الطرفين الأفغانيين المتحاربين، بمعنى آخر "كسب الوقت من أجل المفاوضات".
وبحسب مؤلفي الكتاب، اتصل بلينكن ببايدن من بروكسل لإبلاغه بأن وزراء دول الناتو يطالبون جميعاً بأن يكون الانسحاب الأميركي مشروطاً بتحقيق تقدم في عملية السلام.
ولم تخفِ بعض البلدان المنضوية في الحلف تحفظاتها على الانسحاب الأميركي الكامل الذي تقرر في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب ونُفذ في عهد بايدن.
وكان بلينكن كشف الاثنين خلال جلسة استماع أمام لجنة برلمانية أنه "نقل" إلى الرئيس ما "سمعه" من جانب أعضاء حلف شمال الأطلسي، لكي "يأخذه في الاعتبار" عندما يتّخذ قراره.
وأوضح وزير الخارجية الأميركي أن "الجميع أدلوا بوجهات نظرهم"، لكن في نهاية المطاف "أيد الجميع بالإجماع فكرة أن نغادر معاً".
واكتفت وزارة الخارجية الأميركية بالإحالة إلى ما ورد من تصريحات لدى محاولة وكالة "فرانس برس" الأربعاء استيضاح الأمر منها.
بايدن يخشى تحكم الجيش
في مارس الماضي، قدّم لويد أوستن اقتراحاً جديداً بانسحاب على ثلاث أو أربع مراحل، لتمكين واشنطن من ممارسة الضغوط على المفاوضين الأفغان، وفق الكتاب.
لكن بايدن رفض هذه التوصيات خوفاً من الغرق إلى ما لا نهاية في الحرب بأفغانستان. ونقل الكتاب عن بايدن القول خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي: "إن مهمتنا هي منع أفغانستان من أن تصبح قاعدة لهجمات ضد الوطن وحلفاء الولايات المتحدة من قبل القاعدة أو الجماعات الإرهابية الأخرى، وليس توجيه ضربة قاضية لطالبان".
وأشار الكتاب إلى أن بايدن يعتقد أن الجيش كان يتحكم في الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وأنه كان يخشى أن يحاول التحكم فيه خلال عملية الانسحاب، وفقاً لما نشرته "سي إن إن".
وفي منتصف أبريل الماضي، أعلن بايدن أنه قرر سحب كل القوات الأميركية من أفغانستان قبل حلول الذكرى السنوية العشرين لهجمات 11 سبتمبر التي استهدفت الولايات المتحدة في عام 2001 ونفّذها تنظيم القاعدة الذي كان يتّخذ من أفغانستان ملاذاً إبان حكم طالبان.
لكن الانسحاب سرعان ما تحوّل إلى كارثة حتى قبل خروج آخر جندي أميركي، إذ انهارت السلطات الأفغانية الموالية للغرب وعادت طالبان إلى الحكم بعد أن أطاح بها التدخل الغربي قبل 20 عاماً.