"أقسى انتقاد".. بايدن يفاجئ مسؤولي إدارته بـ"9 كلمات مرتجلة" عن بوتين

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال زيارته العاصمة البولندبة وارسو - 26 مارس 2022 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال زيارته العاصمة البولندبة وارسو - 26 مارس 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

بتسع كلماتٍ مرتجلةٍ في نهاية خطاب مدته 27 دقيقة، أثار الرئيس الأميركي جو بايدن ضجة عالمية، من خلال الدعوة إلى إبعاد نظيره الروسي فلاديمير بوتين عن السلطة، في حين نقلت "واشنطن بوست" عن مصدر مطلع على كواليس الخطاب، طلب عدم كشف هويته، قوله، إن كلمات بايدن لم تكن مجهزة مسبقاً، وكانت مفاجأة للمسؤولين الأميركيين.

"بحق الله، لا يمكن لهذا الرجل (بوتين) أن يبقى في السلطة"، 9 كلمات قالها بايدن، عن الغزو الروسي لأوكرانيا،  اعتبر محللون أنها تمثل "اعترافاً صريحاً بالواقع"، لكنها فاجأت مسؤولي الإدارة الذين تدافعوا لتفسير التعليقات، ومحاولة تجنب أي تصعيد للتوتر مع موسكو، والبحث عن مخرج دبلوماسي للأزمة، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

كان تصريحاً مثيراً من شأنه أن يعكس مسار السياسة الأميركية المُعلنة، ويتعارض بشكل مباشر مع مزاعم كبار مسؤولي الإدارة، بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذين أصروا على أن تغيير النظام ليس مطروحاً على الطاولة. 

ويبدو أن كلمات بايدن ذهبت إلى أبعد مما قاله حتى رؤساء الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة، وتردد صداها على الفور في جميع أنحاء العالم، وسعى قادة عالميون، ودبلوماسيون، وخبراء سياسة خارجية إلى الوقوف على ما قاله بايدن، وما يعنيه، وإذا لم يقصد ذلك، فلماذا قاله.

وبعد وقت قصير من الخطاب، سعى مسؤول في البيت الأبيض لتوضيح التعليقات، وقال إن "وجهة نظر الرئيس هي أنه لا يمكن السماح لبوتين بممارسة السلطة على جيرانه أو المنطقة. ولم يكن يناقش سلطة بوتين في روسيا أو تغيير النظام".

وبحسب الصحيفة، يبدو أن هذا التعليق أيضاً يوفر فرصة للتعرف على تفكير بايدن الحالي، وبعض من طريقة تفكير الإدارة في ما يتعلق ببوتين، ولكنه كان لافتاً للنظر بشكل خاص لأن إدارته بذلت جهداً لتجنب الإيحاء حتى بأن تغيير النظام هو هدف من أهداف الرد الغربي على العدوان الروسي.

وخلال خطابه من العاصمة البولندية وارسو، حذّر الرئيس الأميركي القوات الروسية من التقدم "إنشاً واحدا داخل أراضي حلف شمال الأطلسي"، واصفاً الغزو الروسي بأنه "فشل استراتيجي" لموسكو، خلال خطاب ألقاه في العاصمة البولندية وارسو حيث التقى مسؤولين ولاجئين أوكرانيين.

ووصف مقاومة أوكرانيا في مواجهة القوات الروسية بأنها جزء من "معركة عظيمة من أجل الحرية"، داعياً العالم إلى الاستعداد "لمعركة طويلة".

في المقابل، قال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، رداً على تصريحات بايدن بعد السبت، لوكالة "تاس" للأنباء، "على أيّ رئيس دولة أن يبقى حذراً"، مضيفاً "وطبعاً، كلّ مرة، تضيّق الإهانات الشخصية من هذا النوع نطاق علاقاتنا الثنائية مع الإدارة الأميركية الحالية".

مفاجأة للمسؤولين الأميركيين

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على كواليس الخطاب، طلب عدم الكشف عن هويته قوله إن جملة بايدن لم تكن مجهزة، وكانت مفاجأة للمسؤولين الأميركيين. 

في أعقاب التصريحات مباشرة، سارع المراسلون للعثور على مساعدي بايدن، والسعي للحصول على توضيح بشأن الرئيس الذي يدعم على ما يبدو تغيير النظام في روسيا، لكن مساعدي بايدن اعترضوا، ورفضوا التعليق بينما سارعوا لصياغة رد.

وأصر مسؤولو البيت الأبيض على أن التصريح ليس مؤشراً على تغيير في السياسة، لكنهم أقروا بأنه "كانت مجرد أحدث مثال على ميل بايدن إلى ارتكاب الزلات والخروج عن السياق. وعلى غرار العديد من تعليقاته غير المقصودة، فقد جاءت الكلمات في نهاية خطابه، وهو يرتجل ويحيد عن النص الذي صيغ بدقة على شاشة القراءة".

في هذا الصدد، قال آرون ديفيد ميللر، الدبلوماسي المخضرم والزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "كان الخطاب رائعاً للغاية. هذه واحدة من تلك الخطب، حيث جملة واحد يمكنها من نواحٍ كثيرة أن تغطي على مغزى الخطاب. لأن هذا هو بالضبط ما يركز عليه الناس".

وأضاف ميللر أنه لو لم يوضح البيت الأبيض على الفور، لكان التعليق قد أدى إلى تحوّل كبير في السياسة، وأعطى إشارة لبوتين بأن الولايات المتحدة ستحاول إبعاده من منصبه. وليس من الواضح ما هو التأثير الكامل المترتب على التعليق في الأيام المقبلة.

وتابع: "أعتقد أنه يمكننا أن نطلق على هذا الأمر زلة من القلب. إذا كان بإمكان بايدن إغلاق عينيه غداً والحصول على 10 أمنيات، فستكون إحداها حدوث تغيير في القيادة في روسيا".



"اعتراف صريح بالواقع"

على نحو مماثل، قال بعض المسؤولين، في كل من الولايات المتحدة وخارجها، إن تعليق بايدن كان "اعترافاً صريحاً بالواقع"، فمن المحتمل ألا ترتبط الولايات المتحدة بعلاقة طبيعية مع بوتين بعد الغزو. لكن القلق الأكبر، على المدى القصير، هو أن خطاب بايدن يمكن أن يصعد التوترات ويجعل من الصعب العثور على أي مخرج دبلوماسي.

في هذ الصدد، قال ريتشارد هاس، الدبلوماسي المخضرم ورئيس مجلس العلاقات الخارجية: "يجب أن تكون هناك أولويتان الآن: إنهاء الحرب بشروط يمكن أن تقبلها أوكرانيا، والحيلولة دون أي تصعيد من جانب بوتين"، مضيفاً: "وهذا التعليق كان غير متسق مع هذين الهدفين".

وأضاف: "إنه يثني بوتين عن أي حل وسط بشكل أساسي، إذا لم يعد لديه (بوتين) شيء ليخسره، فهذا يحرره. لماذا يتحلى بأي ضبط للنفس؟ وهذا يؤكد أسوأ مخاوفه، وهو أن هذا ما تسعى إليه الولايات المتحدة. الإطاحة به والتغيير المنهجي".

واعتبر هاس أن التصريحات ألقت بظلالها على رحلة سلسة نسبياً تهدف إلى حشد دعم إضافي لأوكرانيا، وزيادة إنفاذ العقوبات الإضافية وزيادة توحيد الحلفاء في الناتو.

ورأى أن المحبط في هذا الأمر، حتى الآن، هو أن إدارة بايدن تصرفت بانضباط كبير، مضيفاً: "هذا يتعارض مع مسار تعاملهم مع هذه الأزمة".

وتابع: "من الواضح أنهم أدركوا ذلك، لقد عادوا في غضون دقائق. المشكلة هي من وجهة نظر بوتين أن الرئيس كشف عن نواياه ونوايانا الحقيقية".

"قدر من الحقيقة"

من جهته، قارن ديفيد روثكوف، محلل السياسة الخارجية والرئيس التنفيذي لمجموعة روثكوبف، خطاب بايدن بخطاب الرئيس الأميركي الراحل جون إف كينيدي في برلين للتعبير عن تضامنه مع المواطنين الألمان في عام 1963.

وقال روثكوف: "في تعليق بايدن يوجد قدر من الحقيقة. لا يمكن لفلاديمير بوتين أن يهدم بلداً، ويقتل عشرات الآلاف من المدنيين، ويرتكب جرائم حرب متسلسلة، ويتوقع أن يلقى الترحيب مجدداً في مجتمع الدول. إذا كانت روسيا تريد أن تكون جزءاً من مجتمع الدول، فسيتعين عليها إحداث التغيير".

وأضاف: "الجملة التي أعتقد أنها ستكون بطبيعة الحال نوعاً ما خطيرة كما كانت بالفعل. لا ينبغي أن تصرف الانتباه عن الخطاب الأكثر أهمية، لكنها أيضاً لم تكن خطأ".

"آلة زلات"

تولى بايدن منصبه في الأبيض، بخبرة كبيرة في السياسة الخارجية، وكثيراً ما روج لعلاقاته مع قادة العالم وقدرته على التوصل إلى تسوية دبلوماسية.

ولكن إذا تصرف بعض القادة الآخرين كأنهم لاعبو بوكر متميزون لديهم أوراق لعب قريبة من صدورهم، فغالباً ما فشل بايدن في إخفاء نياته وأفكاره الحقيقية عندما يقف أمام ميكروفون.

ووفقاً لـ"واشنطن بوست" فإن الرجل الذي اعترف ذات مرة، "أنا آلة زلات"، لديه تاريخ طويل من الانحراف عن النص الذي يصوغه بدقة كُتاب خطاباته، وعدم القدرة على التحكم في كلماته كانت محل سخرية بين الموظفين طوال عقود.

وفي عام 1987 قال للصحافيين مازحاً "أشعر بأنني قادر جداً على استخدام فمي بشكل متزامن مع عقلي". 

وخلال حملته الرئاسية، كثيراً ما كان الرئيس بايدن يذكر جمهوره بالعبء الثقيل الذي يمكن أن تحمله كلمات الرئيس. وقال أكثر من مرة: "كلمات الرئيس محسوبة. يمكنها تحريك الأسواق. يمكنها إرسال رجالنا ونسائنا الشجعان إلى الحرب. يمكنهم إحلال السلام". بل يمكنها أيضاً، كما اكتشف السبت، إثارة ضجة عالمية في وسط حرب.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات