بين موسكو وواشنطن.. 3 قمم تحاصر دول جنوب شرق آسيا في نوفمبر

time reading iconدقائق القراءة - 6
وزراء خارجية دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) يجتمعون في العاصمة الإندونيسية جاكرتا. 27 أكتوبر 2022 - AFP
وزراء خارجية دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) يجتمعون في العاصمة الإندونيسية جاكرتا. 27 أكتوبر 2022 - AFP
بانكوك -أ ف ب

ستضطر دول جنوب شرق آسيا للسعي إلى "توازن صعب" مع روسيا، الشريك الاقتصادي الذي يجب أن تحافظ عليه، في مواجهة ضغوط الولايات المتحدة لعزل موسكو، قبل 3 قمم دولية الشهر الجاري.

ووصل تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا إلى جنوب شرق آسيا التي سيتعين عليها الخروج عن صمتها لمناقشة هذه المسألة الحساسة وتداعياتها الاقتصادية، في سلسلة من الاجتماعات الدبلوماسية المقررة في نوفمبر.

وهناك ثلاث قمم على البرنامج هذا الشهر، وهى قمة رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان) في عاصمة كمبوديا بنوم بنه (بين 11 و13 نوفمبر)، وقمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا، (بين 15 و16 من الشهر نفسه)، وقمة رابطة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في عاصمة تايلاند بانكوك (بين 18 و19 نوفمبر الجاري).

ودعت إندونيسيا التي تقوم بالوساطة، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحضور قمة مجموعة العشرين، لكن أياً من الرئيسين لم يؤكد مشاركته حضورياً.

ومن المقرر أن توقّع أوكرانيا أيضاً معاهدة صداقة وتعاون مع دول "آسيان" في بنوم بنه في كمبوديا، حيث طلب زيلينسكي إجراء مداخلة عبر الفيديو خلال القمة.

وأكّد الخبراء الذين تواصلت معهم وكالة "فرانس برس"، أن هذه الكتلة الإقليمية التي تضمّ عشر دول والتي جعلت عدم التدخل أحد مبادئها الأساسية، لا ينبغي أن يتوقع أحد منها أن تتخذ موقفاً واضحاً تجاه كييف وموسكو.

وما زال أعضاء آسيان منقسمين بين الحاجة إلى التجارة مع روسيا والخوف من انتقام شركائها الغربيين الذين يريدون عزل موسكو.

تجنب الخلافات

وقالت الباحثة في معهد دراسات جنوب شرق آسيا في سنغافورة جوان لين، إن "(آسيان) ستواصل التعاون مع روسيا، وستبقي على الوضع الراهن"، مضيفة أن "العديد من الدول الأعضاء في الرابطة يحسنون تلافي المسائل الخلافية".

وتجسّد تايلاند سياسة الطريق الثالث هذه، لا مع ولا ضد، فالمملكة، على غرار لاوس وفيتنام والصين والهند، امتنعت عن التصويت في أكتوبر على قرار الأمم المتحدة الذي يدين الضم الروسي لمناطق أوكرانية في شرقي البلاد.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة "شولالونجكورن" في بانكوك سوراتشارت بامرونجسوك: "يعتقد القادة التايلانديون أن الامتناع عن التصويت مفيد للبلاد، لأنهم يتوقعون شيئاً في المقابل من روسيا"، مثل السياح.

في نهاية أكتوبر، استأنفت شركة الطيران الوطنية الروسية "إيروفلوت" خدماتها بين موسكو وجزيرة "بوكيت السياحية"، بعد أكثر من ستة أشهر من الانقطاع المرتبط بالصراع في أوكرانيا.

لكن من جهة ثانية، تعتبر سنغافورة التي تدعم علناً العقوبات ضد موسكو، استثناءً.

وقال المحلل من مؤسسة "آسيا سوسايتي" الفكرية في أستراليا فيليب إيفانوف، إن موسكو يمكنها أن "تستخدم لصالحها" صمت جنوب شرق آسيا "لإظهار أن لديها أصدقاءً في آسيا".

وأضاف: "ستحاول روسيا تقديم نفسها كشريك اقتصادي وسياسي محايد، يحترم المنظمة واستقلال (آسيان)".

أسواق بديلة

وفي سبتمبر الماضي، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"الدور المتزايد" لآسيا التي تتّجه إليها روسيا بشكل أكثر فأكثر على أمل إيجاد أسواق وموردين جدد ليحلوا مكان أولئك الذين خسرتهم بسبب العقوبات الأوروبية والأميركية.

وعزّز الكرملين صلاته خصوصاً بحليفين قديمَين، هما فيتنام وبورما اللذين يُعتبر المجلسان العسكريان الحاكمان فيهما، من عملاء قطاع الأسلحة الخاص بموسكو.

كذلك، تبيع روسيا المحروقات لجنوب شرق آسيا، وهي ضرورية لدعم نموها الذي يعتبر من الأكثر ديناميكية في العالم.

وكانت شركة النفط الحكومية الإندونيسية "بيرتامينا" أخدت في الاعتبار الحصول على النفط الروسي بسعر مخفّض، لكنها لم تؤكد توقيع أي عقد مع روسيا منذ بداية صراع أوكرانيا.

وتظهر هذه الترددات مجال عمل روسيا المحدود في (آسيان) التي تعد تاسع أكبر شريك تجاري لها. وهذه المنطقة تهيمن عليها في الحقيقة القوى الصينية والأميركية التي لا تنوي التخلي عن ثقلها هناك.

وأوضح إيفانوف أن الولايات المتحدة "متخوّفة" من الوجود الروسي، وموسكو "حريصة على عدم إثارة غضب بكين" التي تدعي الحياد تجاه الصراع في أوكرانيا.

ودفع الخوف من العقوبات الأميركية بإندونيسيا والفيليبين إلى التراجع عن عقدَين لمعدات عسكرية روسية وقّعا قبل بدء غزو أوكرانيا.

وقال إيفانوف "لدى روسيا الكثير من العمل الذي يجب أن تقوم به في جنوب شرق آسيا من أجل زيادة وجودها الاقتصادي والدبلوماسي، لكن يمكننا أن نتوقع رؤيتها أكثر حضوراً في المنطقة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات