الكونغرس يستهدف وقف توظيف الصين لعلماء وأكاديميين أميركيين

time reading iconدقائق القراءة - 7
مبنى الكونغرس في واشنطن - 26 مايو 2021 - Bloomberg
مبنى الكونغرس في واشنطن - 26 مايو 2021 - Bloomberg
دبي- الشرق

يسعى الكونغرس إلى عرقلة قدرة الصين على توظيف علماء وأكاديميين في الولايات المتحدة، في إطار تحركات أوسع في واشنطن لمواجهة نفوذ متنام لبكين، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وأشارت الوكالة إلى أن مشروع قانون أقرّه مجلس النواب أخيراً، لتعزيز البحث والتطوير في الولايات المتحدة، سيمنع علماء وأكاديميين من المشاركة في مشاريع بحثية تموّلها واشنطن، إذا كانوا يتلقون أيضاً دعماً من بكين.

وقال النائب الجمهوري راندي فينسترا، الذي قدّم المشروع، خلال جلسة استماع في هذا الصدد: "طيلة سنوات، عمل الكونغرس، ووكالات أبحاث فيدرالية، ووكالات الأمن القومي، والجامعات، على استئصال توظيف أجنبي خبيث للمواهب. حان الوقت لمنعهم من تلقي دولارات دافعي الضرائب الأميركيين".

ويُعدّ تمرير مشروع القانون في مجلس النواب، مؤشراً آخر على العلاقة المتوترة بين أضخم اقتصادَين في العالم، حتى على مستوى البحث الأكاديمي، الذي جذب مئات الآلاف من الطلاب والعلماء الصينيين إلى الولايات المتحدة.

كذلك يتزامن مع انتهاج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سياسة متشددة إزاء الصين، إذ تخطّط لتبنّي خطوات لحماية المصالح الأميركية، بما في ذلك إصدار تحذير للمستثمرين الجمعة الماضي، بشأن أخطار الأعمال التجارية في هونغ كونغ، التي باتت تخضع لقانون للأمن الوطني فرضته بكين. في غضون ذلك، يتحرّك الكونغرس لفرض عقوبات على الحكومة الصينية، بشأن التجارة وحقوق الإنسان والملكية الفكرية.

برنامج "1000 موهبة" الصيني

وباتت مسألة كيفية مواجهة محاولات بكين للحصول على معلومات حساسة، أو خاصة، من خلال وسائل أخرى غير التجسس التقليدي، متعبة بالنسبة إلى المشرعين ومؤسسات إنفاذ القانون في آنٍ، وفق "بلومبرغ".

وربطت وزارة العدل بين بكين ونحو 60% من كل قضايا سرقة الأسرار التجارية، كما أن نحو 80% من كل محاكمات التجسّس الاقتصادي، تنطوي على سلوك من شأنه أن يفيد الحكومة الصينية.

وفي هذا السياق، اقترح مجلس الشيوخ إجراء تدقيق اتحادي أكثر تشدداً، للتبرعات لمؤسسات التعليم العالي الأميركية، من الخارج. لكن نبرة الاقتراح خُففت، إثر تضمينه في تشريع أوسع لتعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة، بعدما شكت كليات وجامعات من أن متطلّباته ستكون مرهقة ومؤذية في النهاية، بالنسبة إلى الابتكار في البلاد.

مشروع القانون الذي طرحه فينسترا، يُلزم "مؤسسة العلوم الوطنية" أن تشترط بأن يشهد الأفراد بأنهم ليسوا مشاركين نشطين في "برنامج أجنبي خبيث لتوظيف المواهب". ورغم أن المشروع يشمل كوريا الشمالية وروسيا وإيران، يتّضح أنه يستهدف برنامج "1000 موهبة" الصيني، لجذب علماء ورجال أعمال من مؤسسات أميركية كبرى.

هذه المبادرة، المدعومة من الحكومة الصينية، رُبطت باعتقالات على مستوى بارز في الولايات المتحدة، شملت الأستاذ في جامعة هارفرد، تشارلز ليبر، الذي وُجّهت إليه اتهامات بالإدلاء بتصريحات كاذبة للسلطات الفيدرالية، بشأن مشاركته في البرنامج. في المقابل، أكد ليبر أنه ليس مذنباً، وينتظر محاكمته.

"مبادرة الصين" لوزارة العدل

ونقلت "بلومبرغ" عن سارة سبريتسر، مديرة العلاقات الحكومية، قولها إن "المجلس الأميركي للتعليم"، وهو مجموعة تجارية للجامعات الأميركية، أعلن أنه يتابع برنامج "1000 موهبة"، منذ أن أعدّ مجلس الشيوخ، في عام 2019، تقريراً بشأن خطط بكين لتوظيف المواهب. وخلص التقرير إلى أن الصين تسعى إلى البحث والخبرة الأميركيين، لتحقيق مكاسب اقتصادية وعسكرية.

وأضافت سبريتسر أن الكونغرس كان واضحاً في أنه لا يريد وقف كل التبادلات الأكاديمية، مشيرة إلى أنه يدرك أهمية هذه الشراكات البحثية والتبادلات العلمية. وتابعت: "علينا أن ننظر عن كثب في كيفية تعريف برامج توظيف المواهب. من الأفضل التركيز بشكل ضيّق على بلدان معيّنة. (فعل) أي شيء آخر، للتركيز عليه أكثر، من أجل معالجة تلك المخاوف المحددة، هو أفضل من حظر أي برامج تبادل أكاديمي أو علمي بين تلك الدول".

واعتبرت إميلي واينشتاين، وهي محللة أبحاث في "مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة"، أن نهج مجلس النواب يقضي على أخطار موروثة، في التركيز بشكل ضيق جداً على الصين أو برنامج "1000 موهبة"، وهو أحد الانتقادات الموجّهة إلى "مبادرة الصين" التي أعدّتها وزارة العدل، وتستهدف التجسس الاقتصادي وعمليات النفوذ.

وقالت واينشتاين: "لا نريد تشكيل جهاز للأمن القومي، لاستهداف دولة واحدة، لأننا بذلك نؤذي أنفسنا. هذا ليس أمراً يستهدف أي شخص تحديداً، ولا ينطبق على الباحثين الصينيين، مثلاً. هذا أمر ينطبق على أي شخص في الولايات المتحدة، يفعل شيئاً يتعارض مع مصالحها في الأمن القومي، أو حتى مع الحرية الأكاديمية الأميركية".

"افتراضات عنصرية صريحة"

لكن توبيتا تشاو، مدير مجموعة "العدالة عالمية"، نبّه إلى أن لهذا الإجراء تأثيراً سلبياً محتملاً في البحث، معرقلاً التعاون بين واشنطن وبكين. وأضاف: "هناك كل حملات القمع هذه، التي ترتكز إلى إحساس متضخم بالتهديد الذي يشكّله الباحثون من الصين. وأنا قلق أيضاً من أن كثيراً من هذا الأمر سببه مجرد سوء فهم عميق لكيفية عمل الحكومة الصينية، والذي يتضمّن افتراضات عنصرية صريحة بشأن الشعب والدولة في الصين، والمستمرة منذ فترة طويلة في أجهزة استخبارات كثيرة" بالولايات المتحدة.

وكان فينسترا ذكر أن اقتراحه "لن يحظر التبادل المشروع للأفكار العلمية والتعاون"، مضيفاً أنه سيظلّ يسمح للباحثين بالمشاركة في مؤتمرات دولية، وتبادلات أخرى مفتوحة للأبحاث. واستدرك أنهم لا يستطيعون فعل ذلك أثناء تلقيهم دعماً من أيّ من البلدان المعنية.

ويعدّ مجلس النواب مشروع قانون، يشكّل رداً على "قانون المنافسة والابتكار الأميركي"، الذي أقرّه مجلس الشيوخ، ويتضمّن خططاً بقيمة 250 مليار دولار. ورجّح النائب فرانك لوكاس، أبرز عضو جمهوري في لجنة العلوم بمجلس النواب، إمكان التوفيق بين نسختَي مجلسَي النواب والشيوخ، في سبتمبر أو أكتوبر المقبلين.

وإضافة إلى زيادة الإنفاق المسوح به في "مؤسسة العلوم الوطنية"، وإنشاء مديرية تكنولوجية جديدة لمساعدة الولايات المتحدة على التنافس مع الصين، يأمل المشرعون أيضاً في تخصيص اعتمادات طارئة بقيمة 52 مليار دولار، لجذب مصنّعي أشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة.

إقرأ أيضاً: