تقرير: قلق أميركي من تنامي العلاقات بين الصين وروسيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الصيني شي جين بينغ (إلى اليمين) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع خلال قمة مجموعة دول البريكس في برازيليا، البرازيل، 14 نوفمبر 2019 - AFP
الرئيس الصيني شي جين بينغ (إلى اليمين) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع خلال قمة مجموعة دول البريكس في برازيليا، البرازيل، 14 نوفمبر 2019 - AFP
دبي-الشرق

قالت مجلَّة "بوليتيكو" الأميركية إن المسؤولين الأميركيين يبدون قلقاً متزايداً من نمو العلاقات الصينية الروسية، تزامناً مع المساعي الاستراتيجية في واشنطن لإعادة توجيه السياسية الخارجية الأميركية من أجل التركيز بشكل أكبر على صعود الصين.

ووفقاً للمجلة، فإنه من المتوقع أن يناقش الرئيس الأميركي جو بايدن علاقات موسكو ببكين خلال اجتماعه الأربعاء، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتبره الرئيس الصيني شي جين بينغ "صديقه المفضل".

ونقلت المجلة عن مسؤول رفيع في إدارة بايدن قوله إنه لسنوات طويلة بدت العلاقات بين الصين وروسيا مقصورة على التعاون التكتيكي أو الشراكة المؤقتة القائمة على المصلحة، لكن مؤخراً يبدو أن العلاقات في طور التحول لتكون أكثر استدامة واستراتيجية.

وأضاف: "ما شاهدناه خلال العقد الأخير هو شيء أعمق وبصراحة أكثر إثارة للقلق، وأعتقد أنه في مستوى ما عليك أن تقول إن هذه العلاقة تعمل وكأنها أقرب إلى التحالف".

وكشف المسؤول أنه تمت إحاطة الرئيس بايدن حول موضوع العلاقات الصينية الروسية، كما أنه تعمق في المعلومات الاستخباراتية حولها.

ونقلت المجلة عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن هذه العلاقات كانت أيضاً موضوعاً لإحاطة طلبها خصيصاً وزير الخارجية أنتوني بلينكن.

لكن المسؤول الرفيع في إدارة بايدن قال إنه "في هذه المرحلة المبكرة من فترة بايدن الرئاسية، ومع خلو العديد من المناصب الرئيسة، فإن الإدارة لا تزال في حاجة إلى البحث عن أفضل الآليات لمراقبة الديناميكية الناشئة بين بكين وموسكو".

علاقات متقلبة

ووفقاً لمجلة "بوليتيكو"، شهدت العلاقات بين بكين وموسكو الكثير من التقلُّبات، فعند قيام جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر 1949، سارع الاتحاد السوفييتي حينها إلى الاعتراف بها، ثم بحلول الخمسينات كانت تربط البلدين علاقات اقتصادية، وقدَّما سويا الدعم العسكري لكوريا الشمالية في حربها مع كوريا الجنوبية المدعومة من الولايات المتحدة.

لكن العلاقات شهدت فتوراً في الستينات مع صراع الدولتين للهيمنة في المجال الشيوعي، ووصل الأمر إلى مواجهات بين القوات السوفيتية والصينية على حدودهما المشتركة. ثم في عام 1980 انضمت الصين إلى مقاطعي أولمبياد موسكو، وفي نهاية ذلك العقد اتفق البلدان على تطبيع العلاقات.

تنسيق دبلوماسي

وأشارت المجلة إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، عملت الصين وروسيا في كثير من الأحيان جنباً إلى جنب على الصعيد الدبلوماسي، خصوصاً في المؤسسات الدولية متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، لافتة إلى أن البلدين يقتديان ببعضهما عادة في القضايا المهمة بالنسبة لهما. ففي سوريا على سبيل المثال، تنحاز الصين غالباً إلى روسيا التي تنشر قواتها في البلد الشرق أوسطي الذي مزقته الحرب. 

كما أن التجارة الثنائية بين البلدين آخذة في الازدياد، مع تخطيها حاجز الـ100 مليار دولار أميركي، وهو رقم يخطط البلدان، بحسب المجلة، لمضاعفته بحلول عام 2024.

التعاون العسكري

لكن المقلق أكثر بالنسبة للولايات المتحدة، كما تقول المجلة، هو ما يبدو من تعاون عسكري وتكنولوجي متزايد بين الصين وروسيا.

وعند سؤال المسؤول الرفيع في إدارة بايدن عن أمثلة لهذا التعاون، أورد قائمة طويلة: "الطائرات المقاتلة المتطورة، وتكنولوجيات السرعة فائقة الصوت، والرادارات الفعالة جداً، وأنظمة المعارك المتكاملة التي تربط بشكل أكثر فعالية بين مجموعة من الخدمات المختلفة، والدفع النووي فيما يتعلق بالغواصات، والرؤية الليلية، وغيرها"، لافتاً إلى أنه في جميع هذه المجالات فإن "روسيا والصين تعملان معاً بشكل وثيق".

وكان المحللان أندريا كيندال-تايلور، وديفيد شولمان، أشارا مؤخراً في مجلة "فورين أفيرز" إلى أن روسيا والصين تنفذان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة أكثر تكراراً وتعقيداً، لافتين إلى أن التعاون التكنولوجي بين البلدين قد يتيح لهما في النهاية الابتكار معاً على نحو أسرع مما تستطيع الولايات المتحدة أن تقوم به وحدها.

قضايا خلافية

لكن مسؤولين أميركيين سابقين حذروا، بحسب المجلة، من المبالغة في العلاقات الروسية الصينية، مشيرين إلى أن البلدين حتى هذه اللحظة لا يتعاونان بسلاسة، كما أن هناك الكثير من عدم الثقة.

وأشارت المجلة في هذا الصدد إلى اتهام روسيا للصين في السنوات الأخيرة بسرقة تكنولوجياتها العسكرية، كما أن موسكو مرتابة أيضاً من نوايا بكين عندما يتعلَّق الأمر بالطاقة والمبادرات الأخرى في المنطقة القطبية الشمالية.

كذلك قد يجد البلدان نفسيهما على خلاف فيما يتعلق بالهند، فروسيا هي مورد سلاح أساسي للهند ولديها عموماً علاقات قوية مع نيودلهي، أما الصين فعلاقاتها بالهند متوترة، مع انخراط البلدين في مناوشات حدودية كان آخرها خلال العام الجاري.

وتبرز أيضاً، بحسب المجلة، احتمالية استياء روسيا من دورها كشريك ثانوي للصين، وهو ما قد يعززه توسع الصين اقتصادياً في بلدان آسيا الوسطى، وما وراءها من المناطق التي كانت تعتبر لفترة طويلة بمثابة الحديقة الخليفة لروسيا.

ولفتت المجلة في هذا الصدد إلى اختلال التوازن الاقتصادي بين الجانبين، إذ تبدو بكين أكثر هيمنة، فهي الشريك التجاري الأكبر لروسيا، في حين أنَّ الأخيرة لا توجد حتى ضمن العشرة الأوائل في شركاء الصين التجاريين، كما أن الصين أيضاً تلعب دوراً أكبر بكثير في التجارة العالمية، إذ تفوق قيمة صادراتها إلى الولايات المتحدة فقط قيمة الصادرات الروسية إلى العالم كله.

اللعب على الانقسامات

وقال ديفيد آر ستيلويل الذي عمل مساعداً لوزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب: "لا أعتقد أنه يجدر بنا استثمار الكثير من الوقت في محاولة تفكيك هذه الشراكة، ودفعها إلى التآكل"، لافتاً، بحسب "بوليتيكو"، إلى أن هذا التآكل سيحدث تلقائياً "مع تطفل الصين على مناطق النفوذ الروسي".

وقالت المجلة إن الرئيس بوتين يعي جيداً اختلال التوازن في القوى الذي تواجهه روسيا مع الصين، وهو ما جعل بعض المحللين يشيرون إلى أنَّ التحشيدات العسكرية الروسية الأخيرة على الحدود الأوكرانية قد تكون مجرد محاولة من بوتين لتذكير إدارة بايدن بأنه لا يمكن تجاهل روسيا، وذلك في وقت جعلت فيه هذه الإدارة من الصين همها الجيوسياسي الأول.

وأكد المسؤول الرفيع في الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة عليها أن تكون حذرة ومتفطنة في أي محاولة لاستغلال الانقسامات بين بكين وموسكو، فعلاقاتها بالبلدين متوترة بما فيه الكفاية.

ولفت إلى أن كلا البلدين (الصين وروسيا) متفطنان إلى المحاولات لخلق التوترات بينهما أو تفريقهما، وهما يركزان على ما يعتبرانه المشكلة الأكبر والأكثر تهديداً، وهي الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: